بقلم : مجدي مغيرة


1- أراد الإنجليز والفرنسيون القضاء على الدولة العثمانية التي كانت تمثل الخلافة الإسلامية الجامعة لكثير من الدول العربية والإسلامية ؛ فاتصلوا ببعض زعماء العرب الطموحين ، ووعدوا بمساعدتهم ليصبحوا هم أصحاب السلطة و الخلافة بدلا من العثمانيين ، وسيمدونهم بما يحتاجونه من مال وسلاح وخطط شرط أن يثوروا على الخلافة العثمانية .

2- بالفعل ثار هؤلاء الزعماء ضد الخلافة العثمانية وطعنوها في ظهرها وهي تحارب دفاعا عنهم وعن الإسلام ضد الإنجليز والفرنسيين فيما هو معروف تاريخيا باسم الحرب العالمية الأولى ، ثم تسلط بعضهم على بعض ، وقاتل بعضهم بعضا ، والجميع يتعشم أن يكون هو الخليفة القادم بحراب الإنجليز ، ولم ينتبهوا أن الإنجليز كانوا يقدمون السلاح للطرفين العربيين المتحاربين ، وكل طرف منهما يظن أنه صاحب الحظوة لدى الإنجليز .

3- لم يدر هؤلاء المساكين أو إن شئت قل المغفلين أن الإنجليز والفرنسيين قد اتفقوا على تقسيم جديد للدول العربية بعد انسلاخها عن الخلافة العثمانية ، عُرِف الاتفاق باسم اتفاقية سايكس بيكو عام 1916م .

4- بنجاح الثورة البلشفية الروسية 1917م ، كشف الشيوعيون حقيقة الاتفاقية ، ونشروا بنودها كي يفضحوا الفرنسيين والإنجليز ؛ ليحرجوهم أمام العرب ، أملا في أن يقف العرب بجانبهم ضد الإنجليز والفرنسيين ، لكن العرب النشامى أعلنوا ثقتهم في وعود إنجلترا ، وأنها لن تخذلهم ، وبالتالي كذبوا المعلومات التي وصلتهم عن اتفاقية سايكس بيكو .

5- كانت اتفاقية سايكس بيكو تخالف تماما الوعود السخية لبعض الحالمين العرب الذين ظنوا أنهم سيكونون الزعماء الجدد لأمة عربية ذات مجد تليد ومستقبل مجيد ، حيث إن الاتفاقية نصت على تقسيم البلاد العربية بين نفوذ الإنجليز ونفوذ الفرنسيين .

6- نصت الاتفاقية لأول مرة في التاريخ إلى تقسيم العرب إلى دول ذات حدود جغرافية مقدسة لا يجوز لأحد الاقتراب منها أو التصوير ، ومن يفعل ذلك فقد كفر كفرانا مبينا وفق مبادئ الحلال والحرام الجديدة التي قررها قرآن القومية العربية وإنجيل الوطنية بأنواعها المختلفة { مصرية فرعونية – عراقية آشورية – سورية فنيقية ....إلخ } .

7- تسببت الاتفاقية وتقسيم الدول العربية لدول ذات حدود جغرافية إلى نشوب صراعات دموية باسم الحفاظ على النقاء القومي والنقاء الثقافي ،ومازال الجميع يدفع ثمنها المر حتى الآن ( صراع الأكراد مع الترك ومع الإيرانيين ، ومع العراقيين والسوريين ، وصراع ما يسمى بدولة الصحراء مع المملكة المغربية ) ، وكذلك الصراع الثقافي للأمازيغ { البربر } في الشمال الأفريقي كله ( ليبيا – الجزائر – المغرب ) .

8- تم ترسيم الحدود بين جميع الدول العربية بأسلوب يفتح المجال للنزاع الذي إلى حد يصل إلى القتال فيما بينها ، ويتم تفجير تلك النزاعات وقت اللزوم .

9- كانت اتفاقية سايكس بيكو هي المقدمة الطبيعية التي مهدت لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين .

10- يبدو أن الاتفاقية قد استنفدت أغراضها ، والغربيون أصحاب السيادة في المنطقة يريدون إعادة صياغتها مرة أخرى لتتفق مع مصالحهم الجديدة بغض النظر عن الكوارث التي ستحدث للعرب جراء ذلك .

11- لن ينصلح حال المنطقة كلها عربيا وإسلاميا إلا بأن يكون قرارها نابعا من الإرادة الحرة لأهلها ، ومنطلقا من حضارتهم وثقافتهم المنبثقة عن إسلامهم .

 

 


المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها فقط ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع