حنان السيد :



لم نكن نتخيل أن نظرات اللقاء والحب نظرات الشوق والحياة لم نكن نتخيل ان لقائنا وحديثنا ينتهى ، جاء الغدر بسيف قاطع وأدخله فى أرواح تتلاقى بحب وإخاء، واهما أنه يقدر أن ينزع تلك الأرواح ويشتتها ويمزقها ويلقي كل قطعه فى منفى، ظن ذلك الغادر أنه يقدر عليهم .

ولكنه لا يعلم من تلك الأرواح همتها وتحديها وهدفها،لم يفهم تلك الأرواح التى تتقابل وتتآلف ،لا يعرف أن هناك لقاء لا يقدر علىه سيفه الغادر.

عندما أنزل الله علينا البلاء أنزله على نفوس هُيِّئت كى تتحمله وعلى قدر استطاعتها ، فهو رؤف رحيم لطيف بعباده اصطفاهم وصنعهم على عينه.

وجعل لهم رباط يتواصلون به بينهم وبين الله سبحانه وتعالى ، ورباط يجمعهم فيكون لهم السلوى والحنين والشوق وتلاقي الأرواح وراحة للأجساد .

فيكون اللقاء هو أروع اللقاء ( الدعاء )


بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته بأن الله تعالي أنزل عليه فيما أنزل :

"وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ" (البقرة 186)

فبالدعاء تسمو النفوس، وتعلو الهمم، وهو سهام الليل يطلقه القانتون،هو حبل ممدود بين السماء والأرض , هو سهام الليل يطلقه القانتون،هو حبل ممدو بين السماء والأرض, لم يكن بأيدى المستضعفين فى الأرض إلا التضرع إلي الله سبحانه وتعالى واللجوء إليه خاشعين،يدعونه ليل نهار .

إن آلام السياط وهى تمزق الأجساد والتعذيب الممنهج ، بين ضربات متلاحقة بأيدى وأرجل من لا يرحم ولا يخاف الله على جسد ذلك الفتى ما كان يتحملها لولا رحمة الله وتثبيته فهي تنزل عليه هينه تقوي من عزيمته وتحفزه وتعطيه قوة عكس ما يظن ذلك الجلاد.

فكان فضل الله على ذلك الفتى ان يهون عليه بفضله ثم بفضل ذلك اللقاء (لقاء الاحبة) وهم يتضرعون إلى الله أن يلطف بأخيهم ويحفظه من بطشهم فيشعر ذلك الفتى بقلوب تدعوا الرحمن ويشعر بمعية الله تتغشاه.

( أمّن يَجِيبُ المُضطر إذا دعاهُ ويكشف السّوءَ ويجعلكم خُلفاءَ الأرضِ أءله مع الله قليلاً ما تذكرُونَ) النمل 62

ألقي بيونس عليه السلام في بطن الحوت، وبالدعاء نُبِذَ بالعراء دون أذى.


ما أجمل أن ترى صفوفا تصلى وتبتهل إلى الله فى زنزانة ضيقة عاتمه لا ضوء فيها ولا منفذ هواء وهم يدعون الله ويتضرعون إليه أن يصرف عنهم البلاء وأن يحفظ إخوانهم وأن يثبتهم.

فترى الصفوف كلها متكامله كالبنيان المرصوص ثابتة فى وجه قوة عسكرية غاشمة، وترى نساءً كالرجال يقفون الليل يجهزون الزيارات وفى الفجر أمام أبواب السجان صامدة ثابتة، من لها زوج خلف الأسوار أو إبن أوأخ وتقف تلك الحرة صامدة ثابتة وفى الليل ثائرة فى الشوارع تأتى بحقها فى وطن حر، تلك القوة والثبات هى من الله وحده ثم من ذلك
اللقاء مع الله (لقاء الدعاء)

لقد أمرنا الله بالدعاء وعليه الاجابة فكانت الرباط الذى يجمعنا واللقاء الذى نتقابل فيه ، نشتاق لبعضنا ونشعر بألمنا ولا يكن بيدنا شئ سوي اللجوء لله سبحانه وتعالى وندعوا وهو أعظم الأخذ بالأسباب، فى جوف الليل تجتمع القلوب من كل مكان يدعوا الله لمن يحبهم فيه.

فترى تلك القلوب الخاشعة والباكية الراجية لله تعالى أن يفرج الكرب عن إخوانهم كالقناديل تسبح فى ملكوت من الحب والإخاء فتتلاقى أرواحهم وتتعانق ويكون لقاء القلوب أشد ارتباطا من لقاء الأجساد.

فنعم اللقاء الذي يكون شعاره، (يا اخى إذا ذكرتنى ادع لى وإذا ذكرتك دعوت لك) ، فما بالكم بقلوب لا تذكرك لأنها لا تنساك، فهم فى دعائهم كانهمار الماء من جبل مرتفع ينزل كالسيول على الأرض العطشى ليرويها.

قال النبي صلى الله عليه وسلم :

( ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة واعلموا أن الله لا يستجيب من قلب غافل لاه ) رواه الترمذى والحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه .​

 

 

المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي نافذة مصر