د. عز الدين الكومي:
 

بعد انقلاب يوليو 1952 انتشرت موجة أفلام الوطنية الكاذبة التى تمجد الثورة، وتروج للمساواة بين الطبقات، وتصور الزمن الملكى على أنه زمن الطبقية والإقطاع والرجعية والظلم والقهر، ومن أشهر هذه الأفلام فيلم "رُد قلبى" حيث يرفض الأمير علاء زواج أخته إنجى بنت الباشا من على ابن الجناينى، لأن على فى نظر الأمير علاء أن على ابن الجناينى من الرعاع، والحقيقة أن الذى جعل الشعب مجموعة من الهمل والرعاع، هم العسكر الذين سحقوا كل المعارضين، ونشروا ثقافة تأليه الزعيم الخالد، وبالروح بالدم نفديك يا زعيم، بعد أن مثلوا دور على الشعب الوطنية الزائفة ، لعقود طويلة، وتظاهروا بأنهم جيش وطني!!

واليوم وبعد أكثر من نصف قرن من الزمان على انقلاب يوليو، يخرج المتحدث العسكرى باسم عسكر كامب ديفيد السابق، ورئيس مجلس إدارة صحيفة اليوم السابع الانقلابية ونائب رئيس مجلس إدارة قنوات "العاصمة"، ليكتب مقالا تحت عنوان "الرعاع" جاء حافلا بالعديد من اللغة الدراجة، والألفاظ السوقية، مما يؤكد نظرة النظام الانقلابى للمواطن البسيط، حيث اعتبر أن انهيار منظومة التعليم في مصر أنتج مجموعة من الناس "الرعاع"، وأنهم يثيرون الفتن، ويرمون الناس بالباطل عبر الشبكات الاجتماعية، ودعا متابعيه إلى الإعراض عن هؤلاء، منذ خلق الله الكون شاءت حكمته سبحانه وتعالى أن تتنوع صفات وسمات الناس بين الجميل والقبيح والطيب والشرير والحسن والسيء ونقي السريرة وأسود القلب وإذا دققت في أمراضنا الاجتماعية المستحدثة التي برزت على الساحة في السنوات الأخيرة نتيجة تردي التعليم وانهيار منظومة القيم والأخلاق التي كانت تحكم المجتمع لعوامل كثيرة لا تخفى على أحد ستجد إرتفاعا مخيفا في عدد الرعاع من الناس.

والرعاع وفقا لتعريف القاموس هم مجموعة من الغوغاء والسفلة وشاءت إرادة الله أن يكونوا موجودين في كل المجتمعات وفي كل زمان ومكان وهم لا يتورعون عن ممارسة الغيبة والنميمة ليلا ونهارا لنهش أعراض الناس، ورميهم بالباطل وبعد التطور الكبير في وسائل الاتصال تجدهم في العصر الحالى يهيمون على وجوههم طوال الوقت على مواقع التواصل الاجتماعي في صورة لجان إلكترونية تحاول بكل الجهد رمي الرجال الشرفاء بكل ما هو قبيح وبذيء وباطل في محاولات رخيصة مثلهم للنيل منهم لكن الله سبحانه وتعالى يرد دائما جهلهم وسفاهتهم وكيدهم في نحورهم فلا تحزن أبدا إذا طالك شيء من رذاذ الرعاع، وإن الحكمة الأبدية تقول إن الكلاب تعوي والقافلة تسير، وأجمل ما تعالج به الرعاع هو الأبيات المعبرة للإمام الشافعي التي يقول فيها:
أعرض عن الجاهل السفيه فكل ما قال فهو فيه
ما ضر بحر الفرات يوما أن خاض بعض الكلاب فيه

وقد سبق متحدث عسكر كامب ديفيد، وزير العدل الأسبق فى حكومة الانقلاب بتصريح عنصرى قال فيه: ابن عامل النظافة لا يمكن أن يصبح قاضيًا أو يعمل في مجال القضاء، لأن القاضي لا بد أن يكون قد نشأ في وسط بيئي واجتماعي مناسب لهذا العمل.
 
والسؤال لمعالى الباشا، من الذى عمل على انهيار منظومة التعليم وتدنى القيم والأخلاق؟؟ فالعسكر هم من حول الشعب إلى  رعاع، بعد أن دمروا منظومة القيم والأخلاق، من خلال الإعلام الفاشل الذى يسبح بحمد الطغاة، ودمروا منظومة التعليم بالسياسات المتخبطة، للسيطرة على الشعب وتدجينه، ومن خلال أفلام الخيال العلمى لجنرلات عسكر كامب ديفيد المتقاعدين، واختراعات الجنرال عبدالعاطى، وهل هناك رعاع سوى العسكر الذين خربوا اقتصاد البلاد واستولوا على مقدراتها، وباعوا الأرض والعرض؟؟

ولكن على ما يبدو أن المتحدث العسكرى، الذى يقضى شهر العسل من زواجه الثالث، يعيش حالة من النشوة والطرب، جعلته يصف الشعب بالرعاع!!

والطريف أن عمرو عبدالحكيم، نجل مشير النكسة والوكسة والخيانة والدعارة والفساد "عبدالحكيم عامر"، والذى ظل ساهراً حتى خيوط الفجر الأولى فى حفلات رقص ومجون وسهرات السمو الروحى، والأفراح والليالى الملاح، قبل أن يدمر الصهاينة كل الطيران الحربى الرابض فى المطارات خلال ست ساعات فقط!! خرج علينا مدافعا عن متحدث عسكر كامب ديفيد قائلا: آسفين يا رعاع: الراجل بيقول الرعاع دول ناس استباحوا ونهشوا الأعراض ورمى الشرفاء بالباطل وبتوع نميمة وغيبة وموجودين فى كل المجتمعات.. يا ترى حضرتك بتدافع ومحموق وزعلان أوى على الرعاع ليه؟

ولكن نقول لسليل الخيانة والعهر، المدافع عن متحدث عسكر كامب ديفيد، أنه سب أشخاصا ووصفهم بالرعاع، وهم ليسوا كذلك، وجريمتهم أنهم فضحوا ممارسات العسكر وفسادهم الأخلاقى والمالى، واعتبروا تصرفات سيادته استفزازية لأمهات قتلى جيش كامب ديفيد، الذى يحارب لحماية أمن الصهاينة فى سيناء، ويقوم بقتل وتهجير أهالى سيناء قسريا لمصلحة الصهاينة!

 

 

المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي نافذة مصر