7/12/2009
نافذة مصر / صوت البلد
توفى أكبر معمر مصري ، عن 136 عاما في قريته "نجع العبابدة" التابعة لمحافظة قنا في صعيد مصر ، تاركا خلفه أسرة كبيرة تضم 120 حفيدا.. و كان المعمر الجد "شرقاوي" قبل وفاته بصحة جيدة حتى أنه ظل يمارس عاداته القديمة وهي "شرب السمن البلدي على الريق" رافضا أن يقرب الأدوية أو يشاهد التليفزيون كما ظل حتى أيامه الأخيرة مصرا على إمساك فأس الزراعة ليعمل بها في الحقل جنبا إلى جنب مع أبنائه وأحفاده .
ومن ذكرياته في رحلته لمدينة السويس وقت اشتعال المقاومة ، أنه رفض المشاركة في العمليات الفدائية وقتها رغم أن ابن عمه كان قائد مجموعة تقاتل الانجليز ورغم ذلك سجن ظلما لمدة ستة شهور ، ومنذ ذلك الحين وحتى يومه الأخير لم يغادر قريته "نجع العبابدة" لأنه على حد قوله "الديابة اللي هنا أرحم من الإنجليز".
وحكى الراحل عن كراهيته للإنجليز الذين كانوا يحتلون مصر قائلا :"كرهت الانجليز أول نزول لي لمصر وكان عمري 10 سنوات عندما شاهدتهم يتراهنون على بطن سيدة حامل ويقولون فيها طفل ذكر ولا أنثى وبعدها قرروا يشقوا بطنها ويشاهدوه".
وظل الجد شرقاوي طيلة سنواته الأخيرة يحكي لأحفاده الـ120 عن حكاياته ورحلاته في البلاد المختلفة ، مكررا دائما أنه لا يفهم في السياسة ولا يعرف حكام لمصر بعد فاروق وعبد الناصر ،وينصحهم بشرب السمن البلدي على الريق ، مؤكدا أن ما يكسر الإنسان أي إنسان غير الهم والحزن إضافة إلى شرب السجائر و"النسوان".
وقال الباحث في شئون الصعيد محمود الدسوقي إنه عرف "الجد شرقاوي" شخصيا إن أحد أحفاد الجد شرقاوي ، واسمه منصور محمد ، قالوا له إن الجد كان يخلط بين الأحفاد الكثيرين دائما لكثرتهم وأنه في أيامه الأخيرة تعود أن يناديه الجميع بالجد ، حتى الغرباء ، فكان يسأل "انت واد مين وأمك مين" ولما يفاجأ أن محدثه حفيده يضحك ويسترسل كعادته في حكاياته.
وشارك في تشييع جنازة "الجد شرقاوي" عدد كبير من أهل بلدته وبلاد أخرى في محافظته قنا وعدد من كبار رجال الصعيد بجنوب مصر الذين تربط عائلته الكبيرة بهم صلات صهر وقرابة ونسب.
ورغم معاصرته 10 من حكام مصر فإنه لم يلتق إلا بواحد منهم فقط، حيث يتحدث أحفاده عن حكاية لقائه بالملك فاروق، حين كان الجد شرقاوي واحدا من عمال بناء سجن ليمان طرة (جنوب القاهرة).. وفوجئ بالملك يقف أمامه بينما كان يتفقد أعمال البناء، لكنها لم تكن واقعة سعيدة على أي حال إذ تهكم ملك مصر على مظهره، غير أنها أصبحت بعد سنوات ذكرى سعيدة يقصها على 120 من أحفاده الذين شيعوه الخميس الماضي.