أ.د. خالد فهمى(كلية الآداب/ جامعة المنوفية)


عن أبى هريرة رضى الله عنه . قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :” لا تشد الرحال قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :” لا تشد الرحال إلا ثلاثة مساجد ، المسجد الحرام ، ومسجد هذا ، المسجد الأقصى “فتح البارى كتاب التهجد باب فضل الصلاة فى مسجد مكة والمدينة 3/63 حديث 1189 والدر المنثور للسيوطى 9/243.


هذا حديث واضح الدلالة على فضل هذه الأماكن المقدسة فى دين الإسلام العظيم .


والحديث واضح الدلالة كذلك على الفضل المنسوب للأماكن ظاهر من ارتباط بطاعة الله سبحانه ، فالثلاثة الأماكن جميعا هى مساجد والمساجد هى أحب بقاع الأرض إلى الله تعالى.


و فى الحديث-فوق ما فيه من دلالات تقديس بعض الأماكن فى التصور الإسلامى دليل على فضل المسجد الأقصى ،وقد توصل الحديث إلى إقرار هذا الفضل له بعدد من التقنيات البلاغية الموزعة على فنونها المختلفة.

وفى الحديث كناية ظاهرة على علو مكانة المسجد الأقصى،وأهميته وهى الكناية الظاهرة من الجملة الخبرية المنفية :” لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد”.والجملة وإن كانت خبرية فإن غرضها الحث على تشريف المسجد الأقصى مضموما إلى أخويه المسجد الحرام والمسجد النبوى صلى الله على صاحبه ،كما أنها يمكن أن تحمل على الأمر الذى يستوجب حياطة المسجد الأقصى بصور العناية والتكريم ،وتهيئة السبيل إلى ذلك.

والحديث يستعمل الاستثناء بإلا وهو صالح لأن يكون استثناء حقيقيا فيكون التشريف و التكريم مقصور على الثلاثة المساجد المذكورة وفيها المسجد الأقصى أو يكون الاستثناء غير حاصر فيكون التشريف فى حق المساجد المذكورة أعلى فى الدرجة والمقام من غيرها.
وفى الحديث نوع إطناب وإطالة ناشئ من تصميم الحديث استثمار جملة من التوابع المتمثلة فى :

1- البدل فى المسجد الحرام ، بدلا من مساجد .
2- العطف بالواو فى المسجد الأقصى ومن قبله مسجدى هذا.


وفى الحديث حفاوة بنوع تكرار ظاهر من استعمال :مساجد ، ثم المسجد الحرام ،ثم مسجدى هذا ،ثم المسجد الأقصى،وهذا التكرار يحقق نوع تلذذ بالمذكور ، مما يوحى بحفاوة الفكرة الإسلامية بالمسجد ،واعتباره مادة للذة الحقيقية.


و فى استعمال أسماء الأعلام فى تسمية المسجد الأقصى تكريم ؛ ذلك أن اللقب الذي صار اسما يكون عادة فى مقامات الإشعار بالمدح على ما هو معروف فى منظومة النحو العربى.


الحديث يرفع من قدر المسجد الأقصى بما ظهر من دلالة جملة لا تشد الرحال ،وفيه نوع أمر خفى بضرورة بتحريره ،ذلك أن العطف بالواو المقيدة لمطلق الجمع يحمل على استنباط مهم يقرر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بضرورة تحرير المسجد الأقصى ممن احتله ليشارك أخوية المسجد الحرام والمسجد النبوى فى الحرية ، والتنزيه ،ولا ننسى أن المسجد الأقصى كان ساعتها تحت الاحتلال الرومانى ،وما أشبه الليلة بالبارحة.


القدس من عقيدتنا