بقلم / أشرف نصار


رسالة من " أبو بكر الصديق " إلى دعاة وشعب مصر العظيم
من وحى الإسراء والمعراج

 

من أبي بكر الصديق إلى دعاة الاسلام

كما كانت رحلة الاسراء درسا تربويا نفسيا لا بد منه لمحمد ص حتى يواجه أعباء الرسالة ، ويتحمل مسؤلياتها ويرفع رايتها ، ويقف كالجبل الأشم لا يتزعزع ، ولا يتزلزل أمام هذه العواصف والمؤامرات
كذلك وضعت هذه الرحلة المسلمين قبل الهجرة في بوتقة اختبار آخر بلون آخر لتنقيتهم من المترددين والمتشككين قبل أن يبدأ الشوط التالي الحاسم ، الذي سيكون حافلا بالجهاد والتضحية بالمال والأهل والوطن بعد الهجرة إلى المدينة . فرغم الاضطهاد والتعذيب وآلآم الحرمان والتنكيل في مكة إلا أن الله سبحانه وتعالى قدر أن تستمر الآلام والمعاناة والتضحية والجهاد حتى بعد أن تقام الدولة الاسلامية فى المدينة ويصبح محمدا (ص) رائدها وقائدها . فلقد قدر الله ان تكون الالام أبرح والجراح أنكى والتضحيات أضخم والشهداء أكثر فلذلك كان الإعداد وكان الاختبار , اختبار الايمان والثقة ,اختبار لمن آمن وصدق وثبت تحت سياط التعذيب !!!!!
فتحكي كتب السيرة أنه عندما تحدث النبي (ص) بأمر الإسراء والمعراج طفق القوم بين مصفق وبين واضع يده على رأسه تعجبا
يقول ابن كثير: ((وارتد ناس ممن آمن بالنبي ص) ) ارتد من ثبت تحت التعذيب , ارتد من صبر على لأواء الجوع والمقاطعة , رسب في اختبار الثقة واليقين , اليقين بقدرة الله واليقين بصدق المصطفى (ص) وهكذا المحن تفرز حقائق الرجال أفرزت هذا النموذج الذي لم يستطع أن يستوعب الأمر لضعف يقينه وأفرزت كذلك رجالا كأبي بكر الصديق .
فلقد أراد المشركون استغلال هذه الخبر في تضعيف نبوته (ص) وتوهين صحابته لكنهم واجهوا قلوبا قوية صادقة من أمثال أبي بكر
@ ففي الحديث : ( لما أسري بالنبي إلى المسجد الأقصى، أصبح يتحدث الناس بذلك، فارتد ناس ممن كانوا آمنوا به، و صدقوه، وسعوا بذلك إلى أبي بكر، فقالوا: هل لك إلى صاحبك يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس ؟ ونحن نضرب إليه أكباد الإبل شهرا ذهابا وشهرا إيابا قال: أو قال ذلك ؟ قالوا: نعم، قال: لئن كان قال ذلك لقد صدق.... ) أخرجه الحاكم والبيهقي
إيمان ثابت إيمان لا تعبث به الدنيا ولا تزلزله الجبال

من أبي بكر الصديق الى الشعب المصري العظيم

وكما كان اليقين والثقة عامل من عوامل ثبات أبي بكر (ض) في هذه المحنة كان هناك عامل آخر لا يقل أهمية عن الأول وهو التفكير الناضج ورؤية الأشياء بمنهج عقلي سليم لا يخضع للأهواء وأنما يعتمد على المنطق والقياس ويقرأ الغامض المجهول في ضوء الثابت المسلم به المعروف
ففي السيرة ( قالوا: أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح ؟ قال: نعم إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء في غدوه أو روحه) أخرجه الحاكم والبيهقي. وفي رواية ( فما يعجبكم من ذلك فوالله إنه ليخبرنى أن الخبر يأتيه من الله من السماء إلى الأرض في ساعة من ليل أو نهار فهذا أبعد مما تعجبون منه)
وسيدنا ابو بكر كما يعطينا درسا فى الثقة والثبات كذلك يعلمنا درسا في أسلوب التفكير وطريقة الحكم على الأمور والبناء على المسلمات السابقة وجعلها منطلقا لما غبش من الرؤية

واذا كان أبو بكر قد مثل فريقا اهتدى بإيمانه وعقله الى الحق والصواب فلقد كان هناك فريقا آخر لم يقو على مقاومة الاعلام وسقط مع الساقطين ، فقد ارتد كثير ممن اسلم عن الاسلام بعد هذه الحادثة متأثرين بضغط الواقع واعلامه المزيف ، وهذا الفريق من الناس كان لا بد له ان يسقط ، لان وجوده في صف المسلمين سيضعفهم ويعرقل حركتهم نحو التغيير ، وخير للصف الاسلامي ان ينظف نفسه من مثل هؤلاء.
ان المسلم يجب ان يستخدم عقله في التفكير والحكم على ما يسمع وما يرى ، لا ان يترك الدعاية السوداء ووسائل الاعلام المضللة تؤثر في ايمانه وتقواه.فترسيخ الاقتناع العقلي و الفطري للمؤمنين يحصنهم من حملات التشويش و التشكيك التي اثارتها قريش في الماضي ويثيرها أتباع قريش في الحاضر والمستقبل.
ولقد وضع لنا رسول الله (ص) أسس هذا المنهج العلمي في التفكير عندما اتهمته قريش باختلاق القرآن والافتراء على الله فذكَّرهم بأربعين سنة قضاها بينهم كان فيها ( الصادق الأمين ) ( هذا الأمين رضيناه حكما )

"قُل لَّوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُم بِهِ ۖ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ"

فيا شعب مصر العظيم

لقد لبث فيكم دعاة الاسلام عمرا من قبل فخبرتموهم أصدق الناس حديثا وأخلصهم فعلا وأصفاهم قلبا وأطهرهم لسانا وأبيضهم يدا فلا تصدقوا أباطيل سحرة فرعون و تنكروا ما رأته أعينكم ولمسته أيديكم........... أفلا تعقلون .

 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها فقط ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع