18/2/2009

قال شهود عيان في مدينة رفح المصرية: إن المدينة تتعرض لحصار خانق بحجة منع تهريب المستلزمات المعيشية الضرورية إلى قطاع غزة المحاصر منذ ما يقارب العامين عبر الأنفاق على الحدود بين جانبي المدينة المصري والفلسطيني.
وتحدث سكان بالمدينة المصرية عن حجم المعاناة التي يلاقونها والتضييق الذي يمارس عليهم بحجة منع تهريب السلع إلى القطاع, حيث يعيش المواطنون حالة من الاختناق بسبب شح المواد الغذائية والدواء والموارد المعيشية البسيطة.
تقول حمدة صبيح، وهي سيدة بدوية تجاوزت الخمسين من عمرها: "لليوم الثالث وأنا أبحث عن دواء القلب الخاص بزوجي المسن ولم أجده في صيدليات مدينتي رفح والشيخ زويد".
الأدوية ممنوعة من الدخول:

وتضيف صبيح: "كلما سألت عن هذا الدواء كان رد الصيادلة أن الأدوية ممنوعة من دخول رفح والشيخ زويد منذ أسبوع بسبب الحصار الأمني المفروض على المدينتين".
وللخضار والفواكه نصيب:

ويشكو مطر سليمان هو الآخر ـ وهو من أبناء مدينة الشيخ زويد ـ من هذا "الحصار"، قائلاً: "نعاني بشدة من الحصار الأمني المكثف المفروض على مدننا وقرانا منذ فترة.. من يتخيل أنه حتى سيارات تحمل الخضار والفواكه يتم منعها من الوصول إلى منطقة الحدود".
ويوضح سليمان: "كان اعتمادنا خلال الأيام الماضية على ما تم تخزينه في المحلات.. ومع بدء نفاد البضائع بدأنا في الشكوى للمسئولين الشعبيين والتنفيذيين، ودائمًا ما يجيبون بأن هذا الحصار لأسباب أمنية من أجل منع تهريب البضائع إلى غزة عبر الأنفاق".
وتساءل مستنكرًا: "كيف سنحصل على حاجاتنا من مؤن الحياة؟!".
أما شادي عبد المنعم ـ وهو طالب بالمرحلة الثانوية في رفح ـ فيقول: "بدأنا النصف الثاني من العام الدراسي وسط إجراءات أمنية مشددة تعذر بسببها وصول بعض المدرسين قادمين من العريش"، على بعد 45 كيلومترًا. وفقًا لإسلام أون لاين.
حملة أمنية غير مسبوقة:

وعقب العدوان "الإسرائيلي" الأخير على غزة سارعت أجهزة الأمن المصرية إلى حزمة إجراءات غير مسبوقة؛ بغية وقف نشاط الأنفاق بين مصر وغزة، التي سرعان ما عادت للحياة رغم الضرر البالغ الذي لحقها جراء القصف الصاروخي أثناء الحرب.
وتشمل الإجراءات، التي أصابت رفح بشلل شبه تام حسب وصف بعض سكانها، منع دخول كافة حافلات نقل البضائع والوقود إلى رفح والشيخ زويد، وكذلك سيارات نقل الأدوية، ونشر قوات أمنية بأعداد غير مسبوقة حول مخارج ومداخل المنطقة الحدودية، والتدقيق في شخصيات من يدخلون إلى رفح من غير سكانها.
وصاحب هذه الإجراءات حملة أمنية موسعة تم خلالها مداهمة وتفتيش منازل مواطنين يقطنون قرب الحدود، وتحرير محاضر مخالفات تموينية لمن يحتفظون بكمية من البضائع، إضافة إلى مطاردة الباعة الجائلين، وتحرير مخالفات للسيارات التي تعمل على نقل البضائع، خشية تهريبها إلى غزة عبر الأنفاق.
ولعبت هذه الأنفاق، التي يتردد أن عددها يبلغ 500 نفق، دورًا رئيسًا في مد نحو 1.5 مليون فلسطيني في غزة بالغذاء وكل احتياجات الحياة طيلة فترة الحصار "الإسرائيلي" الخانق.
وقد قالت مصادر مصرية أمنية مسئولة بالمنطقة الحدودية: إن هذه الحملة تستهدف إعادة الانضباط في المنطقة.
وأوضحت المصادر، التي فضلت عدم نشر أسمائها، أنه تم ضبط عدد من المستودعات في مدينة رفح كان مهربون يستخدمونها لتخزين بضائع مدعمة قبل تهريبها إلى غزة، مضيفة أن قيمة هذه البضائع تبلغ نحو خمسة ملايين جنيه مصري (نحو 900 ألف دولار أمريكي).
كما تم تحرير مخالفات مرورية لنحو 40 سيارة نصف نقل كانت تحمل بضائع، ويجري التحقيق مع 40 شخصًا من أبناء رفح للاشتباه بعلاقتهم بعمليات تهريب البضائع إلى غزة.
ويبلغ عدد سكان رفح المصرية 40 ألف نسمة، بينما يبلغ سكان شقيقتها الفلسطينية نحو 110 آلاف، وبعد اتفاقية كامب ديفيد للسلام بين مصر و(إسرائيل) عام 1978 انفصلت المدينتان، لكن غالبية السكان ظلوا نسيجًا واحدًا بحكم انتماءاتهم العائلية والقبائلية الواحدة.
وقد تكرر قصف المنطقة الحدودية بين مصر وغزة خلال العدوان الأخير على القطاع عدة مرات, ما أسفر عن إصابة طفلين مصريين وضابطين وثلاثة جنود من قوات الأمن المصرية؛ جراء تطاير شظايا القذائف خلال الغارات.