20 / 11 / 2008
 الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن والاه .. وبعد ؛
بينما يلف الصمت العالم العربى والإسلامى ارتفعت أصوات فى أوربا تنادى بإنهاء هذا الحصار الظالم الغاشم المفروض منذ سنتين على الشعب الفلسطينى فى غزة والمفروض منذ ستين عاما على الشعب الفلسطينى كله فى أرض فلسطين .

 

وبينما تقوم أجهزة الأمن العربية بمنع القوافل الشعبية الهادفة إلى التذكير بمعاناة شعب فلسطين والرامية إلى كسر الحصار المنافى لكل القيم الإنسانية، نرى ونشاهد تواصل وصول قوافل الإغاثة من أوربا على متن السفن المنطلقة من قبرص إلى غزة .
وبينما أعلنت المفوضية الدولية لحقوق الإنسان أن الحصار الظالم على غزة يتنافى مع قواعد القانون الدولى، ومن قبل ذلك اتخذت الجامعة العربية قرارا برفع الحصار عن غزة وشعبها الذى يموت موتا بطيئا، لا نرى لهذه الإعلانات ولا القرارات أثرا على الأرض فتغرق غزة فى الظلام ويموت الأطفال لنقص الدواء والعلاج ويستمر إغلاق معبر رفح بذرائع واهية مما فاقم المأساة الإنسانية الكارثية وأجج مشاعر الغضب والسخط داخل نفوس الصامدين فى غزة الذين باتوا يوقنون أن العالم كله عربه وعجمه، مسلمين وغير مسلمين يشاركون فى إحكام الحصار بغية إخضاعهم وإذلالهم بسبب اختيارهم الحر فى انتخابات حرة ودعمهم المتواصل لنهج المقاومة ضد الاحتلال الصهيونى العنصرى الاستيطانى لأرض فلسطين ..
إن هذا الحصار الظالم يتناقض مع العهد الدولى لحقوق الإنسان ولأحكام الشرعية الدولية ولمعاهدة جنيف الرابعة ويُعد وفقا للقانون الإنسانى الدولى جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية مما يعرض كل المشاركين فيه – ولو بعد حين – إلى المثول أمام المحكمة الجنائية الدولية التى تحرك المدعى العام بها فى حماسة ضد رئيس السودان فى أزمة دارفور بينما لم يحرك ساكنا أمام جريمة تنقلها شاشات التلفاز صباح مساء بإبادة مليون ونصف إنسان فى غزة .
إن من أخطر الأمور أن يترسخ فى ذهن المواطن العربى أن حكومات بلاده وجيوشها وقواتها الأمنية تساهم بإحكام الحصار وتشارك فى قتل الفلسطينيين قتلا بطيئا، وعندما يجتمع ممثلون للحكومات العربية فى أنابوليس ثم فى مؤتمر نيويورك لحوار الأديان ولا يسمع العالم كلمة واحدة ضد الاحتلال الصهيونى وضد الحصار الغاشم فلا يلومن هؤلاء إلا أنفسهم عندما ينفجر بركان الغضب الكامن فى الصدور والنفوس ضد الجميع .
إن مصر تتحمل العبء الأكبر فى رفع الحصار لأن أمنها الوطنى والقومى يتطلب التصدى للعدو الصهيونى ولن يستقر هذا الأمن طالما بقى الاحتلال الصهيونى لفلسطين قائما .. لطالما ضحت مصر فى سبيل حرية فلسطين وتأمينها ضد كل صور الاحتلال على مدار التاريخ منذ عصور الفراعنة ضد الحيثيين والهكسوس وفى العصور الوسطى ضد جيوش الفرنجة والإمارات الصليبية وضد التتار الذين وصلوا إلى مصر ، غير أن النظام المصرى اليوم يتقاعس عن نصرة شعب أعزل صابر وصامد لذرائع واهية لا تصمد أمام الحجة والبرهان .
إن التذرع بالمعاهدات الدولية لاستمرار إغلاق معبر رفح، والتصدى للحملة الشعبية لرفع الحصار، وتصدير الغاز للعدو الصهيونى بينما تغرق غزة فى الظلام، وتحدى أحكام القضاء الإدارى التى أدانت كل تلك السياسات والقرارات الظالمة، كل ذلك يثير السخط والغضب الشديد ليس فى مصر فقط بل فى كل أنحاء العالم العربى والإسلامى الذى يتطلع إلى قيام مصر الرسمية والشعبية بدورها التاريخى اللائق بها .
ما هو المطلوب من مصر ؟
1.    فتح معبر رفح بصورة طبيعية وممارسة مصر سيادتها الكاملة عليه بالتنسيق مع الجانب الفلسطينى دون اى تدخل من الكيان الصهيونى أو اى أطراف أخرى ويمكن الفلسطينين والمصريين من العبور الآمن وفقاً للإجراءات الأمنية والجمركية الطبيعية .
2.    تمكين قوافل الإغاثة المصرية والعربية والدولية من القيام بمهامها فى نجدة أهل فلسطين وتشجيع الجهود الشعبية الشرعية لرفع الحصار وإنهاء الاحتلال .
