تجري الأجهزة الأمنية التي تديرها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة تحقيقات مكثفة، وتفرض إجراءات مشددة في محيط معبر كرم أبو سالم التجاري أقصى جنوب شرقي القطاع، بعد كشفها شرائح تعقب وتجسس إلكترونية مزروعة بدقة داخل أحذية عسكرية.
 
وقال مصدر أمني رفيع في غزة للجزيرة نت إن يقظة الأجهزة الأمنية أفشلت -على ما يبدو- عملية تجسس كبيرة وخطيرة، باكتشاف عناصر الأمن في أحد الحواجز المخصصة لمراقبة البضائع الواردة من معبر كرم أبو سالم إلى القطاع؛ شحنة أحذية عسكرية مزودة بشرائح إلكترونية للتعقب والتجسس.
 
وأكد المصدر الأمني مفضلا عدم كشف هويته، أن الأجهزة الأمنية تحفظت على شحنة الأحذية كاملة، وتجري تحقيقات مكثفة تشمل البحث الميداني عن أحذية مشابهة قد تكون تسللت إلى القطاع، وكذلك فحوصا دقيقة للشرائح الإلكترونية لمعرفة تركيبتها وآلية عملها والهدف من تهريبها إلى غزة.
 
ورجح المصدر الأمني أن تكون فصائل المقاومة هي المستهدفة، لكون هذه الشرائح مزروعة بدقة بالغة في أحذية عسكرية مستعملة ولكنها ذات جودة عالية وأسعارها زهيدة، وتشبه الأحذية التي يستخدمها المقاومون في غزة.
 
وعن سياق هذا الكشف الأمني الذي ترددت أخباره يوم السبت، قال المصدر الأمني إن الأجهزة الأمنية رفعت من درجة جهوزيتها ويقظتها منذ عملية تسلل وحدة من المستعربين تتبع أجهزة أمن واستخبارات الاحتلال الصهيوني إلى مدينة خان يونس جنوبي القطاع يوم 11 نوفمبر الماضي.

وقد تمكنت كتائب الشهيد عز الدين القسام -الجناح العسكري لحركة حماس- من اكتشاف ذلك التسلل، وقتلت من يُعتقد أنه قائد الوحدة الإسرائيلية، وكشفت لاحقاً عن الهويات الشخصية لأفرادها.

وأوضح المصدر أن تحقيقات الأجهزة الأمنية عقب تلك العملية التي أسفرت عن اعتقال نحو 48 عميلا للاحتلال، أثبتت أن مخابرات الاحتلال تستغل معبر كرم أبو سالم لاستهداف أمن غزة، عبر تهريب أجهزة ومعدات للتجسس والتنصت لصالح عملائها من أجل زرعها في أماكن محددة أو استخدامها في أغراض الاتصال بمشغليهم.

ومنذ ذلك الحين، عززت الأجهزة الأمنية وجودها في محيط المعبر، ونصبت حواجز أمنية بغرض تفتيش البضائع الواردة والصادرة، فضلا عن تدقيقها في هويات العاملين في هذا المعبر الذي تتبع إدارته في الجانب الفلسطيني للسلطة الفلسطينية منذ توقيع اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس بالعاصمة المصرية القاهرة في أكتوبر2017.

ليست المرة الأولى

وقال مصدر أمني آخر للجزيرة نت إن هذه ليست المرة الأولى التي تكشف فيها الأجهزة الأمنية محاولة من هذا النوع للتجسس على المقاومة وتعقب المقاومين.

وكانت فصائل المقاومة كشفت قبل سنوات شرائح إلكترونية في أجهزة اتصال لاسلكية وصلت إليها عبر مهرب، اتضح لاحقاً أنه عميل للاحتلال، لكنه تمكن من الهرب من القطاع عبر السياج الأمني باتجاه إسرائيل.

وأوضح المصدر الأمني أن أحد المقاومين اكتشف بالصدفة وجود شريحة إلكترونية غريبة في جهاز الاتصال اللاسلكي الخاص به، عندما كان يحاول إصلاح خلل أصابه.

ويلاحظ انتشار مكثف لعناصر من كتائب القسام على شارعي الرشيد الساحلي وصلاح الدين الرئيسيين اللذين يربطان شمال قطاع غزة بجنوبه، خصوصاً خلال ساعات الليل. وتقوم هذه العناصر بنصب حواجز أمنية للتدقيق في هويات المارة، منعاً لأي محاولة تسلل.