بعد سقوط النظام السابق سقطت معه مؤسساته الأساسية، مجلس الشعب والشورى والمجالس المحلية والدستور، وكان لابد من إعادة بنائها، لأن الدولة لا تقوم ولا تستقر بدونها، وتمت انتخابات مجلسي الشعب والشورى، وظهرت النتيجة بانتخاب أغلبية إسلامية، وتم انتخاب جمعية تأسيسية لكتابة الدستور، وقبل ظهور نتيجة الانتخابات الرئاسية بأيام قامت المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب في أول جلسة لنظر دعوى الطعن في دستورية قانونه – على خلاف المعتاد – وتم حل المؤسسة التشريعية والرقابية، ولم يعد لدينا إلا رئيس منتخب، ومجلس شورى قليل الصلاحيات، وظلت البلاد في حالة الفراغ الدستوري وعدم الاستقرار .
تمت محاولات شتى من القوى السياسية الرافضة لاستقرار البلاد لهدم الجمعية التأسيسية لوضع الدستور ابتداء من الطعن في تشكيلها أمام المحكمة إلى التهديد المستمر بالانسحاب منها إلى تعويق عملها من داخلها رغم موافقتهم على معظم مواد الدستور إلى تحريض الدول الأجنبية للضغط على أعضائها لانتاج دستور يتوافق مع رؤية العلمانيين والغرب .
ومع ذلك استمرت الجمعية في عملها وتغلبت – بفضل الله على كل المعوقات – وانتهت من وضع دستور لم تر مصر مثيلا له، وحدد الرئيس موعدا لاستفتاء الشعب عليه، إلا أن القوى السياسية الرافضة لاستقرار البلاد والراغبة في تقويض النظام قامت بمظاهرات واعتصامات للاحتجاج على الإعلان الدستوري الذي حقق بعض أهداف الثورة وحمى الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى من التربص بهما والسعي لحلها، بهدف إثارة مزيد من الفراغ والقلق والارتباك في المشهد السياسي، وفي تصعيد شديد ذهبت مظاهرات إلى قصر الاتحادية – رمز الدولة والنظام – وسط نداءات باقتحامه والعدوان عليه، وبدأت تظهر من جديد دعوات مرفوضة للقفز على اختيار الشعب، وفي الحقيقة فإن هذه الدعوات تهدر الشرعية وتتجاهل وجود رئيس للدولة منتخب من الشعب، إضافة إلى أن محاولة تعطيل إجراء الاستفتاء على الدستور، إنما يمثل حجر عثرة في طريق بناء المؤسسات الدستورية وفي طريق الاستقرار الذي من شأنه أن يوفر الأمن والأمان ويزيد فرص العمل والانتاج ويجذب الاستثمار.
في ظل هذه الأحداث المؤسفة والتواطؤ ضد المصالح العليا للشعب والوطن فإن الشعب المصري كله سيقوم بحماية الشرعية الدستورية ويحمي إرادته، - بإذن الله – وسيقبل على الاستفتاء على الدستور تمهيدا للذهاب إلى انتخاب مجلس الشعب، وليعلم الجميع أن الموافقة على الدستور كفيلة بإلغاء جميع الإعلانات الدستورية ابتداء من إعلان مارس 2011م حتى إعلان نوفمبر 2012م، إذا فليس بيننا وبين تحقيق ذلك إلا بضعة أيام .
وثقتنا أن الشعب المصري الذي قام بثورة عظيمة أذهلت العالم لا يمكن أن يفرط فيها، ولابد أن يدعم من اختاره بإرادته الحرة لأول مرة في تاريخه ويسعي لتحقيق أهدافها .
(وقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ ورَسُولُهُ والْمُؤْمِنُونَ)
الإخوان المسلمون
القاهرة في : 21 من المحرم 1434هـ، الموافق 5 من ديسمبر 2012م