د. عز الدين الكومي :

 

الانقلابى جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، أحال قرار منع «البناطيل المقطعة» إلى البرلمان، لأن الأمر بالنسبة له يعتبر مصادرة للحرية، لكن عندما أصدر قرارا قبل شهور بمنع المنتقبات من دخول الجامعة، والتدريس بالنقاب، لم يكن الأمر آنذاك مصادرة للحرية!!

وكان عدد من أعضاء برلمان العسكر، منهم آمنة نصير، التى طالبت بمنع دخول الطالبات إلى الحرم الجامعى والمدرجات مرتديات ملابس غير لائقة أو«بناطيل مقطعة»، وقامت بتوجيه نداء لرئيس جامعة القاهرة، بأن يقف بقوة لتنفيذ هذه الدعوة بقرار إداري من الجامعة، كما فعل في قضية حظر النقاب، قائلة: إن أبناءنا يرتدون هذه الملابس لا عن علم أو عقيدة، ولكن لمجرد الموضة، وإن هذه الملابس نوع من ضياع الثقافة واحترامنا لذاتنا، وإن الحرية لها حدود وضوابط، والحرية لا تعنى أن تؤذى العين، ولا تشوه مظهر الجامعة، ثم أى حرية أن يجلس الطلاب بجانب بعض ورجليهم مقطعة!! لكن لا مانع أن يجلسوا ورجليهم غير مقطعة، إنها حرية جابر نصار، وأدعياء تجديد الخطاب الدينى!!

كما أن منى عبدالعاطي -عضو لجنة التعليم ببرلمان العسكر- طالبت بضرورة منع دخول الطلاب إلى الجامعات بأزياء غير لائقة مثل الشورت والبنطلون المقطع والبيجامة، لأن ذلك فى الجامعة مرفوض، ولا يعد حرية شخصية، بل هو انفلات يجب منعه بقرارات إدارية أو بقانون يمنع دخول المتجاوزين في الزى.

كما أعلن عضو اللجنة الدينية ببرلمان العسكر، عبد الكريم زكريا، عزمه التقدم بمشروع قانون يلزم الجامعات والمدارس بتحديد زى موحد لارتدائه لمواجهة ظاهرة الملابس غير اللائقة بالجامعات ومنها البناطيل المقطعة.

كما دعا إسلام النواوى عضو المكتب الفني لوزير أوقافالانقلاب، وعضو لجنة الشباب لتجديد الخطاب الديني، أساتذة الجامعات والمدرسين بالمدارس لمنع ارتداء البناطيل المقطعة، داخل حرم الجامعة أو المدرسة، ومنع دخول أى طالب أو طالبة يرتدى بنطلون مقطع!!

ولكن جابر نصار، كعادته حاول أن يرفع كارت إرهاب فى وجه برلمان العسكر، قائلا لهم: الجامعة لا تستطيع أن تتخذ قرارا إداريا بمنع ارتداء الطالبات للسراويل الممزقة، وإن مجلس النواب إذا أراد وضع ضوابط للملبس فليشرع قانونا تلتزم به كل مؤسسات الدولة إذا أراد المجلس ذلك!! لكن الجامعة استطاعت اتخاذ قرار بمنع المنتقبات من دخول الجامعة!!

وهذا ليس بجديد على جابر نصار، الذى دعا طلاب الجامعة إلى الاحتفال بعيد الحب، داخل حرم الجامعة، قائلًا: عيد الحب مناسبة جميلة، احتفلوا بيها، حبوا الورق والشجر والحجر، حبوا بعض، وخلال لقائه مع الطلاب، وهو يتجول بحرم الجامعة، قال: إن سلوك الطلاب داخل الجامعة يبشر الجميع بالمستقبل!!

والعجيب أن بعض أساتذة الجامعات، والمفترض أن يكونوا قدوة لطلابهم، شنوا هجوما على أعضاء برلمان العسكر، وطالبوهم بمناقشة المواضيع الهامة، حتى أن المتحدث الرسمي باسم النقابة المستقلة لأعضاء هيئات التدريس بالجامعات، اعتبر أن إثارة مثل تلك الموضوعات تفاهة، حسب زعمه!!

واعتبروا أن مثل هذه الاقتراحات تتعارض مع مبدأ عام في الدستور، ينص على حرية الأفراد، ولا يجوز التدخل فيها بأي حال من الأحوال، إن لم تسبب ضرر للغير!!

وأنه يجب الاهتمام بالمضمون العلمي الذى يدرس للطلاب، بدلاً من الاهتمام بالمظهر، وأن طلاب الجامعات بالغون ومسؤولون عن أنفسهم، ولا يحق للجامعة أن تتدخل في حريتهم الشخصية في ارتداء الملابس التي يريدونها، وكان أولى بهم طرح القضايا التي يعاني منها المجتمع الجامعي مثل قلة مدرجات وتدني مستوى الخدمة، وليس طرح موضوعات تدل على تدني مستوى الفكر.

وهؤلاء على مايبدو يسيرون على خطى قائد الانقلاب الذى قال لهم: أقول لكم ينفع التعليم في ايه مع وطن ضايع أو يضيع أو احنا نضيعه!!

وهؤلاء لا يهمهم ولا يعنيهم مراعاة النظام العام والآداب العامة للمجتمع، وكأننا لسنا فى دولة ذات أغلبية مسلمة، ولها عاداتها وتقاليدها وثقافتها، ولكن النظام الانقلابى الذى فتح الباب على مصرعيه، لهدم ثوابت الدين والقيم والمثل العليا للمجتمع، تحت زعم تجديد الخطاب الدينى، لا تعنيه مثل هذه القضايا ويعتبرها مجرد تفاهات، بل يعتبرون فرض قيود على حرية الملبس، مخالفا للدستور والقانون، ومبادئ حقوق الإنسان!!

ولكن عندما أصدر جابر نصار قرارا، قرر فيه بأنه لا يجُوز لعضوات هيئة التدريس، والهيئة المعاونة بجميع كليات الجامعة ومعاهدها، إلقاء المحاضرات والدروس النظرية والعملية، أو حضور المعامل أو التدريب العملي وهن منتقبات، حرصًا على التواصل مع الطلاب وحُسن أداء العملية التعليمية وللمصلحة العامة!!

لم نسمع أحدا من هؤلاء يعترض ويقول أن ارتداء النقاب هو حرية شخصية، لكنهم يعتبرون فقط العرى والتقليد الأعمى هو حرية شخصية أما النقاب فهو تزمت وتطرف، بل خرج أحد صبيان برهامى قائلا: إن منع المنتقبات من التدريس في جامعة القاهرة قرار منضبط ولا يتعارض مع الشريعة الإسلامية ولا يتناقض مع الحقوق الدستورية، طلما أن في القرار قيد، وأن النقاب أعاق عملية التواصل، وتم تخيير عضوة هيئة التدريس ما بين خلع النقاب إذا رأته مستحبا، أو الإبقاء عليه إذا رأته واجباً على أن يتم توفير مادة لا تستدعي هذا التواصل فهذا قرار صائب، فمن غير المعقول أن يغطى عضو هيئة التدريس وجهه في مادة تستدعي إظهار حركة الشفايف، ولا ندرى ماذا سيقول اليوم بعد تصريحات جابر نصار التى تعتبر البنطلون المقطع  حرية شخصية بالتأكيد سيكون قرارا صائبا أيضا فهو صائب فى كل الأحوال مع هؤلاء الإمعات!!
 

 

المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي نافذة مصر