21/05/2010

لم يبق أمام صيادي رفح جنوب قطاع غزة سوى البحث عن عمل آخر بعدما توقفوا عن الصيد بشكل شبه تام نتيجة منعهم من الدخول في عمق البحر من قبل البحرية الإسرائيلية، وتزايد الانتهاكات المصرية بحقهم وإتلاف جزء كبير من معداتهم والاعتداء عليهم.
 
وتحطمت الآمال التي علقها الصيادون على مصر بعدما صعدت القوات المصرية من اعتداءاتها عليهم ومنعتهم من دخول مياهها الإقليمية وقتلت أحدهم قبل أيام، وفق ما ذكروا للجزيرة نت.
 
ويروي صيادون من مدينة رفح تفاصيل من "ليالي الموت" التي عاشوها في المياه الإقليمية المصرية وذاقوا خلالها ألوان الخطر والاعتقال والموت.

البحث عن الرزق

يقول الصياد خليل عدنان (23 عاماً) للجزيرة نت "حاولنا البحث عن رزقنا في المياه المصرية بعدما منعتنا الزوارق الإسرائيلية من الصيد، ولكن يبدو أن الجميع قد تآمر علينا، وشدد الجنود المصريون من حصارنا".
 
ويوضح عدنان أن الصيادين كانوا يعودون خالي الوفاض لا يتمكنون من صيد شيء نتيجة المضايقات المصرية والمنع الإسرائيلي، مشيراً إلى أن إسرائيل لا تسمح بتوغل الصيادين إلا لثلاثة أميال بحرية فقط مما يضطرهم للاقتراب من الحدود المصرية.
 
ويصف الصياد الغزي إحدى "الليالي المظلمة" التي بلغت خسائرهم فيها سبعة آلاف دولار، قائلاً "في ذلك اليوم انطلقت قواربنا للصيد وبعد قطعها مسافة ميلين بحريين منعها الزورق الإسرائيلي من الدخول أكثر، مما دفع الصيادين للاتجاه إلى المياه المصرية".
 
ويتابع "ما إن وصلنا إلى الحدود المائية حتى اقتربت الزوارق المصرية من قواربنا وبدأ الجنود برشقنا وانهالوا علينا بالشتائم، ونزل عدد منهم إلى قواربنا وضربوا عددا منا، وسحبوا الشباك ومزقوها وصادروا مصابيح الإنارة والمحركات وأتلفوا الكثير من المعدات".
 
ومضى عدنان يقول "كانت ليلة قاسية بحق.. نجونا بأعجوبة، ولا أدري لماذا نعامل بهذه الطريقة.. حسبنا الله ونعم الوكيل".

ليلة الموت

ولم تقتصر المضايقات المصرية على مصادرة المعدات والضرب، بل امتدت إلى "القتل العمد" كما يقول صيادو رفح.
 
فالصياد صافي زيان (50 عاماً) روى للجزيرة نت تفاصيل "ليلة الموت" –كما أًطلق عليها- التي قتل فيها الصياد محمد البردويل (41 عاما).
 
يقول زيان "في الأسبوع الذي سبق استشهاد محمد البردويل لم تمنعنا القوات المصرية من دخول مياهها الإقليمية، وقد انتعش قطاع الصيد بشكل كبير وعاد إلى سابق عهده قبل تشديد الحصار، وانخفضت أسعار السمك بشكل كبير مما شجع الصيادين على الإبحار".
 
ويضيف "في ليلة 12 مايو/أيار انطلقنا بقواربنا كالعادة مع غروب الشمس وتوجهنا إلى المياه المصرية دون أن يمنعنا أحد، وأشعلنا مصابيح الإنارة وبدأنا بالصيد إلى الساعة 11 ليلا، حينها فوجئنا بأربعة زوارق بحرية مصرية خرجت من ميناء العريش وتوجهت نحو قواربنا".
 
ويتابع بنبرة حزينة "بدأت الزوارق بالاصطدام بقواربنا الصغيرة مما أدى إلى تحطم جزئي لبعضها، ونزل بعض الجنود المصريين وسحبوا الشباك ومزقوا جزءا كبيرا منها وأتلفوا عددا من المحركات".
 
وقال زيان "شاهدنا زورقا مصريا يقترب بسرعة من زورق محمد البردويل ويصطدم به، مما أدى إلى تحطمه وغرقه، وبعد ابتعاد الزورق شاهدنا جثة محمد مضرجة بالدم طافية على الماء.. كان المشهد مفزعا ولم نتوقع أن يحدث ذلك".
 
ويضيف "أخرجنا محمدا من المياه وقد فارق الحياة، وعدنا إلى ميناء رفح (..) كانت لحظات عصيبة".

الرواية المصرية

لكن رواية الأمن المصري اختلفت عن روايات الصيادين، فقد قالت حينها إن الاصطدام كان حادثا عرضيا نجم عن عتمة الليل، وإن القارب الفلسطيني لم يحدد أو يعلن موقعه بوضوح.
 
وأوضح مسؤول أمني مصري أن "زورق البحرية المصرية اقترب من القارب الفلسطيني لتحذيره، وطلب ممن كانوا فيه الابتعاد عن المياه المصرية، بيد أن القارب اصطدم به لأن القارب الفلسطيني لم تكن فيه أي مصابيح مضاءة وكان الظلام مخيما".
 
ويشير زيان إلى أن خسائر الصيادين المادية في تلك الليلة بلغت نحو عشرين ألف دولار بسبب غرق أحد القوارب ومصادرة وإتلاف جزء كبير من المعدات.
 
ويتسبب المنع الإسرائيلي والمصري للصيادين من الإبحار بفقدان أكثر من 3500 عائلة غزية مصدر دخلها، إضافة إلى ألفي عائلة يعمل معيلوها بمهن مرتبطة بالصيد كصناعة القوارب والشباك وبيع السمك، وفق بيانات رسمية.

__________

المصدر : الجزيرة نت