بقلم / محمد عبد الرحمن صادق


- قال تعالى : " ....... وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ {42} قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ {43} " ( هود 42 – 43 ) .
- اركب معنا ...... نداء من أب رحيم يعتصر قلبه ألماً على ابنه العاق .
- اركب معنا ...... نداء داعية عطوف لمدعو يريد أن يُلقي بنفسِه إلى التهلكة .
- اركب معنا ...... صرخة من شيخ يَعي مرامي الأمور ويعلم كيف يكون الخلاص .
- اركب معنا ...... صرخة من قائد مُحنك لشاب طاش عقله وظن أن قوته ستبلغه مُراده .
- اركب معنا ...... هتاف العقل والحكمة للعشوائية والتخبط والغرور .
- اركب معنا ...... هتاف مَن عركته الحياة وعرف دروبها وحِيلها ومكرها بأهلها .
- اركب معنا ...... تودد الرحمة والمحبة للطغيان والفساد والجبروت .
- اركب معنا ...... تودد من مُعلم لا يريد إلا الخير والنجاة والرفعة لتلميذه .
- اركب معنا ...... نصيحة في الله لا يريد قائلها إلا الأجر والثواب من الله تعالى وحده .
- اركب معنا ...... نصيحة من ذاق حلاوة الإيمان لمن انغمس في وحل الشهوات .
- اركب معنا ...... نصيحة من تحركه القوة الروحية لمن لاذ إلى قوة مادية زائلة .
- اركب معنا ...... نصيحة من قلب موصول بربه لكل من أراد أن يتخذ الشيطان قريناً .
- اركب معنا ...... إعلان على الملأ لتوضيح أن مظلة الدعوة تسع الجميع ولا تستثني أحداً .
- اركب معنا ...... إعلان من القائد نفسه لتوضيح أن الدعوة ليست قاصرة على سِن ولا مكانة .
- اركب معنا ...... حرص من داعية على هداية أقرب الناس إليه .
- اركب معنا ...... لهفة من قلب أب مكلوم على ابنه قبل أن يخبره الله تعالى " ..... يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ " فالرابطة الحقيقية هنا هي رابطة العقيدة قبل أن تكون رابطة الدم والنسب .
- إن هذا النداء ما زال يدوي في جنبات الكون منذ أن أطلقه نوح عليه السلام إلى يومنا هذا ، وإلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها ، وكأنه يلاحق كل فاسد ، وكل فاجر ، وكل مُتجبر ، وكل عنيد ، وكل طائش ، وكل عاص ، وكل ظالم ، لكي ينجوا بنفسه قبل فوات الأوان ، ولكي يركب سفينة النجاة قبل قدوم الطوفان . فالسفينة واحدة وإن تغير ربانها .
- إن هذا النداء الذي لم يتوقف إلى يومنا هذا ، هناك من يريد أن يُوقفه ، هناك من يريد أن يكتمه ، هناك من يصم أذنيه لكي لا يسمعه ، هناك من يُغمِض عينيه لكي لا يرى صاحبه ، بل هناك من يريد أن يفتك بصاحبه .
- إن هذا النداء هو فيصل بين طريقين ، وبين منهجين ، فعلى كل من يهتف بهذا الهتاف أن يُعِد نفسه لمعركة طويلة يقودها ويخطط لها ويؤجج نارها كل طواغيت الأرض وكل من ركن إليهم ، وصفق لهم ، وسار على دربهم .
- إن هذا النداء يحمل في طياته دعوة شاملة تُحدِث انقلاباً في الكون بأكمله ، فلا تترك مكاناً لظالم ، ولا لفاسد ، ولا لمتجبر لا يؤمن بيوم الحساب .
- إن هذا النداء يُقيم الحُجِّة على كل من يسمعه بأن الله تعالى قد أنزل الرسل وجعل العلماء ورثة الأنبياء ، فمن استجاب فله الخير والسلامة والأمن والأمان ، ومن أعرض ونأى بجانبه ، فما له إلا الهلاك والخسران المبين .
