يحيى عقيل :

 

كانت القبيلة فى سيناء السياج الذي حمى مكونات المجتمع من التصادم وكانت أعراف القبيلة دستور يحترم تسير به حياة الناس ، ومن خلاله يتم حل مشاكلهم ، ووقع ذلك في نفوس الناس بمكانة الاحترام والتسليم التام فلكل شئ عرف يلجأ اليه الناس ولا تجد للمخالفة قبول عند الناس أبدا.

وجاءت الدولة المصرية بعد اول حالة استقرار في حياة القبيلة السيناوية بعد عام ١٩٨١واجتهدت الدولة ايما اجتهاد لنقل الناس من بداية القبيلة الى مواطن الدولة والتعامل بقانون الدولة والرضوخ لسلطاتها وتوثيق معاملات الناس وتسجيلها بشكل قانوني ، من توثيق الزواج الى توثيق عقود البيع والشراء وربط حياة الناس بالوظيفة وجعل الدولة والارتباط بها هو المصدرالرئيسى للدخل.

وذهبت ابعد من ذلك في محاولات جادة الى توطين البدو والقضاء على الحياة البدوية المنطلقة المستعصية على كل قيد المنطلقة انطلاقة الطبيعة ، فعمدت الى انشاء قري بدوية لتسكين البدو الرحل في محاولة لتدجين المجتمع واحكام السيطرة عليه بعيدا تماما عن محاولات التنمية المستدامة والحفاظ على طبيعة المكون الاجتماعي الطبيعي بما يمثل من قوة وثروة وتاريخ وثقافة ، حتى آلت الأمور الى ماهي عليه الان قبيلة في الشكل العام اقل تماسكا وأقل تعارفا وأضعف بنيانا وساعدت الكثير من أبناء القبيلة على الخروج عن اعرافها بالالتجاء الى قوة الدولة وحمايتها بل ساعدت من يمكن تسميتهم بسفهاء القبائل والخارجين عن إجماعها وأعرافها وتجار الممنوعات والمحذورات وجعلتهم رجالاتها والأكثر علاقة بها وجعلت لهم قدرة على تخليص مصالح ومشاكل الناس بوساطاتهم، حتى أصبحت القبيلة أشبه بالرجل المريض او الشيخ الكبير الذي يُطلب منه بعد عن فقد قوته وانتهبت ثروته وفقد سيطرته ان يقدم خدماته، فهو يريد ان يفعل بما عنده من نخوة الماضي ولكن الواقع أقعده فلا يستطيع فعل شئ.

مع ذلك ظلت الحالة التعليمية والثقافية والأخلاقية في مستوياتها البدوية والحياة الاقتصادية فاحشة الثراء مرتبطة بعلاقات ما بأجهزة الدولة وقليل صنع ثروته من تجارات وعلاقات مشبوهة صدّرته مشهد حياة الناس، وأرغمت شيخ القبيلة من ان يكون كبيرا لاهله يجمع كلمتهم ويفصل بينهم الى موظف أمني يوقع يوميا في سجلات قسم الشرطة واصطحبه حملات المداهمة لاقتحام بيوت النشطاء ليلا إهانتهم قبل ان تستخدمهم وفقدوا دورهم وتأثيرهم وكذلك وشرفاء كثر مطحونين في تفاصيل حياتهم اليومية ، فقل الاجتماع وضعف الارتباط ، ثم دخلت الدولة ذاتها في صراع مع أفراد يجمعهم فقط عداوة النظام وتفرقهم كل تفاصيل حياتهم وتحت سياط التعذيب والقتل والبطش وعدم مواربة باب او فتح نافذة نقاش او حوار تجمع الأضداد لقتال دولتهم التي كانت نظرتها للبدو الرحل اولا هي ذات النظرة الى المقاتل الفار بحياته المدافع عن وجوده.

رغم ان مبررات الاقتتال عند جندي الدول الذي يؤدي خدمة مؤقتة في جيش دولة لا توفر لأهل بيته مقومات الحياة الاساسية واذا فقد حياته فلن توفر لهم شئ أصلا فهو مشغول بانهاء خدمته ليبدأ مشوار بناء حياته وبين جندي الولاية الذي يحمل بندقيته ليدافع بها عن حياته فمعركته معركة وجود لا مصالح.

فشلت الدولة العظيمة ذات التاريخ الممتد والجيش الجرار في مواجهة بضع مئات من المقاتلين الصحراويين المشتتين بين الجبال ، هنا عادت الدولة الى القبيلة تبحث في دفاترها القديمة وتطالب القبيلة ، على القبيلة ان تمنع ابنائها ، على القبيلة ان تقدم معلومات عن الإرهابيين ، على القبيلة ان تقوم بدورها ،على القبيلة ان تحمل السلاح وتقاتل الى جوار الدولة ، ياسيدتي يادولتي الحبيبة الفاجرة لم تعد هناك قبيلة كما كانت قبل ان تبذلي كل جهودكي لتخرجيها عن طبيعتها ولتدجني أفرادها تحت وطأة السوط والرغيف

فابحثوا عنان معين آخر فقد جففتم مياه القبيلة واهنتموها

 

المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي نافذة مصر