في بيان مشترك طالبت 12 منظمة حقوقية بإطلاق سراح الناشط الحقوقي هشام قاسم فورا، ووقف استهداف المعارضين السلميين.
وأضافت أن الإفراج مطلوب دون قيد أو شرط، مشيرين إلى أن احتجازه جاء لممارسته حقه الأصيل في حرية التعبير.
وأشارت المنظمات الحقوقية إلى أنه أثناء محاكمته السبت 2 سبتمبر، لم يتمكن محامو "قاسم" من الحصول على ملف قضيته حتى الآن؛ الأمر الذي يقوض حقوقه في الإجراءات القانونية الواجبة، فيما تشير ظروف احتجازه ومحاكمته لدوافع سياسية وراء احتجازه، انتقاما منه لمعارضته الحكومة.
تهم ملفقة
واعتبرت المنظمات أن احتجاز "هشام قاسم" كأحد معارضي عبد الفتاح السيسي والمدافع البارز عن حرية الإعلام والصحافة، جاء بتهم ملفقة بالتشهير؛ لمشاركته منشورا صحفيا على مواقع التواصل الاجتماعي حول الفساد المحتمل لمسئول سابق.
وقع البيان "مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان"، و"مركز أندلس"، ، و"لجنة العدالة"، و"المفوضية المصرية للحقوق والحريات، و"الجبهة المصرية لحقوق الإنسان"، و"فريدم هاوس"، و"الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان"، و"منظمة القلم أمريكا (PEN America)"، و"الحركة العالمية من أجل الديمقراطية"، ورربط بين اعتقال الناشط الحقوقي ومشاركته تأسيس تحالف التيار الحر، وهو تحالف من الأحزاب السياسية الليبرالية والشخصيات المعارضة، يسعى لتقديم سياسات اقتصادية بديلة.
وأكدت المنظمات أن استهداف السلطات المصرية لقاسم جاء بسبب معارضته السلمية وعمله المؤيد للديمقراطية؛ تعرب عن خشيتها أن ينضم قاسم لعشرات الآلاف من السجناء السياسيين الذين واجهوا أحكاما قاسية إثر محاكمات صورية، أو هم قيد الحبس الاحتياطي لسنوات طويلة.
وحملت المنظمات الدول الغربية المسؤولية، وقالت: إنه "رغم سجل مصر المروع في مجال حقوق الإنسان خلال العقد الماضي؛ لا تزال مصر تتلقى دعمًا ماليا واقتصاديا كبيرا من الحكومات الغربية والمؤسسات المالية الدولية".
وتزعم سلطات الانقلاب مؤخرا شروعها في معالجة حالة حقوق الإنسان؛ يعد احتجاز قاسم و ما تزامن معه من إجراءات تعسفية مؤخرا ، مؤشرا آخر على أنها تفتقر لأية نية لتغيير مسارها، وفي هذا الإطار؛ ندعو المجتمع الدولي للمطالبة بالإفراج عن قاسم، وغيره من السجناء السياسيين المحتجزين.
رهن الاستجواب
وفي 19 أغسطس، استدعت نيابة جنوب القاهرة هشام قاسم بصفته شاهدا، لكنه اكتشف لدى وصوله مكتب النائب العام في اليوم التالي، أنه رهن الاستجواب كمتهم في بلاغ بالتشهير، قدمه الوزير السابق كمال أبو عيطة، وكان قاسم قد نشر في وقت سابق عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي مواد صحفية تتعلق بمزاعم فساد ضد أبو عيطة، ووجهت النيابة تهمة التشهير لقاسم، وقررت إخلاء سبيله بكفالة قدرها 5000 جنيه، وهو إجراء غير معتاد في قضايا التشهير وفقا لمحامي قاسم، الذي قدم التماسا لإلغاء الكفالة.
