د. عز الدين الكومي:
 

 

"البرادعي" الذي لم يعترف حتى يومنا هذا بأنه أجرم في حق الشعب المصري، والاعتداء على إرادته الشعبية التي جاءت بأول رئيس منتخب في تاريخ البلاد، كما أنه لم يعترف ولو لمرة واحدة بأن ما حدث في مصر هو انقلاب عسكري مكتمل الأركان، في لقائه مع شبكة (سي إن إن) الأمريكية قال بصريح العبارة: ما حدث ليس انقلابا عسكريا، إنها ثورة شعبية، على الرغم من تأكيد المذيعة بأنه انقلاب عسكري قائلة: أليس من قام به هم العسكر؟ فكان رد "البرادعي" بكل بجاحة: لكن العسكر لم يحكموا!
ما الفرق بين "أحمد وصفي" و"البرادعي"؟
وعندما قالت له المذيعة: ولكن العسكر أعطى ما لا يملك إلى من لا يستحق، قال "البرادعي": ما حدث تصحيح لمسار الثورة، لان "مرسي" اعتدى على الحريات العامة وحرية الإعلام !! وحتى بعد ما فضحته المذيعة بقولها: لكن بعد بيان القوات المسلحة بعزل الرئيس "مرسي" بعشر دقائق تم غلق سبعة عشرة قناة بدون إذن قضائي، قال "البرادعي": أعتقد أن ما حدث هو إجراء احترازي للمحافظة علي الأمن القومي!!
نفس عبارات عسكر كامب ديفيد حينما يعتبرون المساس بمصالحهم من مسائل الأمن القومي!!
فقالت له المذيعة: لكن الرئيس "مرسي" لم يتخذ هذا الإجراء طوال عام كامل، وكان رد "البرادعي" بدون حياء أوخجل: "مرسي" قسم الشعب وهدد وحدته الوطنية، والإخوان قاموا بالاستيلاء على جميع مؤسسات الدولة!! ـ ويكرر ـ: هذا ليس انقلابا، هذا وضع مؤلم ومحزن للأسف، لقد مررنا بانتخابات رئاسية حرة ولكن الرئيس أخفق للأسف، وعندما يكون هناك عشرين مليون شخص في الشارع فعليه التفكير بأن عليه التنحي فورا، هذا وضع محزن والقرار كان مؤلما، فإما أن نستمر ونجازف بوضع فيه حرب أهلية أو نأخذ بعض الإجراءات الاستثنائية، التي يمكنها إصلاح ما نتج عن ثورة عام 2011. وقمنا باتخاذ إجراءات فوق دستورية، لكي نتمكن من إعادة تسوية الأوضاع!!
"البرادعي" يعتبر الانقلاب العسكري وإغلاق الصحف ومصادرة الحريات واعتقال الآلاف إجراءات فوق دستورية، وهو الذي لم يحترم القانون والدستور يوماً!!
وقد اعترف "البرادعي" بخيانته وعمالته للغرب، حينما قال في ندوة لمعهد الجامعة الأوربية: إنه في يوليو 2013 كان عليّ أن أكون جزءاً من المعارضة ولكن لكي أقول نحن بحاجة إلى نهج توافقي شامل!! لكن ما حدث بعد ذلك كان عكس ما وقعت (أو وافقت) عليه، وهو انتخابات رئاسية مبكرة وخروج مشرف للسيد "مرسي"، وافقت على الوصول لنهج شامل يكون الإخوان والإسلاميون جزءا منه!! لقد وقعت (أو وافقت) على خطة عمل عليها صديقي "برنارد ليون" لكن بعد ذلك تم إلقاء كل هذا من النافذة، بدأ العنف يسيطر وبمجرد أن يسيطر العنف ليس هناك مكان لشخص مثلي!!
وهذه الشهادة تعني إدانة صريحة لكل ما جرى من خطوات، بدءاً من سفك دماء آلاف المعتصمين السلميين في فض اعتصامي رابعة والنهضة، وقفز قيادات العسكر على السلطة، وشيطنة المعارضين وتخوينهم وحبسهم، وهو عكس ما قاله العسكر لشركائهم فى جبهة الخراب!!
واليوم يحاول "البرادعي" يعيد تدوير نفسه مرة أخرى، لغسل يديه من الدماء، والتبرؤ من الاشتراك في الانقلاب، حتى يمكن طرحه كبديل في حالة سقوط النظام الانقلابي!!
وبعد كل هذا ذهب إلى لندن للحديث فى ندوة عن حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية، التي ساهم في انتهاكها، ولكن عدداً من الشباب الغاضبين قاموا بالهجوم عليه، واتهامه بدعم الانقلاب العسكري وأنه قاتل للمصريين، وعندما بدأ الحديث عن حقوق الإنسان قاطعته فتاة قائلة له: ولكنك ضيعت حقوق الإنسان في بلدك حينما دعمت انقلابا عسكريا، وصمتّ عن ستة عشر مجزرة ارتكبها العسكر بعد انقلاب يوليو 2013!!
والطريف أن عددا من الكتاب هبوا للدفاع عن "البرادعي"، واعتبروا ما حدث معه من بعض الشباب في لندن غير مقبول، وكان يتوجب عليهم اتباع سلوك مختلف، بعيداً عن السب والشتم، ويشرح بهدوء للحاضرين، جريمة "البرادعي" بالمشاركة والتمهيد للانقلاب على الإرادة الشعبية، و صمته وتبريره لقتل الشباب، في المجازر التي ارتكبها العسكر، حين كان في موقع المسؤولية، وأن يطالبوا "البرادعي" نفسه بالاعتذار الصريح عن تلك الجرائم والتحرك لإنهاء الحكم العسكري، كما تحرك للتسويق للانقلاب، وأن ما حدث مع "البرادعي" في لندن لا يليق.
وقال أحدهم: المشغولون بمعارك الأمس، وليس بمعارك المستقبل يؤذون أنفسهم ويدمرون قضيتهم، هذه عدمية سياسية، وأن "البرادعي" ظلم من الجميع، وأنه خدع مثلما خدع كثيرون غيره ... إلى آخر ما هناك من هذا الهراء!!
وأقول لهؤلاء: إذا كنتم تعتبرون أن الاعتراض على البرادعي و توبيخه وفضحه لا يليق, فهل الانقلاب يليق؟ و ذبح الآلاف في رابعة و النهضة يليق؟ واعتقال الآلاف من الشباب وتصفية الكثيرين منهم دون محاكمة يليق؟

 

المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي نافذة مصر