ندّد مجلس الشورى الديني التركي، اليوم الخميس، بجماعة "الكيان الموازي" الإرهابية، التي يتزعمها فتح الله غولن، والتي حاولت القيام بانقلاب منتصف الشهر الماضي، واصفًا إياها بـ"غير أخلاقية" و"مزدوجة المعايير" و"تعمل بوجهين".
وفي بيان ختامي جاء عقب اجتماع استثنائي استمر يومين بالعاصمة أنقرة، قال المجلس إن "الجماعة سمحت لأعضائها بالكذب والتملق والابتعاد عن الدين من أجل التمكن من التغلغل في كافة المؤسسات الحكومية والقضاء والشرطة والجيش؛ بهدف السيطرة عليها والانقضاض على الحكم بطريقة غير شرعية".
البيان، الذي تلاه رئيس مجلس الشؤون الدينية التركي، محمد غورماز، أن "جماعة غولن، التي ترى كل شيء مباحًا وتستغل الدين والأحاسيس الدينية لدى مؤيديها من أجل الإطاحة بالديمقراطية والإرادة الشعبية، لا يمكن أن توصف بأنها جماعة دينية".
ولفت إلى أنه "لا يمكن القبول بأن أحدًا آخرًا على وجه الأرض معصوم من الخطأ سوى الرسول (عليه الصلاة والسلام)"، مشيرًا إلى أن زعيم الحركة الإرهابية فتح الله غولن يدّعي أنه "يرى الرسول في أحلامه، ويتحدث معه حول الواقع الحالي للبلاد".
واعتبر البيان أنه "من غير المقبول" أن يطلب أحد من مؤيديه طاعته دون قيد أو شرط؛ لأن هذا مخالف للقرآن والسُّنة النبوية، مؤكدًا أن "أي شخص يعتبر نفسه خاصًا وفريدًا ومختارًا ولا يُخطئ لا يمكن وصفه بزعيم ديني".
وتابع البيان أن "جماعة غولن مزيفة وتعمل بشكل سري للغاية وتهدد المجتمع التركي، وعملت على تفريقه ونشر الدسائس بين أطياف الشعب، وحاولت استغلاله بكافة الطرق".
وأضاف: "الجماعة تجمع أموال الزكاة من أجل فتح قنوات تلفزيونية وإقامة فعاليات مشبوهة، إضافة لنقل الأموال لاستخدامها في حملات انتخابية خارج البلاد".
وشدد البيان على ضرورة "إطلاع جيران وأصدقاء تركيا على مخاطر جماعة غولن الإرهابية"، مشيرًا إلى أنهم سيعقدون "مؤتمر الشورى الإسلامية في أوراسيا" في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، بمشاركة وزراء الأوقاف ورؤساء الشؤون الدينية في العديد من الدول الإسلامية.
وأكد أن مجلس الشورى الديني التركي سيُطلع كافة الدول المشاركة، في هذا المؤتمر، على مخاطر جماعة غولن والتهديدات التي تشكلها من خلالها فتح مدارس في دول آسيا وأفريقيا، واستغلال المدارس لمصالحهم الشخصية باسم الدين، إضافة للأضرار التي تُلحقها بدول البلقان وآسيا وإفريقيا والشرق الأقصى.
كما أشار البيان إلى أن "مجلس الشورى سيشكل لجنة تعمل على دراسة المناهج الدينية في تركيا؛ لمنع تكرار أن يُخدع الطلاب ومتلقي العلم بمستثمري الدين لمآربهم".
وانطلق مجلس الشورى الديني الاستثنائي، أمس الأربعاء، في أنقرة بحضور رئيس البلاد رجب طيب أردوغان، ورئيس البرلمان إسماعيل قهرمان، ونائب رئيس الوزراء نعمان قورتولموش، إضافة لرئيس الشؤون الدينية محمد غورماز الذي ترأس اجتماعات المجلس.
وشارك في الاجتماعات عدد كبير من علماء ورجال الدين ومسؤولو الأقسام الدينية في وزارة التربية والتعليم ومدراء مدارس الأئمة والخطباء في مختلف الولايات التركية.
وشهدت العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول، منتصف يوليو المنصرم، محاولة انقلاب فاشلة نفذتها عناصر محدودة من الجيش، تتبع لمنظمة "فتح الله غولن" (الكيان الموازي) الإرهابية، حاولوا خلالها إغلاق الجسرين اللذين يربطان الشطرين الأوروبي والآسيوي من مدينة إسطنبول (شمال غرب)، والسيطرة على مديرية الأمن فيها، وبعض المؤسسات الإعلامية الرسمية والخاصة.
وقوبلت المحاولة الانقلابية باحتجاجات شعبية عارمة في معظم المدن والولايات التركية؛ إذ توجه المواطنون بحشود غفيرة تجاه البرلمان ورئاسة الأركان بالعاصمة، والمطار الدولي بمدينة إسطنبول، ومديريات الأمن في عدد من المدن، ما أجبر آليات عسكرية كانت تنتشر حولها على الانسحاب مما ساهم بشكل كبير في إفشال المخطط الانقلابي.
جدير بالذكر أن عناصر منظمة "فتح الله غولن" الإرهابية - غولن يقيم في الولايات المتحدة منذ عام 1999- قاموا منذ أعوام طويلة بالتغلغل في أجهزة الدولة، لا سيما في الشرطة والقضاء والجيش والمؤسسات التعليمية؛ بهدف السيطرة على مفاصل الدولة؛ الأمر الذي برز بشكل واضح من خلال المحاولة الانقلابية الفاشلة.