في اليوم التالي، وبينما كان قاسم ومحاموه في انتظار قرار النائب العام بشأن إلغاء الكفالة، علموا أن ثلاثة من أفراد الشرطة قدموا بلاغا آخر يتهم قاسم بالاعتداء عليهم لفظيا أثناء أدائهم مهام وظيفتهم، وقد أُحيلت القضية للمحكمة في جلسة عاجلة تحددت يوم السبت 2 سبتمبر، ولم يتمكن المحامون بعد من الاطلاع على أوراق القضية، مما ينتقص من حقه في محاكمة عادلة، فبموجب المعايير الدولية، يحق للمحاميين الحصول على وقت كافٍ لتحضير الدفاع، الأمر الذي يتطلب من المحاكم والمدعين العموم تمكينهم من الوصول لملفات القضايا الخاصة بموكليهم.
وهشام قاسم (64 عاما) ناشر وصحفي مصري، مدافع بارز عن حقوق الإنسان، وسياسي ليبرالي، في منتصف التسعينيات، أصدر مجلة كايرو تايمز باللغة الإنجليزية، والتي تم إغلاقها بسبب القيود التي فرضتها الحكومة، وفي عام 2004، شارك في تأسيس صحيفة المصري اليوم، أول صحيفة يومية مستقلة في مصر منذ عقود، والتي سرعان ما أصبحت إحدى الصحف الرائدة في البلاد، تتحدى هيمنة وسائل الإعلام المملوكة للدولة.
و"قاسم" الرئيس السابق للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، وعضو سابق في اللجنة التوجيهية للحركة العالمية من أجل الديمقراطية وحاصل على جائزة الديمقراطية من الصندوق الوطني للديمقراطية لعام 2007.
في عام 2018، كان قاسم أحد الأعضاء المؤسسين لتحالف الأمل، وهو تحالف من شخصيات وأحزاب معارضة تشكل بهدف طرح قائمة مشتركة للترشح في الانتخابات البرلمانية لعام 2019. تم إجهاض التحالف بعدما اعتقلت السلطات المصرية العديد من قادته، في القضية التي عرفت لاحقًا بـ «خلية الأمل» وفي يونيو 2023، وقبل الانتخابات الرئاسية المرتقبة، شارك قاسم في تأسيس التيار الحر، وهو تحالف ليبرالي يضم أحزاب وشخصيات معارضة، يسعى لتقديم بدائل للسياسات الاقتصادية والسياسية لحكومة السيسي.
ارتفاع أعداد المعتقلين
2013، ارتفعت أعداد السجناء السياسيين في مصر بشكل كبير، وفي الوقت الحالي، يقبع عشرات الآلاف من سجناء الرأي في السجون، إما بناء على أحكام قاسية بالسجن صدرت بحقهم عن محاكمات بالغة الجور، أو قيد الحبس الاحتياطي، والذي يمتد أحيانا لفترات تتجاوز حد العامين، المنصوص عليه في القانون المصري.
ووفق البيان، تدهورت أوضاع السجون في مصر بشكل مقلق، على مدار العقد الماضي؛ إذ يتم منح الرعاية الطبية وحقوق الزيارة للسجناء بشكل تعسفي وانتقائي، ويقضي بعضهم سنوات في الحبس الانفرادي، وفي عام 2019، حذر خبراء الأمم المتحدة من أن آلاف المعتقلين في مصر ربما يعانون من انتهاكات جسيمة لحقوقهم الإنسانية، وقد يكون الكثير منهم معرضين بشدة لخطر الموت، ويبدو أن هذه ممارسة متعمدة وممنهجة من جانب الحكومة الحالية للسيسي؛ لإسكات المعارضين، ولا تزال السلطات المصرية ترفض السماح للجماعات الحقوقية المستقلة بتفقد أوضاع السجون.
في أبريل 2022، دعا عبد الفتاح السيسي لإجراء حوار وطني، ولاحقا تم إعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسية، وفيما أفرجت السلطات المصرية عن 1,662 سجينا خلال الفترة بين أبريل 2022 ومنتصف يوليو 2023؛ احتجزت في المقابل 4,968 سجين جديد، بتهم ذات دوافع سياسية، وذلك بحسب حملة حتى آخر سجين –وهي مبادرة يقودها مدافعين مصريين عن حقوق الإنسان، بحسب البيان.