- إن هذا النداء يُعلمنا أن الأرحام لا تغني عن صاحبها شيئاً طالما اختار لنفسه طريق الضلال .
- إن هذا النداء إنما جاء بصيغة المفرد لكي يُحمل كل إنسان المسئولية الفردية عن نفسه ، فالإنسان يُولد فرداً ، ويُكلف فرداً ، ويموت فرداً ، ويُبعث فرداً ، ويُحاسب فرداً .
- إن هذا النداء إنما جاء بصيغة المفرد لكي يُعلِّم الدعاة إلى الله تعالى بأن هناك دعوة جماعية تسع الجميع ، وهناك أيضاً ( دعوة فردية ) تبدأ بأضيق الدوائر حولك حتى تبلغ منتهاها .
- إن هذا النداء هو إقرار بعدم قبول ( الطبقة الرمادية ) فإما أن تكون مع الحق وأهله ، وإما أن تكون على الحق وأهله . فلا قبول بتلون ممقوت ، ولا مُداهنة خبيثة ، ولا مداراة ماكرة ، طمعاً في السلامة ، وتُقية من المشقة ، وهروباً من تحمل تبعة الاستجابة لنداء الحق .
- إن الاستجابة لهذا النداء تعني أنك قد وُلدت من جديد ، وأن الله تعالى سيُبدل سيئاتك إلى حسنات ، وأن من كان يُبغضك بالأمس في الله ، يحبك اليوم في الله ، وينتظر منك أن تبادله نفس الشعور .
- إن الاستجابة لهذا النداء لا تعني أنك ستنخلع من ملذات الدنيا وستحرم نفسك من نعيمها ، بل ستنعم بكل شيء في حدود ما أحله الله تعالى لك ، فستجد نعيماً ، وستجد راحة وطمأنينة ، وستجد سعادة يحسدك عليها ملوك الدنيا .
- إن الاستجابة لهذا النداء تعني المُفاصلة الصريحة والواضحة بين الباطل وأهله من أول لحظة .
- إن الاستجابة لهذا النداء تعني الانصباغ بصبغة أهل الحق التي هي صِبغة الله تعالى التي ارتضاها لخلقه " صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ {138} " ( البقرة 138 ) .
- إن الاستجابة لهذا النداء تعني أنك ستتحمل مسئولية هذه الاستجابة صابراً مُحتسباً ، وأنك ستدفع جزءاً من الضريبة التي يدفعها الدعاة إلى الله تعالى على يد الباطل وأهله .
- إن الاستجابة لهذا النداء تعني أنك ستقف في صف الهاتفين بدعوة الله ، تهتف بلغتهم ، ولا تشذ عن غايتهم التي كلفهم الله تعالى بها واضحة ساطعة دون هوى أو مَغنم سِوى رضا الله تعالى وبلوغ جنته .
- إن الاستجابة لهذا النداء تعني أنك على يقين بصحة هذا الطريق ، ووضوح فكرته ، ونبل غايته ، فلن تدخر وسعاً في العمل لهذا الطريق ، ولنشر هذا المنهج بأخلاق المؤمنين دون إفراط أو تفريط .
- إن الاستجابة لهذا النداء تعني أنك على يقين بأن هذا الطريق وحده هو الذي يوصل إلى الله تعالى وبلوغ رضاه وجنته وأن غيره ما يوصل إلا إلى الهلاك والحسرة والندامة . فالحق طريقه واحد ، واضح ، مُستقيم . إنما الباطل طرقه كثيرة ، ملتوية ، متشعبة .
- فهنيئاً لمن بلغه النداء فلم يتردد .
- وهنيئاً لمن اختار صحبة الصالحين على صحبة الطالحين .
- وهنيئاً لمن هتف في صفوف المصلحين ولم يهتف في صفوف المفسدين .
- وهنيئاً لمن استعذب مشقة الطريق طمعاً فيما عند الله تعالى الذي هو خير وأبقى .
---------------------------------------------------------------------------------------------
اللهم ألهمنا رشدنا وثبت أقدامنا ......... اللهم استعملنا ولا تستبدلنا ........... اللهم اجعلنا من أهل الحق الذين هم أهلك وخاصتك .

 

 


المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها فقط ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع