بقلم : مجدي مغيرة

للعلم حتى لاتضيع الحقائق مع تعمد إضعاف الذاكرة الجمعية للعرب جميعا:

1-   حينما دخلت الجيوش العربية في حرب 1948م  ضد دولة إسرائيل الجديدة ، لم يكن اشتراكهم في الحرب بهدف تحرير فلسطين من اليهود كما ادعوا وأعلنوا ، بل كان في الباطن من أجل تطبيق قرار الأمم المتحدة رقم 181 الصادر بتاريخ 29 نوفمبر 1947 الذي يقضي بتقسيم فلسطين إلى ثلاثة أقسام :

-         دولة يهودية بمساحة 5,700 ميل مربع (15,000 كم) ( بنسبة 56%  من أرض فلسطين ) على السهل الساحلي من حيفا وحتى جنوب تل أبيب، والجليل الشرقي بما في ذلك بحيرة طبريا وإصبع الجليل، والنقب بما في ذلك قرية أم الرشراش أو ما يعرف بإيلات حالياً ، وبها ميناء إيلات الشهير أهم ميناء لإسرائيل على البحر الأحمر .

-         دولة عربية بمساحة 4,300 ميل مربع (11,000 كم) ( بنسبة 43% من أرض فلسطين ) ، وتقع على الجليل الغربي، ومدينة عكا، والضفة الغربية، والساحل الجنوبي الممتد من شمال مدينة أسدود وجنوباً حتى رفح، مع جزء من الصحراء على طول الشريط الحدودي مع مصر.

-         القدس وبيت لحم والأراضي المجاورة ( بنسبة 1% من أرض فلسطين ) ، تحت وصاية دولية.

ولذلك حينما أردات كتائب الإخوان القضاء التام على عصابات اليهود لتطهير فلسطين كلها منهم ، انقضَّت مصرُ بأوامر من انجلترا وأمريكا وروسيا وفرنسا عليهم وأمرت بسحب كتائبهم من ساحة القتال ، ثم وضعوا القيود في أيدي المجاهدين الذين حققوا بطولاتٍ عجزت عنها الجيوشُ الرسمية ، واعتقلوهم واتهموهم بالإرهاب وبالسعي لعمل انقلاب على النظام المصري .

أما غضب العرب عقب انتهاء الحرب بهزيمتهم على إسرائيل ، فليس بسبب قيامها ، ولكن بسبب أنها ضربت بالقرار السابق عرض الحائط ، واستولت على أراض واسعة كانت مخصصة للدولة العربية وفقاً لتقسيم الأمم المتحدة لفلسطين، وهي الجليل الأعلى وصحراء النقب.

2-   بعد إعلان قيام دولة إسرائيل ؛ وقع انقلابٌ عسكري ضد النظام الملكي في مصر ، وهو الانقلاب المعروف بثورة 23 يوليو1952 ، وقد ظن العربُ والمصريون أن الانقلاب سيكون فاتحة خير على البلاد ، ولم يكونوا يدركون يومها أن الانقلابَ أتى لصالح إسرائيل ، وليس لصالح مصر أو أي بلد عربي آخر .

3-    كان كل قادة الانقلاب – بما فيهم محمد نجيب – يعتقدون بضرورة إقامة علاقات طبيعية مع دولة إسرائيل الجديدة ، وكان تخطيط جمال عبد الناصر هو تهيئة الشعب المصري لقبول تلك العلاقة ، وقد كانت الإجراءات التي اتخذها لذلك هي :
-         السعي لإفقار الشعب المصري حتى يحتاج في النهاية إلى قبول المعونات التي تأتيه مقابل الاعتراف بدولة إسرائيل ، وقد تم ذلك في عهد  جمال عبد الناصر أولا عن طريق تأميم كل المصانع والشركات والمزارع الكبيرة ، وتوظيف أكبر عدد من الخريجين دون الحاجة الحقيقية لذلك ، حتى يظلوا أسرى الوظيفة والراتب والترقية ، ثم في عهد محمد أنور السادات الذي عمل  عقب انتهاء حرب أكتوبر ما أسماه بالانفتاح الاقتصادي الذي تسبب في انتشار الأخلاق النفعية بين المصريين ، وبعد أن تهيأ المصريون نفسيا لقبول أي شيء مقابل المنافع المادية ؛ زار السادات القدس في19 نوفمبر 1977، ثم أعلن  توقيع اتفاقية كامب ديفيد في 17 سبتمبرعام 1978 ، ثم توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل في 26 مارس عام 1979م ، وبشرنا أن  عام 1980 سيكون عام الرخاء وهو العام الذي زادت فيه الأسعار على المصريين ، وذهبت وعود الرخاء أدراج الرياح بلا عودة إلى الآن .
-         التخلص من التيارات التي تمثل تهديدا لإسرائيل ، وعلى رأسها "الإخوان المسلمون " ، وإذلال المصريين ، وزرع الخوف والرعب في نفوسهم حتى لايعترضوا على أي قرار يتخذه الرئيس مهما كان هذا القرار ، وقد تم تحقيق ذلك من خلال السجون والمعتقلات والتعذيب على أيدي خبراء استوردوهم من ألمانيا النازية ، وعن طريق شخصيات مصرية تتسم بكثرة عقدها النفسية حتى تتلذذ بتعذيب المعتقلين بقسوة دون وجود ضرورة لهذا التعذيب .
-         تجنيد نخبة مصرية من مختلف التخصصات ( علماء – صحافيون – أدباء – رجال أعمال – فنانون ... إلخ ) تسعى من خلال تخصصاتها المختلفة لتهيئة الشعب المصري لقبول التطبيع مع إسرائيل ، وكانت وزارة الزراعة من أكثر الوزارات تطبيعا مع إسرائيل .
-         ثم جاء محمد حسني مبارك الذي كانت سياسته قائمة على سب إسرائيل في العلن ، والتعاون معها في كل المجالات في السر ، وقد حقق لإسرائيل الكثير مما كانت تحلم به حتى وصفوه بأنه الكنز الاستراتيجي لإسرائيل .
-         وأخيرا في عهد السيسي الميمون صارت سياسته قائمة على التعاون مع إسرائيل في السر والعلن ، والوقوف ضد كل من يقاومها في السر والعلن .
 

 

المقالات المنشورة في نافذة مصر تعبر عن رأي كتابها، ولاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع