بقلم : مجدي مغيرة

فعلت النخبة المصرية في الشعب المصري مثلما يفعل الحريص على ماله خوفا من المستقبل ، إذ يحرم نفسه من متع الدنيا ادخارا للمال من أجل مستقبل سيستمتع فيه بكل شيء !!!

ويظل على هذا الحال حتى يأتيه أجله ، ولم يستمتع بمال ، ولم يستلذ براحة ، ولم ينعم بدنيا ، ولم ينل من أولاده سوى كراهيتهم له ، ورغبتهم الأكيدة في موته ؛ لينفتح أمامهم طريق المتع الذي حرمهم منه أبوهم بحجة أن ذلك يؤمن لهم مستقبلا مريحا .

إن النخبة المصرية باسم الحفاظ على مدنية الدولة من خطر "المتأسلمين" ومن "تجار الدين" تآمرت مع العسكر على فصيل من أكبر الفصائل التي لاقت رواجا وقبولا من الشعب المصري وهو تيار الإخوان المسلمين .

وخوفا من وصول الإخوان باسم الديمقراطية إلى كرسي الحكم ، سلموا الكرسي للأبد إلى العسكر الذي لم يحفظ لهم يدا ، بل داس على رؤوسهم بحذائه ، وقطع لسان كل من يفكر في انتقادهم ، بل واستخدمهم لتحقيق أطماعه ، و يا ليته حين استخدمهم أكرمهم ، بل أذلهم وأهانهم ، وقد رأينا كيف كان ترتيب حمدين صباحي الثالث في انتخابات الرئاسة المصممة خصيصا ليكتسحها السيسي، فقد حاز على ثلاثة أرباع المليون صوتا بينما كان مجموع الأصوات الباطلة مليون وثلاثمائة ألف صوت ، بينما حاز السيسي على حوالي 23 مليون صوت تقريبا.

ومن قبل حمدين كان البرادعي الذي لم يجد بدا من الفرار إلى أوربا والاكتفاء من هناك بتغريدات على تويتر  لاتسمن ولا تغني من جوع  بعد أن شارك في جريمة العصر مذبحة رابعة والنهضة .

  ومن ظن منهم أنه يمكن أن يفتح فمه بكلمة ، فقد جاءه الرد سريعا بالمحاكمات والأحكام  كما حدث لأحمد دومة الذي كان يقف أمام بيت الدكتور مرسي بحزمة البرسيم دون أن يمسه أحد ولو بكلمة ، وقل مثل ذلك على علاء عبد الفتاح ، وأحمد ماهر ، و القتل بالرصاص الحي كما حدث لشيماء الصباغ ، فضلا عن الصمت المطبق لبعضهم كأحمد حرارة الذي لم يكن له هم سوى الدعوة لإبادة الإخوان ، وشماتته  لما حدث لهم من مذابح واعتقال ومطاردة  .

والسيد عمرو موسى الذي شارك في صنع الدستور ، ثم اختفى تماما من الساحة ، إيثارا للسلامة .

 أما اليوم ، فنجد بعضهم يبكي على ما فات ويتحسر على ما كان كعمرو حمزاوي .

أما هؤلاء الذين هتفوا للعسكر ، وصفقوا للسيسي ، فحالهم اليوم لا يُسِر عدوا ، ولا يفرح صديقا ، فقد ضاقت عليهم الأرض بما رحبت  ما بين غلاء أسعار ، وانهيار اقتصاد ، وفقدان فرص العمل ، وانهيار منظومة التعليم ، وانحطاط الأخلاق ، وارتفاع نسبة الجريمة ، وضياع الأمن والأمان .

آفة هؤلاء كلهم أنهم باسم الحفاظ على البلد من التقسيم على يد الإخوان ، سلموها لمن يعمل على تمزيقها وبيعها بالقطعة في سوق النخاسة ، وباسم وقف تدهور البلد أعطوها غنيمة باردة لمن تسبب في انحطاطها ، وخروجها من التصنيفات العالمية في الصحة والتعليم والعمل والإنتاج ، ودخولها من أوسع الأبواب في التصنيفات العالمية للجريمة والبطالة والفساد والمحسوبية وانتهاك حقوق الإنسان .

آفة هؤلاء جميعا أنهم ظنوا أن الوصول للإصلاح لا يكون إلا بالقتل والظلم والقهر والخوف والاستبداد والدكتاتورية .

إن استمرار الوضع على ما هو عليه لا يعني سوى مزيد من تدهور الأحوال ، ولا يعني سوى مزيد من تفاقم المصائب ، ولا يعني سوى مزيد من توالي الكوارث .

 وإن لم يتحرك الناس لوقف كل ذلك ، وإن لم يتخلصوا من جبنهم وخوفهم ، وإن لم يتخلصوا من حقدهم وبغضهم ، فسوف يدفعون ثمن كل ذلك من أنفسهم وأموالهم وأعراضهم وكرامتهم وشرفهم إن كان بقي لهم شيء من ذلك .

عن أبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ رضيَ اللَّه عنْهُ قالَ يا أيُّها النَّاسُ تقرؤونَ هذِهِ الآية "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ" [المائدةَ : 105] وإنِّي سمعتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ يقولُ :"إنَّ النَّاسَ إذا رأوا الظَّالِمَ فلم يأخذوا على يديْهِ أوشَكَ أن يعمَّهمُ اللَّهُ تعالى بعذابٍ منْه"  أخرجه ابن مفلح بإسناد صحيح في كتابه الآداب الشرعية والمنح المرعية ,

وفي رواية أخرى بسند صحيح في مسند الإمام أحمد بن حنبل :" إنَّ النَّاسَ إذا رأَوا الظَّالمَ فلم يأخُذوا علَى يديهِ أوشَكَ أن يعُمَّهُمُ اللَّهُ بعقابِهِ" .