كشفت القناة العبرية الثانية، اليوم الخميس، تفاصيل جديدة عن صفقة سرية باعت بموجبها الكنيسة الأرثوذكسية، أراضي وقفية في أحياء غربي القدس المحتلة، لبلدية الاحتلال في المدينة.

وقالت القناة على موقعها الإلكتروني: إن الصفقة وقعت بين الكنيسة اليونانية ومجموعة حيتان العقارات لصالح بلدية الاحتلال التي ستخصصها لمستثمرين يهود، مؤكدة أن الآلاف من سكان القدس اكتشفوا أن بيوتهم بعد سنوات لن تصبح بملكيتهم.

وأشارت القناة إلى أن مجموعات شراء سرية، وظفت الملايين من يد ليد وعقد واحد ينقل ملكية الأحياء الأغلى في المدينة لأيدي شركات خاصة.

وبينت أن المعلومات "المفزعة" لسكان القدس انتشرت يوم الثلاثاء الماضي، وخصوصا لـ1500 عائلة التي تسكنها وبعضها يسكن منذ عشرات السنوات في الأحياء القديمة في قلب المدينة، وأن الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية باعت الأراضي التي بملكيتها لمجموعة مشترين.

بيع 500 دونم

المعلومات التي نشرتها القناة العبرية أكدت ما كشفته صحيفة "كلكليست" الاقتصادية "الإسرائيلية" قبل أيام عن الصفقة السرية، التي تشمل بيع خمسمائة دونم (الدونم=ألف متر مربع) من أصل 560 دونما من أراضي البطريركية الأرثوذكسية بالقدس، تقع في حيي الطالبية والمصلبة وما يعرف اليوم بشارع الملك داود ومحيط حديقة الجرس وغيرها من الأحياء.

وفي هذا النوع من الصفقات تتم عملية البيع عدة مرات، وتمت الصفقة الأولى في خمسينيات القرن الماضي مع الصندوق القومي لكن عبر السنوات الملكية انتقلت لعدة جهات حتى وصلت لبلدية القدس.

وجرى الكشف عن الصفقة عقب تقدم كنيسة الروم الأرثوذكس بدعوى لمحكمة الاحتلال المركزية بالقدس بهدف الحصول على تعهد من بلدية الاحتلال يقضي بعدم مطالبتها الكنيسة بدفع ضريبة الأملاك "الأرنونا".

ووفق القناة العبرية الثانية؛ فإن مئات من أصحاب الشقق الذين اجتمعوا لجلسة طارئة، فهموا أن الصفقة تمت ليس فقط من وراء ظهورهم، وإنما من خلف سلطات الاحتلال، وخصوصا الصندوق الوطني للأراضي – كيرن كييمت.

صفقات سرية

وتعود ملكية الكنيسة لهذه الأراضي للقرن التاسع عشر عندما اشترت في هذه الفترة مساحات شاسعة -4500 دونم- في مركز القدس، وباتت هذه الأملاك تتبع البطريركية اليونانية الأرثوذكسية التي أجّرت هذه الأراضي لسلطات الاحتلال (بعد احتلال 1948) لمدة 99 عاما مع إمكانية التجديد.

وأوضحت القناة العبرية أن المساحة المباحة تبلغ 500 دونم في قلب القدس، وتقدر بقيمة 130 -114 مليون شيكل (الدولار 3.5 شواكل)، وهذا مبلغ مثير للسخرية، وفق قولها.

وأكدت أن مجموعات سرية اشترت أراضي من الكنيسة في ما يسمى شارع "عجنون"، وأيضا منطقتين إضافيتين بيعتا في المنطقة لمجموعات أخرى، فيما يجرى الحديث الآن عن مفاوضات حول مئات الدونمات ولا يعلم أي شخص ماذا سيحدث عند انتهاء فترة الاستئجار بعد 18 عاما.

وقالت: "خلال سنوات سيتحقق لحيتان العقارات ملكيتهم لآلاف الشقق، ولا نعلم هل سيجبرون أصحاب الشقق التي دفعوا ثمنها من حر مالهم أن يدفعوا أموالا كبيرة مقابل بقاء الشقق لهم".

خلفيات قديمة

وطبقا للباحث المتخصص في تاريخ الكنيسة الأرثوذكسية وأوقافها أليف صباغ، فإن الكنيسة أبرمت عامي 1951 و1952 صفقتي بيع للصندوق القومي اليهودي، الأولى يسري مفعولها لمدة خمسين عاما والثانية لمدة مائة عام، ويعد العقد ملغى بعدها تعود ملكية الأراضي لبطريركية الروم بالقدس.

وأضاف في حديث سابق نقلته "الجزيرة نت" أنه على مدار السنوات الماضية توالت محاولات الصندوق القومي اليهودي لإلغاء هذا البند عبر تجديد العقود.

مساعي الصندوق الحثيثة للحفاظ على الصفقة الأساسية بإلغاء هذا البند وتجديدها وصولا إلى إتمامها بالكامل -والتي منيت بالفشل خلال تسلم أسلاف البطريرك الحالي كيريوس ثيوفيلوس الثالث كرسي البطريركية- أتت أكلها عام 2011، عندما وقع ثيوفيلوس على بيع جميع حقوق الإيجار والاستئجار، وفق صباغ.

وفي العام المنصرم، وقع البطريرك على بيع جميع أراضي البطريركية التي شملتها الصفقتين اللتين أبرمتا في خمسينيات القرن الماضي بالكامل، وما كشفت عنه الصحيفة "الإسرائيلية" التي تعنى بالشأن الاقتصادي ما هو إلا إعلان دخول الصفقات لمرحلة جديدة وهي خروجها بالكامل من يد بطريركية الروم بالقدس.

وتتوالى الاتهامات لثيوفيلوس بإبرامه صفقات بيع وتسريب مشبوهة مع الاحتلال، لعقارات وقفية كنسية في عدة مدن فلسطينية، كان أشهرها صفقة تسريب أراض تابعة للكنيسة في دير مار إلياس الواقع على طريق القدس- بيت لحم.