حنان السيد:

 

خطّة تقسيم العراق القادمة هي فكرة إقليمية و دوليّة بامتياز، شاركت فيها دول الطوق العراقي، خاصّة إيران، ودولة الاحتلال الأمريكي. فبعد سحب القوات الأمريكية الاستعمارية من العراق بدأت مرحلة التقسيم الفعلى الذى خطط لها الغرب وساعدهم فيها الحكام العرب وإيران أعلنت صراحة بأنها ستحرّك شعبها للدفاع عن المقدسات في النجف وكربلاء، أي في المناطق الشيعية، وكذلك أيّدها حسن نصر الله من لبنان والذي وعد بإرسال أضعاف المقاتلين الذين أرسل بهم إلى سوريا !!

وكأنّ البلاد لا أهل لها، وكأن العراق لم ينجب رجالا يدافعون عنه !!. فكرة تقسيم العراق ليست جديدة بالنسبة لواشنطن بل هى قديمة وبدأت تطفو على السطح في تقارير ودراسات صادرة عن مراكز أبحاث أميركية، بخصوص مستقبل المنطقة، في تسعينيات القرن الماضي، فقد اعدت المشاريع والدراسات تمهيدا لتنفيذها بعد احتلال العراق لإعادة رسم خارطة بلدان المشرق العربي، بإنشاء كيانات طائفية ومذهبية وإثنية متحاربة، تكون أرضية لعودة السيطرة الاستعمارية الغربية على المنطقة وثرواتها، تحت مسمى التحالف والحماية.

ولقد أظهر الكتاب الامريكين هذا المخطط فى كتابتهم ومن بينهم برنارد لويس وصموئيل هنتينغتون، اللذان يعتبران الأبوين الروحيين لـ"المحافظين الجدد" في الولايات المتحدة. ويدعي لويس وهنتينغتون أن إعادة تقسيم بلدان المنطقة "تصويب لخطأ تاريخي وقع في سايكس- بيكو، حيث لم يتم تقسيم المنطقة على أسس طائفية ومذهبية وإثنية".

لقد أطلق برنارد لويس مقولة فجة ووقحة في أيار(مايو) 2005 قال فيها: "الحل السليم للتعامل مع العرب هو إعادة احتلالهم واستعمارهم، وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية، وفي حال قيام أميركا بهذا الدور، فإن عليها أن تستفيد من التجربة البريطانية والفرنسية في استعمار المنطقة، لتجنُّب الأخطاء والمواقف السلبية التي اقترفتها الدولتان، إنه من الضروري إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلى وحدات عشائرية وطائفية، ولا داع لمراعاة خواطرهم أو التأثر بانفعالاتهم وردود الأفعال عندهم..".

ويكمل تقسيم العراق الآن الرئيس الجديد لأمريكا ترامب حيث أعلن عن تطور خطة احتلال العراق حين يتحدث عن نهب أموال بترول وثروات العراق – علنا وبصلافة -، وحين يعلن عن عدم وجود حكومة معتد بها في العراق (وهي أمريكية الصنع كما هو معلوم)، وكذا حين يصعد من لهجته بشأن دور إيران في العراق.

نحن الآن فى مرحلة عبثية فى العراق وهى الحديث عن نهب الثروات البترولية وعدم وجود حكومة يعتد بها، وعن دور إيران في العراق ليس إلا إيضاحا وترتيبا وبداية لخطوة جديدة في مخطط تقسيم العراق، باعتباره شرط لازم لإنجاز اللصوص مهمة سرقة واستنزاف ثرواته.

يتم الآن مخطط التهجير القسرى على سنة العراق في حزام بغداد مناطق المحمودية واللطيفية واليوسفية وفي محافظات الجنوب البصرة ومحافظة بابل منطقة جرف الصخر التي طرد أهلها منها ولا يسمح لهم بالعودة وكذلك محافظة ديالى التي في بعض مناطقها فرغت من سكانها واحتلها الشيعة عن طريق المليشيات وتنظيم الدولة الذي يمهد للمليشيات بالسيطرة على المناطق وفى ظل تقسيم المجتمع السنى وعدم وجوده ككتلة امام الشيعة والأكراد أصبح المجتمع السني تائه ومشرذم وتجتاحه أزمة ثقة رهيبة بكل من يعمل مع الحكومة أو يحاول أن ينتشلهم مما هم فيه لايعجبهم أحد ولا يثقون بأحد وكل واحد منهم له رأي ويسيطر إعلام البعث بتبيض تاريخهم الأسود والبكاء على أطلالهم الظالمة مشيدا ببعض الانجازات التي اختفت حاليا إنهم يتباكون على دكتاتور يتمنون ان يأتي ويحصد الرؤوس ويحكمهم بالنار والحديد

لا توجد مقاومة سنية لتواجه التقسيم وسلب الثروات يوجد معارضة ضعيفة جدا ومن يحاول الإصلاح يعرض نفسه للاغتيال والتهديد لاتوجد مقاومة ومن تقاوم ؟ دخل الكثير من البعثية تحت مسمى داعش والمقاومة وكانت وبال عليهم الوضع العام فى العراق الآن مناطق السنة ومحافظاتهم هي فقط من خُربت وهجر اهلها وقتل علماؤها وناشطيها (الانبار .الموصل .تكريت .ديالى ..ومناطق حزام بغداد ..وجزء من كركوك ..) عندما تظاهر الناس ولم يستطيعوا اسكاتهم أدخلوا داعش فيها وعاثت في أرضها خرابا وقتلا وسرقة وتفجيرا وما لم تكمله داعش من الخراب والحرق أكملته الحكومة بحجة التحرير من داعش فأدخلت المليشيات والحشد وأذلوا الناس وقتلوهم واعتقلوهم وحرقوا البيوت ودمروا البنية التحتية ..

أما المحافظات الشيعية والكردية فهي آمنة لم يصبها شي حتي ان المحافظات الكردية اصبحت ملجأ لأهل السنة وكذلك استولى الأكراد على كثير من مناطق اهل السنة بحجة التحرير وبحجة أن فيها أكراد وكأننا نرى التمهيد لانفصال الأكراد وتقسيم العراق والجمهور السني كان يرفض رفضا قاطعا مسألة الأقاليم بحجة أن ذلك يؤدي إلى التقسيم لكن بعد الذل والخراب الذي اصاب مناطقهم نتيجة داعش والمليشيات متمثلة بالحشد الشعبي أصبحوا ينادون بالتقسيم علنا لعلهم ينجون من حكومة طائفية تقودها إيران وكأننا ضيعة من ضيعاتها يقيننا وأملنا فى الله كبير أن يستفيق أهل العراق ويعودوا كسابق عهدهم وافضل وتعود العراق كما كانت حاضنة للعلم والعلماء منارة الحضارات والتراث غنية بالثروات طاهرة من الفاسدين والمفسدين

 

المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي نافذة مصر