أحمد سعيد:

تعرف الصحافة بأنها المهنة التي تقوم على جمع وتحليل الأخبار والتحقق من مصداقيتها وتقديمها للجمهور، وغالبا ما تكون هذه الأخبار متعلقة بمستجدات الأحداث على الساحة السياسية أو المحلية أو الثقافية أو الرياضية أو الاجتماعية وغيرها.

إلا أنه وبالرغم من هذا، كانت الصحافة دوما موضع اتهام بعكس ذلك، بدءا من عدم التحقق من مصداقية الأخبار لكسب الانتشار وتحقيق السبق، وأحيانا كان الكذب المتعمد هو السبيل لذلك.

وحين تكون الصحافة غير حرة ولا تعد سوى أداة في أيدي الأنظمة الحاكمة، ففي هذا الوقت تكون الفبركة طريقها والكذب غايتها.

أما إذا بحثت عن نموذج لما سبق الإشارة إليه؛ فلن تجد أفضل من الصحافة المصرية لتكون أفضل مرادف لعملية بحثك.

فمنذ قيام ثورة يناير 2011، وبعد انتخاب الدكتور محمد مرسي كأول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر الحديث، مرورا بأحداث الانقلاب العسكري الذي وقع في يوليو 2013، وحتى كتابة هذه السطور؛ دأبت المؤسسات الصحفية المصرية التي كانت موالية لنظام الرئيس المخلوع مبارك، على الكذب والفبركة وتشويه صورة الثورة وثوارها.

وكانت هذه المؤسسات الرسمية منها،  كالأهرام والأخبار والجمهورية وتوابعهم، أو المملوكة لرجال النظام، كالمصري اليوم والوطن واليوم السابع والفجر والأسبوع وفيتو والتحرير وغيرها، كانت كلها منابر للفبركات والتصريحات الكاذبة وإطلاق الشائعات، خاصة في فترة حكم الرئيس مرسي.

أما الفترة الأخيرة التي أعقبت الانقلاب العسكري؛ شهدت ما صدر عن تلك المؤسسات من الفبركات والأكاذيب، لترسيخ أقدام العسكر في حكم مصر، من إلصاق تهم ملفقة للمعارضين لنظام السيسي، تسببت في سجن الآلاف وأحكام بالمؤبدات والإعدام، إلا أن صحيفة اليوم السابع كان لها وضع خاص في هذه اللعبة.

اليوم السابع.. (الصحيفة والموقع) التي يديرها أحد الصحفيين المثيرين للجدل "خالد صلاح"، وتتبع ملكية رجل الأعمال الأكثر إثارة للجدل "أحمد أبو هشيمة"، أحد أهم أدوات المخابرات الحربية التابعة لقائد الانقلاب، أصبحت نموذجا -حسب ظني- لم يظهر في التاريخ الصحفي، ولا حتى في عهد جمال عبدالناصر طاغية الستينات في مصر، ولا في عهد الديكتاتور الألماني أدولف هتلر في أوج احتلاله لأوروبا وترويج الأكاذيب على شعبه.

وكانت الأزمة الخليجية الأخيرة، وتعامل اليوم السابع معها، هي ما دفعتني لكتابة هذا المقال، لما رأيته من فُجر وكذب، وإصرار غير عادي عليهما فاق الوصف.

فكلما طالعت موقع وصحيفة أبو هشيمة، منذ شهر ونصف الشهر، وجدت أفلام وقصص خيالية نسجتها عقول صحفيين، أستحي أن يطلق عليهم صحفيين، فقط على صفحات اليوم السابع تندلع المظاهرات وتخرج المسيرات وتنفجر زجاجات المولوتف في العاصمة القطرية الدوحة، ضد أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

فقط ترى على اليوم السابع الشوارع المكتظة بالغاضبين، وعبارات "إرحل" المكتوبة على الجدران التي رسم عليها القطريون صورة أميرهم تحت عنوان "تميم المجد".

فقط على اليوم السابع تجد أخبار المعارضين القطريين الذين أكدوا لصبيان "خالد صلاح" عن أن الإطاحة بالأمير مجرد مسألة وقت.

ففي تقريرها المنشور مساء الثلاثاء الماضي والمعنون “بالصور.. المظاهرات تجتاح قطر قبل “جمعة الغضب” تحت شعار “ارحل يا تميم”، ذكرت “اليوم السابع” أن نشطاء قطريين نشروا على مواقع التواصل الاجتماعى صورًا للمظاهرات التي اندلعت، إذ أشعل المتظاهرون النيران فى إطارات السيارات لمنع قوات الأمن التركية والإيرانية المنتشرة فى العاصمة لحماية تميم بن حمد ونظامه، من الاشتباك معهم.

وزعمت الصحيفة المخابراتية أن الدعوات تصاعدت عبر مواقع التواصل الاجتماعى للنزول إلى الشوارع والميادين الرئيسية بالعاصمة القطرية الدوحة للإطاحة بأمير الفتنة، خاصة يوم الجمعة المقبل، وكشفت مصادر خليجية أن تميم يستعد لإجهاض أى بوادر للثورة ضده بالقوات التركية وعناصر الحرس الثورى الإيرانى المنتشرين فى ربوع البلاد، وفق صريح عبارتها.

وتابعت نقلا عن مصادر بالمعارضة القطرية لم تسمّها مثلما هي العادة، أن مئات الآلاف من القطريين سئموا من الأوضاع الحالية فى الإمارة الغنية، بل وقالت عن أن المواطن القطري(( البسيط)) سئم الوضع الحالي بسبب الحصار، لا أعلم كيف فكر كاتب الخبر في هذه الكلمة ((البسيط)) في دولة هي الأولى عالميا في مستوى الرفاهية، والأعلى دخلا للأفراد أيضا، وسئم أيضا من كبت الحريات وسياسة الاعتقال والظلم والاستبداد، وتفضيل المجنسين خاصة ذوي الأصول الإيرانية عن أبناء البلد الأصليين، وكأنّها بذلك تتحدّث عن الإمارات التي يقطنها مئات الآلاف من  الإيرانيين وليس قطر.

صفحات التواصل الاجتماعي سرعان ما كشفت حقيقة الصور المنشورة في تقرير الصحيفة المخابراتية، حيث تبيّن أن الصور “الحديثة” قديمة، ومن المفارقة أنها كانت في المملكة العربية السعودية التي تزعم “اليوم السابع” الدفاع عنها.

فيا إدارة هذه الصحيفة التي فضحت مصر بسببها عالميا.. بالله عليكم أخبروني؟.. كيف تصنعون هذا؟! كيف تتفقون على إدارة هذا الأمر بينكم؟! كيف توزعون الكذبات على كتابكم ومحررينكم؟! ما هي طينة هؤلاء العاملين لديكم؟! كيف ينظرون إلى أنفسهم في المرآة؟!..

ولكني حقيقة غير مستغرب هذا.. فمن أيد القتل وهلل لسفك الدماء، لن يجد غضاضة في أن يكون كذابا أفاقا، عونا للشيطان، بائعا آخرته بدنياه.. ومن الله سبحانه وتعالى نسأل السلامة والنجاة.
 

 

المقال يعبر عن رأي كاتبه، ولا يعبر بالضرورة عن رأي نافذة مصر