احمد المحمدي المغاوري


عندما أراد الصينيون القدامى أن يعيشوا في أمان ؛ بنوا سور الصين العظيم . واعتقدوا بأنه لا يوجد من يستطيع تسلق السور لشدة علوه، ولكن خلال هذه الحقبة بعد بناء السور تعرضت الصين للغزو ثلاث مرات ، وفى كل مرة لم تكن جحافل العدو البرية بحاجة إلى اختراق السور أو تسلقه ،بل كانوا في كل مرة يدفعون للحارس الرشوة ثم يدخلون عبر الباب.

لقد انشغل الصينيون ببناء السور ونسوا بناء الحارس! فبناء الإنسان يأتي قبل بناء أي شيء وهذا ما تحتاجه امتنا اليوم ،(الحارس الأمين) وهذا ما فعلة النبي صلى الله عليه وسلم حيث أسس رجال، فكانوا خير جيل وطئت أقدامهم الأرض حيث ضربوا أروع المثل في البذل والتضحية وكانوا الحارس الأمين لهذه الدين وهذه الدعوة .قال تعالى ( أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109)

رجال الحق..

لسان حالهم الآن. هو ما نطق به نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم ليثبت الصديق أبا بكر رضي الله عنه ( لا تحزن إن الله معنا ) وما نطق به موسى لبني إسرائيل (إن معي ربي سيهدين ).فربهم الله ،وهو يكفيهم، لم يطلب الله منهم المكر والخداع والكيد أمام خداع ومكر وخيانة المنافقين المجرمين . لكن وكل لنفسه سبحانه الرد على مكر الماكرين وكيد الكائدين فسيكفيكهم الله ، لأن مكر هؤلاء المجرمين شديد يوشك أن تزول منه الجبال فلا طاقه لهم به وليس من وسائل أهل الحق الخداع والمكر. لذا قال الله ( وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30) الأنفال، وقال تعالى (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15) وَأَكِيدُ كَيْدًا (16) فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا }الطارق·ومكر أولئك هو يبور حين يضرب الله الباطل بالحق فيدمغه قال تعالى (كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الحَقَّ وَالبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ] 17الرعد والبقاء والعزة للحق ولأهله فماذا بعد الحق إلا الضلال .فلا عزة إلا به.قال تعالى(وَلَا يَحۡزُنكَ قَوۡلُهُمۡ‌ۘ إِنَّ ٱلۡعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا‌ۚ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ )(٦٥) يونس

رجال الحق ..

صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، فهم جند الله ورجاله ،لقد نصروه في أنفسهم قال تعالى (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) ويعلمون أن النصر من عنده (وما النصر إلا من عند الله ) ، لذلك هم ثابتين صابرين، فدربهم درب نوح الذي دعا الله فقال (رب إني مغلوب فانتصر) لذا فالنصر حليفهم إن شاء الله ، وهم على كل حال ينتظرون إحدى الحسنيين النصر أو الشهادة، كتب الله لهم الغلبة والنصر على كل حال فقال تعالى ليطمأنهم ( وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173) الصافات.فهم يعلمون أن الله هو الحق المبين،وماذا بعد الحق إلا الضلال؟ فثبتوا وكانوا للحق وبالحق رجال.قال تعالى(فَذَٲلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمُ ٱلۡحَقُّ‌ۖ فَمَاذَا بَعۡدَ ٱلۡحَقِّ إِلَّا ٱلضَّلَـٰلُ‌ۖ فَأَنَّىٰ تُصۡرَفُونَ (32) يونس .يعلمون أن طريقهم هو طريق النجاة الحقيقي. فتمسكوا به.قال تعالى(ثُمَّ نُنَجِّى رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ‌ۚ كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيۡنَا نُنجِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ (١٠٣) يونس،موقنين أن المجرمين أمرهم بَيِّن وزوالهم وهلاكهم حتمي لا مناص منه. قال تعالى (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (13) يونس

وأما المجرمون الحاقدون الذين كرهوا الحق ( لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون) الزخرف. فإن ما كرهوه سيتحقق. قال تعالى (وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (82) يونس

رجال الحق..

