في زمن من الهستيريا المتفشية والأفكار المسبقة ضد المسلمين في جميع أنحاء أميركا، أعلنت شرطة نيويورك، الخميس 7 يناير، عن سلسلة إصلاحات استجابة لدعويين أقامتهما منظمات مدافعة عن الحقوق المدنية تتهمان الأمن في الولاية بفرض مراقبة دائمة على المساجد وعمليات تجسس غير مبررة على المسلمين في سياق مكافحة الإرهاب.
وحدة من شرطة نيويورك كانت تضم 12 عميلاً انشئت بشكل سري في السنوات التي تلت اعتداءات 11 من سبتمبر 2001 وكان مجال نشاطها يغطي مدينة نيويورك ومحيطها. وأعضاء هذه الوحدة كانوا رجال شرطة بلباس مدني مهمتهم مراقبة مسلمي المدينة وأماكن عبادتهم ومطاعمهم ومكتباتهم ومتاجرهم وتوثيق كل ما يرونه أو يسمعونه.
الإصلاحات التي تتبنى فرض قيود على دور الشرطة في عمليات مراقبة المسلمين وتسهم في تسريع عمليات التحقيق في الاتهامات بالإرهاب ووضعها في إطار زمني محدد وغير مفتوح.
من جهتها أعلنت مدينة نيويورك أن هذه الاصلاحات لن تضعف قدرتها على التحقيق في الوقائع وتدارك الأنشطة الإرهابية.
وتدخل الإصلاحات في سياق اتفاق تم التفاوض بشأنه لأكثر من عام مع المدعين الذين أثنوا عليها، معتبرين أن هذا التحرك من قبل أكبر قوات شرطة في البلاد يوجه رسالة قوية في ظل تنامي مشاعر العداء للمسلمين.
المدعون كانوا قد اتهموا شرطة نيويورك باستهداف المسلمين بناءً على ديانتهم، مؤكدين أنها تفرض مراقبة على نشاطات سياسية ودينية مشروعة بدون الحصول على إذن لذلك منذ هجمات 11 سبتمبر2001.
ولا يزال يتحتم أن تحصل شروط التسوية على موافقة قاض فيدرالي.
شكوى كانت قدمت عام 2013 تتهم شرطة نيويورك بوصم مسلمي المدينة من خلال فرض "مراقبة طاغية" على المساجد والمدارس وغيرها من المؤسسات أو الهيئات المسلمة.
كما اتهمت الشكوى شرطة نيويورك بنشر عناصر باللباس المدني ومخبرين "لاختراق" المساجد والتنصت على أحاديث المصلين ورجال الدين، قبل أن يتم تسجيل هذه المعلومات في قاعدات بيانات وذلك في انتهاك للحقوق الدستورية.
ولم تعترف مدينة نيويورك بأي ممارسات مخالفة للقانون في سياق هذا الاتفاق الذي لا يحظر أي ممارسات تحديداً غير أنه ينص على أن يتلقى شرطيو نيويورك "تعليمات إضافية".
وسيتم بناءً على الاتفاق تفصيل التعليمات المعروفة بتعليمات "هاندشو" التي تطبق في التحقيقات في قضايا إرهابية ولم تتم مراجعتها منذ عام 2003.
وسيتم خصوصاً توضيح الشروط لفتح تحقيق أوليّ، كما أن مدة هذه التحقيقات التي كانت حتى الآن غير محدودة زمنياً، لن تتخطى اعتباراً من الآن 18 شهراً، أمام التحقيقات الكاملة فستحدد مدتها بـ3 سنوات مع إمكانية تمديدها لـ5 سنوات بالنسبة للتحقيقات في قضايا الإرهاب.
كما يعين رئيس البلدية، بالتشاور مع قائد الشرطة، محامياً مستقلاً سيشارك في لجنة استشارية تابعة للشرطة، وسيتم إبلاغه بفتح تحقيقات إرهابية وإغلاقها بهدف ضمان "الشفافية".
ووصف الاتحاد الأميركي للحقوق المدنية الذي ساند إحدى الدعويين الاتفاق بأنه "حاسم"، وقالت هينة شمسي، مديرة مسائل الأمن القومي في المنظمة، إنه ينص على "قيود ضرورية جداً للتصدي للمراقبة التمييزية وغير المبررة للمسلمين".
واعتبرت أنه "في زمن من الهستيريا المتفشية والأفكار المسبقة ضد المسلمين في جميع أنحاء البلاد، فإن هذا الاتفاق مع أكبر قوة شرطة في البلاد يوجه رسالة قوية".
هينة شمسي قالت إن المحامي المستقل الذي سيتم تعيينه لـ5 سنوات على أقل تقدير سيتثبت من "اتخاذ جميع تدابير الحيطة واحترامها"، مشيرة إلى أن مراقبة الشرطة للمسلمين أوجدت أجواء من الخوف والريبة.
وقال رئيس بلدية مدينة نيويروك، بيل دي برازيو، إن "مسلمي نيويورك شركاء مهمون في مكافحة الإرهاب وهذا الاتفاق بالتفاوض هو خطوة إضافية مهمة على طريق بناء علاقاتنا مع مجموعة المسلمين".
من جهته أعلن قائد الشرطة، بيل براتون، أنها "الخطوة الأخيرة في جهودنا المتواصلة لبناء الثقة والحفاظ عليها مع مجموعة مسلمي المدينة وجميع النيويوركيين".
كما سيترتب على مدينة نيويورك تسديد نفقات محامي المدعين البالغة حوالي 1,6 مليون دولار.