بدأ حوالي سبعة عشر ألفا من (المعتقلين) المحبوسين احتياطيا في سجون الانقلاب العسكري إضرابا عن الطعام، احتجاجا على الظلم الفادح الواقع عليهم والذي تمثل في الحبس الاحتياطي المفتوح دون مبرر، فلا هم قادرون في حال الإفراج عنهم على التأثير في أدلة الاتهام، ولا على الهروب للخارج، كما أن مقرات سكنهم وعملهم معلومة، والذي تمثل أيضا في سوء المعاملة بحشر أعداد تزيد عن عشرة أضعاف ما يتسع له مكان الحجز الذي يخلو من منفذ لدخول الهواء، إضافة لمنع زيارة الأهالي والمحامين، ناهيك عن التعذيب البشع والمستمر الذي لم ينج منه شيخ كبير أو طفل في عمر الزهور، والذي وصل في بعض الأحيان إلى هتك الأعراض، والذي أدى إلى وفاة بعض المحبوسين.
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على السياسة الوحشية الممنهجة التي يتبعها الانقلاب الدموي لكسر إرادة الشعب المصري، والتي بدأت بالقتل والحرق وإراقة الدماء، واستمرت بالسجن والتعذيب؛ كي يتخلى الشعب عن حريته وكرامته وكافة حقوقه، وتسحقه البيادة مع أبنائه وأحفاده، وهذا بإذن الله ما لن يكون ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُون﴾ وقديما علمتنا أسماء بنت أبي بكر أن ضربة بسيف في عز خير من ضربة بسوط في ذل.
ولو استعرضنا نوعيات هؤلاء المحبوسين ظلما لوجدناهم يمثلون الشعب المصري الكريم الحر بكل أطيافه من العلماء وأساتذة الجامعات والطلاب والمهندسين والأطباء والمحامين والمعلمين والرجال والنساء، والأطفال والبنات ممن لا تجاوز أعمارهم الرابعة عشرة، والذين صدرت ضد بعضهم أحكام بالإعدام وبالسجن المشدد لمدد تصل إلى سبع عشرة سنة لمجرد التظاهر للتعبير عن رفض الانقلاب.
لقد رصد المرصد المصري لحقوق والحريات خمسة وأربعين انتهاكا يتعرض لها هؤلاء الأحرار والحرائر بعضها من رجال الشرطة الذين يتقمصون دور الوحوش الآدمية، وأما ما تقوم به النيابة والقضاء فأمر مؤسف كل الأسف لدورهم في عشرات الانتهاكات للقانون التي يقومون بها، وهم الذين ائتمنهم الشعب على الحق والعدل أن يقوموا به .
لقد تبين أن هناك سجونا سرية تحولت إلى مجازر وسلخانات للأبطال الأحرار، على رأسها سجن العزولي بالإسماعيلية سيء السمعة، والذي كان مخصصا لمقترفي المخالفات الجسيمة من العسكريين حيث يقع داخل معسكر الجيش الثاني، والآن فتح أبوابه وسلط جحيمه على المدنيين السلميين وما خفي كان أعظم .
إن منظمات عالمية عديدة لحقوق الإنسان أدانت بشدة بشاعة الانتهاكات التي ترتكب في حق المصريين ولكن يبدو أن الانقلابيين الدمويين لا تهمهم سمعة مصر ولا مصر نفسها ولا شعبها في شيء، فهم بلا قلوب، كما أنهم يسعون لجر مصر إلى المسار السوري، ولا ندري لمصلحة من؟ وهذا أيضا بإذن الله لن يكون.
إن هؤلاء الأبطال الصامدين الذين يخوضون معركة الأمعاء الخاوية ويعرضون صحتهم وحياتهم للخطر لا يفعلون ذلك من أجل حريتهم وحدهم، ولكن من أجل حرية مصر كلها وشعبها جميعا، فهذا هو ما يملكون، ومن ثم فعلى الشعب المصري الحر أن يتحرك لمناصرتهم ودعمهم، ولا يكتفي بالإنكار القلبي لجرائم الانقلاب الدموي؛ حتى ينتصر الصبر والجوع على الأسلحة المدججة الفتاكة، وينتصر السلميون المتحضرون على وحوش البشر ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾
﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُون﴾
والله أكبر ولله الحمد، وعاشت مصر حرة مستقرة.
الإخوان المسلمون في الخميس 24 جمادى الثانية, 1435 هالموافق ـ 24إبريل2014 م