04/03/2009

كالعادة، قوبل قرار المحكمة الجنائية الدولية بشأن اعتقال الرئيس السوداني عمر البشير بانتقادات واسعة من قبل العالم العربي والإسلامي وفي داخل إفريقيا، فيما أيدته دول غربية كانت في الأصل تقف وراء المدعي العام للمحكمة لويس مورينو أوكامبو لاستصدار مثل هذا القرار.

الموقف العربي

في مصر، دعا أحمد أبو الغيط وزير الخارجية، مجلس الأمن، إلى تعليق أمر الاعتقال الذي أصدرته المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السوداني عمر حسن البشير، وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط: إن أبو الغيط دعا مجلس الأمن لعقد جلسة عاجلة وطارئة لتأجيل أمر الاعتقال.

أما حركة المقاومة الإسلامية فكانت من أول المنددين بشدة للقرار، مطالبةً بإصدارِ مذكراتِ اعتقالٍ بحقّ "بيريز" و"ليفني" و"أولمرت" و"نتنياهو" وغيرهم من مجرمي الحربِ الصهاينة.

وأكّدت "حماس" في بيانٍ لها؛ تعقيبًا على مذكّرةِ محكمةِ الجناياتِ؛ إدانتها الشديدة للقرار المذكور، لافتةً إلى ضرورة "رفض الدول العربية والإسلامية والأجنبية التعامل مع هذا القرار".

كما طالبت "حماس" في بيانها محكمة الجنايات الدولية بـ"إصدار مذكرة اعتقال بحق مجرمي الحرب الصهاينة الذين ارتكبوا مجازر وحشية وجرائم حرب ضدّ الشعبين الفلسطيني واللبناني، وهم: "شمعون بيريز" و"إيهود أولمرت" و"إيهود باراك" و"نتنياهو" و"تسفي ليفني" وغيرهم من كبار مجرمي الحرب".

كما أعلنت الحركة مساندتها الكاملة للرئيس عمر حسن البشير وجمهورية السودان في مواجهة هذا الاستهداف الأمريكي الصهيوني، مشيرةً إلى أنّ الأمم المتّحدة "تُثبت أنها باتت أداةً من أدوات القوى الكبرى، وفي مقدّمتها الولايات المتّحدة الأمريكية"، معتبرةً أنّ القرار يمثّل "دليلاً جديدًا على تبعية هذه المحكمة وانحيازها لصالح القوى الاستعمارية والمعايير المزدوجة التي تتعامل بها".

وفي السعودية، قال الوزير المفوض في السفارة السودانية بالرياض والقائم بالأعمال أحمد يوسف: إن قرارات هذه المحكمة ستتبخر مثلما تبخرت قرارات أخرى كثيرة، مذكرًا بموقف الخرطوم الرافض لهذه المحكمة التي لا يحمل عضويتها، وغير ملزَمٍ بتنفيذ ما يصدر عنها، مشيرًا إلى أن ما يقوم به المدعي العام لويس أوكامبو من جهود هي حملة سياسية تقف وراءها دول غربية وإسرائيل التي استقبلت أحد قادة التمرد في الفترة الأخيرة.

كما حذر وزراء الخارجية العرب من "الآثار الخطيرة" التي تترتب على عملية السلام في دارفور بسبب قرار المحكمة.

على الصعيد نفسه، قال مبعوث ليبيا: إن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي يمكنه إيقاف إجراءات المحكمة الجنائية الدولية لا ينوي عقد اجتماع بعد صدور المحكمة قرار الاتهام، وذلك في علامة على أنه من غير المحتمل أن يتحرك المجلس لإيقاف قضيته.

وقال السفير الليبي إبراهيم دباشي الذي يتولى الرئاسة الدورية للمجلس لشهر مارس للصحفيين: "لن نعقد اجتماعًا فوريًا للمجلس"، واستدرك بقوله: "ولكن سنستمر في التشاور مع أعضاء الجامعة العربية وإذا اقتضت الحاجة سنعقد اجتماعًا للمجلس في هذا الشأن".

الاتحاد الإفريقي

بدوره، صرح رئيس لجنة الاتحاد الإفريقي جون بينج أن مذكرة التوقيف الصادرة من المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس السوداني عمر البشير تهدد السلام في السودان.

وقال بينج في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية: لقد علمت لتوِّي بقرار المحكمة، وأحرص على الإشارة إلى موقف الاتحاد الإفريقي المناهض لأي حصانة من العقوبات؛ إذ ليس هناك موضع شك بالنسبة لنا في ترك مرتكبي الجرائم دون عقاب، ولكن نحن نقول: إن السلام والعدالة لا يجب عليهما التواجه والتعارض، وأن أوامر وأولويات العدالة لا تستطيع تجاهل أولويات ومقتضيات السلام.

وأكد بينج على أن هذا القرار يهدد السلام في السودان، مشيرًا إلى أن قضايا السلام ذات أهمية قصوى مثل قضايا العدالة التي عليها أن تأخذ في الحسبان مشاكل السلام في السودان كما تفعل في كل مكان في العالم.

وصرح أيضًا بينج بقوله: إننا نلاحظ أن العدالة الدولية لا يبدو أنها تطبق قواعدها في مجال مكافحة الحصانة ضد العقوبات سوى في إفريقيا، كما لو أن شيئًا لا يحدث في أماكن أخرى مثل العراق وغزة وكولومبيا وفي القوقاز.

واشنطن تؤيد وموسكو تدين

أما الولايات المتحدة الأمريكية فدعت إلى ضبط النفس بعد صدور قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق البشير، وقال روبرت وود المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأمريكية الذي يصاحب هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية الموجودة الآن في الشرق الأوسط: نحن ندعو كل الأطراف السودانية بما فيها الحكومة السودانية إلى ضبط النفس، وأنه يجب تحاشي القيام بأي أعمال عنف أخرى ضد المدنيين والمصالح الأجنبية، وأن ذلك لن يتسامح معه، وأضاف أن واشنطن ترى أن كل من قام بأي أعمال وحشية عليه أن يقدم للعدالة، حسب زعمه.

وكان مسئول أمريكي قد شدد في تصريحات صحفية سابقة له على أن الولايات المتحدة سوف تستغل قرار المحكمة كورقة ضغط على السودان، ونقلت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" عن المسئول قوله: "إنهم (إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما) سيستخدمون مذكرة التوقيف وكأنهم يحملون بندقية ضد نظام البشير، ولكن ليس لإطلاق النار عليه"، هذه ستكون طريقتنا للقول له: هذه هي فرصتك الأخيرة".

أما فرنسا، فقد دعت السودان إلى التعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية، وفقًا للمتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الفرنسية إريك شوفاليه.

ومن جانبها، وصفت روسيا مذكرة اعتقال البشير بأنها "سابقة خطيرة".