رجال الحق..

فتية امنوا بربهم وشهدوا وشاهدوا نور الحق وساروا على ألقه، وعلموا أن من اهتدى فلنفسه ،وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وأدركوا أنه لن يضرهم من ضل إذا اهتدوا. قال تعالى ( قُلۡ هَلۡ مِن شُرَكَآٮِٕكُم مَّن يَہۡدِىٓ إِلَى ٱلۡحَقِّ‌ۚ قُلِ ٱللَّهُ يَہۡدِى لِلۡحَقِّ‌ۗ أَفَمَن يَہۡدِىٓ إِلَى ٱلۡحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَہِدِّىٓ إِلَّآ أَن يُہۡدَىٰ‌ۖ فَمَا لَكُمۡ كَيۡفَ تَحۡكُمُونَ (٣٥) ، فمن ضل وحاد وأجرم لا يلومنَّ إلا نفسه. وهذا نداء الله لهم ولمن صار على دربهم. قال تعالى(قُلۡ يَـٰٓأَيُّہَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَآءَڪُمُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكُمۡ‌ۖ فَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَہۡتَدِى لِنَفۡسِهِۦ‌ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيۡہَا‌ۖ وَمَآ أَنَا۟ عَلَيۡكُم بِوَڪِيلٍ۬ (١٠٨)وَٱتَّبِعۡ مَا يُوحَىٰٓ إِلَيۡكَ وَٱصۡبِرۡ حَتَّىٰ يَحۡكُمَ ٱللَّهُ‌ۚ وَهُوَ خَيۡرُ ٱلۡحَـٰكِمِينَ (١٠٩)يونس
فصبروا وصابروا ورابطوا فكتب لهم الفلاح و النجاة في الدنيا والآخرة.

( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۖ وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّىَ يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ )

109-108 يونس. بهذه الآيات كان ختام سورة يونس وأكاد أقول أنها سورة يونس رسمت لأهل الحق طريق الحق وهو الصبر عليه ،حتى يحكم الله بالجزاء الحسن لمن تمسك به وبالعقاب لمن حاد عنه وعاداه وعادى رجاله.

أرأيتم رجل في عز مجدة السياسي وقد حقق ما حقق من إنجازات منهم ذاك الرجل(احمد داود اغلوا رئيس وزراء تركيا ) يتجرد من ذلك كله. ليترك هذه الأبهة. وبهدوء.ليستقيل ليترك للشباب أن يبدعوا فلم يلتصق بالكرسي ويقتل شعب من اجله.إلا يستحقون هؤلاء الأفذاذ أن يلتف حولهم الشعب.وأن يقودوا تركيا.شتان بين ثرى فراعنة مصر وسوريا .وثريا فواتح تركيا. رجال الحق منكم نتعلم أيها العظماء.

إن نظرة رجل الحق العامل لدين الله الغيور على دينه ودعوته والمحاسب لنفسه. يرى أن الحياة في سبيل الله. هي امتحان شديد وصعب والنجاح الحقيقي أن ينال إحدى الحسنيين إما النصر وإما الشهادة. حتى وان مات على سريره. وكما قال خالد بن الوليد فلا نامت أعين الجبناء .ولا نامت أعين من باعوا دينهم بدنيا فانية لا بقاء لها, ومن باع دينه بدنيا غيره خسر الدنيا والآخرة ، لذا فهذه الأمة هي مريضه لكنها لن تموت. وكانت في غفوة لكنها سرعان ما استيقظت برغم الجراح التي أصابت رجال الحق .فهي عزيزة بدينها وبهؤلاء الأفذاذ وبهم ستعود والعود احمد وعن قريب .فاللهم ثبتنا على الحق وارزقنا شهادة في سبيلك غير مفرطين ولا مبدلين ومع رجال الحق يكون اللقاء .

 


المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها فقط ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع