الآن تجلت الحقيقة وزالت كل الشبهات، وسقطت كل الحجج والأقنعة، واتضح لكل ذي بصر أن ما حدث في 3/7/2013 لم يكن سوى انقلاب عسكري للقضاء على نظام الحكم المدني الديمقراطي الشرعي الحديث والاستيلاء على السلطة تمهيدا لحكم العسكر، فقد خرج أمس قائد الانقلاب يعلن ترشيح نفسه لمنصب الرئاسة بعد أن أقسم أغلظ الأيمان في كثير من المناسبات أنه لا يتطلع هو ولا المجلس العسكري لحكم مصر.
ولا عجب، فقد أقسم من قبل على احترام الدستور والنظام ثم أطاح بهما، ثم ها هو يخرج بزيه العسكري يعلن خبر ترشحه، ولم يقل في حديثه إن الدولة التي يريد إقامتها دولة مدنية، فهل بقي لدى أحد في الداخل أو الخارج أي شك في قضية الانقلاب العسكري؟ ثم إنه أعلن قراره عبر كل قنوات الدولة التلفزيونية بما يدل على استغلاله لكل مؤسسات الدولة.
ونحن نؤمن بأن هذا الانقلاب وكل ما ترتب عليه باطل، وإن تم تغليفه باستفتاء أو انتخاب مزور، وبالتالي فالشرعية الحقيقية قائمة ومستمدة من إرادة الشعب التي عبر عنها خمس مرات في انتخابات حرة، ومن ثم فالدستور والبرلمان والرئيس الشرعيون باقون، وإن حاولوا التشويش عليهم أو التنكيل به.
لقد كافح الشعب طويلا لإقامة نظام حكم مدني ديمقراطي، وللتخلص من الأنظمة العسكرية القائمة على الديكتاتورية بحسب عقليتها وطريقة تربيتها، وحقق ذلك لمدة عام واحد، ثم انقلب عليه وزير الدفاع يريد أن يكون رئيسا للجمهورية بعد حوالي 40 عاما قضاها في المؤسسة العسكرية، ولقد خبرناه تسعة أشهر من الانقلاب:
- فوجدناه شخصا خائنا خان الأمانة ونقض العهد ونكث بالقسم.
-وجدناه سفاحا قاتلا لا حرمة عنده للحياة ولا للدماء، قاد مجازر وصفتها منظمة العفو الدولية بأنها أبشع مجازر في تاريخ مصر الحديث.
-وجدناه أفسد القضاء حتى حكم على 529 شخصا بالإعدام في محاكمة لم تستغرق سوى جلستين في عشرين دقيقة، الحكم الذي وصفته منظمات حقوق الإنسان العالمية بأنه أبشع حكم في تاريخ البشرية، وهكذا أصبحت مصر في زمن الانقلاب الأبشع في المجازر والأحكام القضائية.
-وجدناه ديكتاتورا اعتقل أكثر من ثلاثة وعشرين ألفا من صفوة المجتمع من الرجال والنساء والشباب والفتيات والأطفال، ويمارس معهم التعذيب الممنهج في السجون، ولا يزال يقتل المتظاهرين السلميين في الشوارع والميادين.
- جدناه قد غزا المدن والقرى بالدبابات والطائرات، في الوقت الذي لم يخض فيه حربا واحدة ضد أعداء الأمة.
- جدناه أغلق القنوات الفضائية والصحف وبطش بالإعلاميين المعارضين له.
- وجدناه يزعم أنه شديد الحنو على المصريين وأنهم نور عينيه وأنه سيجعل من مصر دولة (قد الدنيا)، ثم بطش بهم، ووعد بأن يظلم جيلين وأن يضحي بهما من أجل أن يعيش الجيل الثالث، وأنه سيلغي الدعم عن السلع مرة واحدة.
وقال إن برنامجه الانتخابي لن يكون تقليديا، بمعنى أنه سيتحدث إلى الناس –إن تحدث- عن بعد، عبر الشاشات التليفزيونية، وهذا يدل على أنه يخشى مواجهة الناس في مؤتمرات انتخابية حقيقية، لأنه يعلم أنه ترك في كثير من البيوت ثأرا لشهيد أو مصاب أو معتقل، ويعلم جيدا كيف سيواجهه الناس إن خرج إليهم.
ونحن نوقن أن شعب الأبطال وثوار مصر الأحرار الذين عقدوا العزم على إسقاط الانقلاب سيصعدون من فعالياتهم السلمية المبدعة المستمرة، والتي ينضم إليها في كل يوم المزيد من أبناء الشعب الحر الذين أيقنوا أن الانقلابيين الدمويين قد خدعوهم عن آمالهم لبلدهم وشعبهم، وهم موقنون - بعون الله – بالنصر القريب على الانقلاب الدموي الغادر ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيز﴾.
والله أكبر ولله الحمد، وعاشت مصر حرة مستقلة.
الإخوان المسلمون في الخميس 26 جمادى الأولى, 1435 هـ الموافق 27مارس2014م