بقلم : د / عبد الرحمن صبري .

تعالت فى الفترة الأخيرة أصوات البعض من المنتسبين للحركة الإسلامية تناقش قضية الفصل بين الدعوى والحزبى وهو تعديل للدعوات السابقة بالفصل بين الدعوى والسياسى  والتى أثبتت فشلها ولم تثبت أمام المفهوم الراسخ الذى أنفق الإخوان المسلمون عمرهم فى ترسيخه منذ الإمام الشهيد حسن البنا إلى اليوم ( الإسلام دين ودولة) والعجيب فى الحديث عن الفصل بين الدعوى والحزبى عدة أمور :

• أن مصر منذ يوم الثالث من يوليو 2013 (الانقلاب العسكرى المجرم ) لم يعد فيها أى عمل يصلح أن يسمى حزبى ولايوجد فيها أى حزب حتى من الأحزاب الكرتونية التى ملئت الدنيا صياحا فى عهد الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسى حتى مكاتب المخابرات التى يسمونها أحزاب الآن ليس لها أى صدى أ, وجود فى الشارع المصرى ......فعن أى عمل حزبى يتحدث هؤلاء؟!

• أن العمل الدعوى أيضا فى مصر منذ الانقلاب ممنوع حتى ولوقام به سدنة الانقلاب وداعموه أمثال برهامى والشحات وحسان وعمرو خالد وغيرهم فأين هم وأين جماهيرهم الغفيرة ؟!

• أن من يتصدرون للحديث عن الفصل اليوم كلهم أو جلهم من أصحاب الخلاف مع قيادة الإخوان الشرعية وبعضهم رموز فى الحزب ومنهم من صدرت بحقه قرارات وقف وتجميد عضوية مما يجعلنا نتساءل : هل الحديث هنا عن قضية فكرية أصيلة يحتاج الإسلام إلى دراستها والتأصيل لها أم هو متنفس لإظهار الخلاف مع الجماعة ومحاولة الخروج من عباءتها والانفلات من سلطانها ؟!

• أن الانقلاب بعد ثلاث سنوات كاملة عجز عن زحزحة الثوار – وفى القلب منهم الإخوان – عن أهدافهم الواضحة وشعاراتهم الثابتة " يسقط حكم العسكر – مرسى رئيسى – ارحل يافاشل" فأصبح يبحث الآن عن مخرج أو فصيل يتفاهم معه على التراجع خطوة للوراء من الطرفين (بإزاحة السيسى مثلا فى مقابل التنازل عن شرعية الرئيس مرسى) على أن يتولى هذا الفصيل تهدئة الشارع والقبول بالأمر الواقع ...وهو مارفضه الإخوان على مدار السنوات الثلاث رغم القتل والسجن والتعذيب والتشريد فهو يسعى لفصل الحزب عن الجماعة وقد رتب مع دعاة الفصل الأمر بليل فيعلنون " بصفتهم الحزب وباعتبار الحزب يمارس السياسة التى هى – فى تعريفهم – فن الممكن ولايلتزم بثوابت الدعوة وقناعاتها " التفاهم مع العسكر والوصول إلى حل وسط؟!

• أن بعض دعاة الفصل الآن يروجون بأن قيادات الجماعة يجهزون للمصالحة مع النظام –على طريقة  رمتنى بدائها وانسلت – وكأنهم ينفون عن نفسهم التهمة والتى سبق وظهرت بوادرها منهم فى وثيقة العشرة التى انفصلوا بها عن المجلس الثورى لما رفضها ؟!

توضيح هام :

حين أسس الإخوان حزب الحرية والعدالة وضع مجلس الشورى ومكتب الإرشاد نظاما رائعا يهدف إلى تحقيق استقلال الحزب وإدارته مع الوقت عن الجماعة بمايضمن الحفاظ على توجهاته وضوابطه التى وضعتها الجماعة وتلخص فى :

• اختيار الأعضاء المؤسسين فى الحزب كالآتى :


1-    80% من الإخوان المنتخبين بمعرفة المجالس الشورية للجماعة مع مراعاة نسبة الشباب.


2-    20% من غير الإخوان على أن يتم اعتمادهم من الإدارة.

• وبالتالى تصبح إدارة الحزب فى يد إخوان منتخبين لهذه المهمة بنسبة أغلبية تضمن صحة مسار الحزب فى الدورة الأولى على الأقل.

• وهذه الإدارة تستقل ماليا وإداريا عن الجماعة مع الوقت وتظل الجماعة (جماعة ضغط) تدعم الحزب وتناصره وتمده باحتياجاته البشرية.

 

وللأسف هذه الرؤية لم تكتمل لأسباب أهمها :

• تدخل مكاتب المحافظات وفرض هيمنتها على إدارة الحزب بمنطق الدعم والخوف من الانحراف - خلافا لتوجهات القيادة.

• تحميل الحزب الوليد عدة معارك انتخابية متتالية لم تسمح بالتقاط الأنفاس أو المراجعة والتصحيح (لاصوت يعلو فوق صوت الانتخابات).

• معركة الرئاسة الشرسة مع مؤسسات الدولة الفاسدة أنهكت الحزب فى العمل الخدمى ومحاولة التعويض عن ممانعة الدولة العميقة  لخطط الإصلاح ومحاولة مطاردة الفساد واحتوائه.

• الانقلاب العسكرى قبل أن يستفيق الحزب أو تستقر البلاد ولو تأخر عاما واحدا أو نصف عام لكان لنا شأن آخر ...ولكن إرادة الله سبقت لتميز بين الحق والباطل وتكشف معادن الرجال ومخبوء النفوس.

وختاما الفصل الإدارى بين الحزب والجماعة متفق عليه - كما بينا – من قادة الجماعة وأبنائها ولكن مايثار يرجى من ورائه أمر آخر نحذر من الوقوع فيه أو الرضا به فهو استدراج للانزلاق فى هاوية التنازل عن الشرعية والثورة والحرية وهو : كلمة حق يُرادُ بها باطل.

 

 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها فقط ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع