المسلسل الذي يقيم الدنيا ولا يقعدها والذي تفوق على كل الاعمال الدرامية التركية يقدم دراما سياسية إسلامية تمجد صناع الامبراطورية العثمانية منذ ما قبل تأسيسها أي منذ سليمان شاه والد أرطغرل الذي أنجب أول سلطان للدولة العثمانية التي أسسها الابن الأول لأرطغرل وهو عثمان الأول.
العمل الدرامي، الذي حقق مشاهدات غير مسبوقة في تركيا والعالم العربي، وقد حطم المسلسل كل الأرقام القياسية لعدد المتابعين، حتى إن المتجول بشوارع إسطنبول يشعر بهدوء وقت إذاعة المسلسل مساء الأربعاء من كل أسبوع أكثر من الذي يشعر به وقت نهائيات كأس العالم في كرة القدم.
المسلسل الذي يعرض الآن يلقى رعاية وعناية قصوى من حزب العدالة والتنمية الحاكم وقد يكون تمويل الانتاج من نفس الجهة رغم أن لا معلومات تؤكد ذلك.
لكن وبعد متابعة دقيقة لأحداث المسلسل يتضح بأن الحزب الحاكم ذاهب باتجاه تعبئة شعبية لأعادة قوانين الإسلام إلى تركيا وضرب العلمنة وكل ما حققه أتاتورك.
في مسلسل (قيامة أرطغرل) نشاهد حضوراً بارزاً للأندلسي الأشهر في تاريخ الإسلام ابن العربي الذي يتكهن النتائج وبسحر إيمانه وتسبيحه بالله العلي العظيم يشفي الجروح البالغة التي يتعرض لها المقاتلون ضد المغول والصليبيين ويوحي بما يقوله للبطل بما سيحدث معه ما يجعلنا كمشاهدين نشكك في كاتب النص الذي بالغ في تحويل شخصية ابن العربي من مفكر وصوفي كبير إلى “براج ومتنبئ” وبطريقة فيها كثير من الاستخفاف بعقول الناس خصوصاً أولئك الذين قرأوا ابن عربي.
إلى جانب الشخصية الرمز (ابن عربي) تقوم فكرة المسلسل كلها على أهمية الاسلام في صنع دولة وأمة واحدة رغم النزاعات والخيانات والخيبات لكن وحسب المسلسل فإن الاسلام يخلص الأبطال من بني مغول ومعهم الصليبيين والخونة من السلاجقة ومن أقرب الناس إلى البطل وكل ذلك بطريقة لا تتلاقى مع المنطق العلمي الذي أراده أتاتورك لكنه يلتقي مع خطة واضحة لكنها ناعمة للتسلل إلى عقل من تبقى من الاتراك العلمانيين وإدخالهم في مناخات ثقافية مغايرة لما سنه أتاتورك منذ هزيمة آخر سلطان ومنذ قرر البطل التركي التاريخي منع استخدام هذا اللقب واعتماد النظام العلماني في تركيا التي سميت آنذاك بـ (تركيا الفتاة).
ولأن العمل لا يفضح نفسه للعامة بكل سهولة وقد يبدو واحداً من الاعمال التاريخية إلا أن اهتمامين بارزين خرجا من قيادات مسؤولة كان أولها في 10 مايو 2015 حين زار رئيس الوزراء التركي (أحمد داود أوغلو)، المقر الجديد لضريح (سليمان شاه) والد بطل العمل (أرطغرل)، والذي كان الجيش التركي، نفذ عملية قبل 3 أشهر لنقله إلى قرية (أشمة)، داخل الأراضي السورية.
وقال بيان صادر عن المركز الإعلامي لرئاسة الوزراء التركية، إن (داود أوغلو)، زار المقر الجديد للضريح.
ونفذ الجيش التركي في يوم 22 فبراير/ شباط 2015، عملية عسكرية، لنقل 38 جنديًا كانوا في حراسة المقر القديم للضريح (ضريح سليمان شاه) في قرية (قره قوزاق) التابعة لمحافظة حلب، ورفات (سليمان شاه بن قايا ألب)، جد مؤسس الدولة العثمانية، ورفات اثنين من حراسه، وعدد من المقتنيات الأخرى، إلى منطقة في قرية (أشمة) السورية.وأعلن (أوغلو) في مؤتمر صحفي عقده في هيئة الأركان التركية عقب هذه العملية، بأن قطعة أرض مجاورة لقرية (آشمة) وضعت تحت سيطرة الجيش التركي، وتمَّ رفع العلم التركي عليها، مؤكداً عدم حدوث أي اشتباكات.وقال: تمَّ تدمير جميع المباني التي كانت موجودة في مكان الضريح، بعد نقل جميع الأمانات ذات القيمة المعنوية العالية، وذلك لقطع الطريق أمام أي محاولة إساءة استغلال المكان. (وكأنه يتحدث عن شخصية دينية كالامام علي أو عمر بن الخطاب)!وفي مبادرة صارخة هي الاولى من نوعها قام رئيس تركيا بزيارة موقع التصوير مع زوجته وابنته وأمضى ساعات مع فريق العمل في سابقة من نوعها.
من هو سليمان شاه
سليمان شاه الذي يتزعم اسمه الساحات والفضائيات التركية كان زعيم قبيلة (كايي)، إحدى قبائل الأتراك الأوغوز الـ24 الذين عرفوا تاريخياً باسم التركمان، وهو جد مؤسس الدولة العثمانية، عثمان بن أرطُغرل، توفي عام 1219 للميلاد مع اثنين من جنده، أثناء محاولتهم عبور نهر الفرات.ابن عربي
من هو محي الدين محمد بن علي بن محمد بن عربي الحاتمي الطائي الأندلسي:
هو أحد أشهر المتصوفين، لقبه أتباعه وغيرهم من الصوفيين (بالشيخ الأكبر) ولذا ينسب إليه الطريقة الصوفية الأكبر. ولد في الأندلس العام 1164 قبل عامين من وفاة الشيخ عبد القادر الجيلاني وتوفي في دمشق العام 1240. ودفن في سفح جبل قاسيون.والدة ابن العربي أمازيغية وهو واحد من كبار المتصوفة والفلاسفة المسلمين على مر العصور. كان أبوه علي بن محمد من أئمة الفقه والحديث، ومن أعلام الزهد والتقوى والتصوف. وكان جده أحد قضاة الأندلس وعلمائها، فنشأ نشأة تقية.ذُكر أنه مرض في شبابه مرضاً شديداً وفي أثناء شدة الحمى رأى في المنام أنه محاط بعدد ضخم من قوى الش، مسلحين يريدون الفتك به. وبغتة رأى شخصاً جميلاً قوياً مشرق الوجه، حمل على هذه الأرواح الشريرة ففرقها ولم يبق منها أي أثر فيسأله محيي الدين من أنت ؟ فقال له أنا (سورة يس). و على أثر هذا استيقظ فرأى والده جالساً إلى وسادته يتلو عند رأسه سورة يس. ثم لم يلبث أن طاب من مرضه، وألقي في روعه أنه معد للحياة الروحية وآمن بوجوب سيره فيها إلى نهايتها ففعل.تزوج بفتاة تعتبر مثالاً في الكمال الروحي والجمال الظاهري وحسن الخلق، فساهمت معه في تصفية حياته الروحية، بل كانت أحد دوافعه إلى الإمعان فيها. وفي هذه الأثناء كان يتردد على إحدى مدارس الأندلس التي تعلم فيها سراً مذهب (الأمبيذوقلية) المحدثة المفعمة بالرموز والتأويلات والموروثة عن الفيثاغورية والاورفيوسية والفطرية الهندية. وكان أشهر أساتذة تلك المدرسة في ذلك القرن ابن العريف الذي توفي العام 1141.