3.    العمل على مد قطاع غزة بالوقود والكهرباء وفقاً لاتفاقيات تجارية يتم توقيعها مع الشركات المسئولة، وإلزام العدو الصهيونى ( قوة الاحتلال ) ، بالوفاء بالتزاماتها وفق معاهدة جنيف الرابعة وذلك بمقاضاتها فى المحافل الدولية .
4.    السماح للقوى الوطنية والشعبية من التعبير عن موقفها ورأيها فى مؤتمرات ومظاهرات احتجاجية سلمية بما يعبر عن روح مصر الشعبية ووزنها الحقيقى فى عالمها العربى والإسلامى وبما يؤدى إلى التوازن مع الضغوط التى يمارسها الحلف الصهيونى الأمريكى.
5.    وقف الحملة الإعلامية التحريضية الظالمة الموجهة ضد الشعب الفلسطينى وحركات المقاومة خاصة (حماس) والتأكيد على الوحدة العضوية بين الشعبين المصرى والفلسطينى.
6.    السعى لبناء تحالف عربى وإسلامى دولى للدفاع عن الحقوق الفلسطينية المشروعة وكسر الحصار الظالم عبر آليات القانون الدولى فى المحافل الدولية كافة.
إننا نطالب الزعماء العرب والمسلمين باتخاذ الخطوات التالية :
1.    الالتزام التام بقرار الجامعة العربية فى رفع الحصار الظالم عن غزة .
2.    تقديم الدعم الكامل الإنسانى على كافة الأصعدة للشعب الفلسطينيى الصامد فى القدس والضفة الغربية وغزة .
3.    أن تقوم منظمة المؤتمر الإسلامى بتبنى قضية الشعب الفلسطينى وتعمل على مشاروات عاجلة يقوم بها الأمين العام على كافة الزعماء العرب والمسلمين للاتفاق على نهج جديد إزاء القضية الفلسطينية.
4.    تبنى حوار مصالحة ومصارحة بين الفصائل الفلسطينية كافة وخاصة الفصيلين الرئيسين.
5.     إن هذا الحصار الغاشم يستهدف بالمقام الأول إنهاء مشروع المقاومة التى نجحت فى إزعاج العدو الصهيونى، ويهدف أيضاً إلى زرع الشقاق والخلاف بين الفلسطينين وزرع اليأس فى نفوسهم وفى مواجهة ذلك يجب علينا التأكيد على أن الحق فى المقاومة حق شرعى ووطنى وإنسانى يتفق مع القانون الدولى وأن المقاومة بكافة صورها وأشكالها هى الخيار الوحيد فى مواجهة الصلف الأمريكى الصهيونى.
6.    لقد انتهت موجة الحرب على الإرهاب بفشل ذريع علىكافة الجبهات وهىاليوم تلفظ أنفاسها قبل الأخيرة .
لقد نجحت إدارة بوش فى الضغط على الحكام العرب والمسلمين ومحاولة ابتزازهم والحيلولة دون أن يكون لهم دور إيجابى وفعال فى خدمة القضية الفلسطينية ودون أن يقوموا بما يفرضه عليهم واجبهم الأخلاقى والإنسانى تجاه الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة وضد حصار الجوع والموت والمأساة الكارثية التى يتعرض لها .
نحن اليوم على مفترق طرق وعلينا أن نستعيد الوعى وأن نعزز الأوراق ويحدد العدو الحقيقى الذى يستهدف أمتنا ومصالحنا ويهدد بالعدوان المستمر على أمتنا وهو العدو الصهيونى الذى تدعمه أمريكا وأوربا.
أيها العرب والمسلمون ..
أيها الأحرار فى العالم أجمع ..
أيها الناس أجمعون ..
·        أكسروا هذا الحصار الغاشم الظالم ..
·        انضموا إلى القوافل الحرة التى انطلقت من قبرص لدعم صمود أهل غزة الصامدين ..
·        انطلقوا فى مظاهرات سلمية تندد بالصمت العربى والإسلامى والدولى ..
·        نظموا قوافل بحرية وبرية – حقيقية ورمزية – لكسر الحصار عن غزة
·   تبرعوا بنسبة ثابتة من دخولكم الشهرية لمنظمات الإغاثة الإنسانية فى العالم كله لدعم صمود أهل القدس وغزة والضفة ..
·        ارفعوا أصواتكم من على منابر المساجد والكنائس والمدارس والجامعات ومعاهد العلم.
·        ارفعوا أعلام فلسطين فى شرفات المنازل والصقوا صور المسجد الأقصى فى كل مكان .
·   تصدوا للأقلام التى توهن العزائم وتشكك فى المقاومة وتصطف إلى جانب العدو بالحكمة والجدال بالحسنى والموضوعية اللائقة للرد على حججهم الضعيفة والباطلة ..
هذا الحصار يجب أن ينتهى اليوم قبل غد، وكلنا مسئولون بني يدى الله تعالى عن قتل شعب بأكمله وتخاذلنا عن نصرته ..
(وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)(الحج: من الآية40)
 
القاهرة فى : 22 من ذى القعدة 1429هـ الموافق 20 من نوفمبر 2008م