حازم سعيد ..

 مشهد عجيب ، لم أتخيل أن أراه ، لهؤلاء الذين قتلوا القتيل ويريدون أن يمشوا في جنازته ، هؤلاء الذين مكنوا الصليبية العالمية واليهود من مصر وقاموا بانقلاب ضد شريعة الإسلام وضد التمكين لها ، ولصالح الكنيسة المصرية المتطرفة ، ولصالح المسيحيين الذين يخوضونها في مصر حرباً دينية باقتدار - إلا بضعة أفراد - وضد الحاكم العادل لأنه يرفع الراية الإسلامية ..

المشهد يتلخص في أنهم بعد كل هذا الذي فعلوه يذهبوا ليقولوا بألسنتهم في بيت الله الحرام : لبيك اللهم لبيك ، ويؤدون مشاعر ونسك الحج الذي هو الركن الخامس من أركان الإسلام ..

ألا لا لبيكم ولا سعديكم .. والشر ملء يديكم .. عودوا بخزيكم وخذلانكم فحجكم حرام ومالكم حرام وملبسكم حرام وممشاكم حرام وحياتكم وأنفاسكم حرام في حرام ..

 

إسلام الكنيسة الذي يريدونه

إنها الصورة المثلى لإسلام الكنيسة ، ذلك النوع من الدين الذي يجعلك تؤدي الشعائر داخل البنايات والجدر وفي الأماكن والأوقات المخصصة لها ، ثم تنخلع بعدها من أي التزام ديني ، أو اتباع لرب أو لرسول ، فالحياة كلها لك ، تملك مطلق الحرية لتتصرف فيها ، ثم تذهب في النهاية لمن يملك كهنوتاً فتعترف لديه ، فتتساقط ذنوبك وتضمن النعيم عند صاحب الملكوت ...

خن الأمانة والعهد والقسم كما شئت ، اقتل من شئت ، احبس من شئت ، انتهك عرض من شئت وكيف شئت ، شرد وطارد من شئت ومتى شئت ... ثم بعدها اذهب ومارس النسك ، فلقد كنت تفعل ذلك مع الخوارج ، صحيح لقد كنت تؤاكلهم وتشاربهم ، وكنت أقسمت اليمين وقطعت على نفسك العهد على الولاء والوفاء لرئيس منهم ، لكن لا يهمك .. الشيخ علي جمعة وهو أحد ملاك الكهنوت يقول أنهم خوارج و ( ريحتهم ...... ) فافعل بهم ما تشاء فسيغفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ...

هذا هو الإسلام الكنسي ، إنه ليس بإسلام ، إنه دين جديد ، يمحون فيه الهوية ويغلقون منافذ العلم الصحيح ، أي إسلام هذا الذي يحكم فيه بالإعدام على عمداء كليات الشريعة الذين يعلمون الطلاب الدين والفقه والشريعة ، ثم يحكم بخطئهم وإرهابهم وتطرفهم مجموعة من تافهي الفضائيات والذين كانت مهنتهم قبل الظهور على الشاشة إما شرطي بخمسين في المائة أو طبال وراء راقصة أو رفيق ممثلين وممثلات ارتقى به الحال ليصبح مذيعاً لامعاً وموجهاً بارزاً وإعلامياً قائداً ....

والحقيقة أن الإسلام هو الدين الحق الشامل الذي يشمل الحياة جميعها ، وهو ليس مجرد شعائر وفقط ، وإنما هو بناء كامل للحياة كلها ، ولو تدبرتم في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بني الإسلام على خمس " وكونهم أركاناً للإسلام ، هذه هي الأركان وما بني الإسلام عليه ،  فأين الإسلام ذاته .. إن الإسلام بناء كامل له أركان كالأعمدة والأساس ويشمل أيضاً الطوب والغرف والحجرات والمداخل والمخارج .. إنه بناء كبير يشمل الحياة كلها منذ الولادة بشعائرها وسننها إلى الوفاة بشعائرها وسننها وما بينهما من بيع وشراء وزواج وجهاد وتجارة وسفر ومعاملات واقتصاد وسياسة وإعلام وفنون وثقافة وأداء حقوق ووفاء بالعهود وصيانة للأمانات .. كلها للإسلام فيها شأن وتصرف وتوجيه وتكليف ...

 

جرائم محمد إبراهيم وشرطته

لقد تذكرت جرائم المجرم المنافق محمد إبراهيم هامان هذا العصر فرأيت عجباً ، بدءاً من نكث العهد ونقض اليمين وخيانة الأمانة ، لقد خان ولي أمره الشرعي الذي أقسم أمامه على الوفاء والولاء والحماية ...

ومن جرائمه القتل لبرءاء بالآلاف ، قتل أناساً يرفعون راية الإسلام ويقولون أنهم يبغون لمصر الصلاح والإصلاح ، وحين علا صوتهم بالاعتراض على الانقلاب بسلمية مفرطة ينتقدهم عليها الآن تابعوهم والسائرون على دربهم ، إذا به يقتلهم .. لقد قتل مصلي الفجر في المساجد وعامري بيوت الله في الجمع والجماعات ، وقتل المتصدقين المزكين الذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم ، وقتل الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ، وقتل الأطهار لأنهم يتطهرون ، وقتل أولياء الله الذين لم يعلم لهم البعيد قبل القريب إلا كل منقبة وخير ورشد وصلاح ..

ومن جرائمه اعتقال الصالحين المسالمين لاختلافهم معه في الرأي ، مع أنه هو الذي خانهم ، وهو الذي نكث على نفسه ، وهو الذي ارتد عن المنهج الذي ارتضاه المصريون والآلية التي اختاروا بها حاكمهم .

ومن جرائمه انتهاك الآدمية والتعذيب الوحشي الهمجي للأطهار الأبرياء المعتقلين من الأطفال والشباب .

ومن جرائمه مطاردة الأبرياء وتشريدهم واضطهادهم في وظائفهم وأرزاقهم .

ومن جرائمه مصادرة الأموال التي اكتسبها أصحابها من الحلال ومن مصادر بينة واضحة معلومة شفافة ، والاستيلاء عليها بغير وجه حق .

ومن جرائمه اغتصاب الفتيات الطاهرات العفيفات وانتهاك حرمتهن والاعتداء عليهن .

ومن جرائمه الكذب والاحتيال وتلوين الحقائق وتزييف الأمور والضحك على المصريين .

ومن جرائمه ترويع آلاف الآمنين في بيوتهم ، وخاصة الأطفال والنساء واقتحام بيوتهم بطريقة همجية بربرية .

ومن جرائمه قيامه بإضلال وتضليل وإشراك قطاع رهيب من المصريين ( شرطته المجرمة الآثمة ) وتمكينهم من كل هذه الجرائم التي مضت ، ليبوء بإثمهم مع إثمه دون أن ينقص ذلك من آثامهم شيئاً ، وهذه وحدها كفيلة بهلاكه فإنها الوظيفة الإبليسية بعينها .. وبئس الشخص هو وبئست الوظيفة .. كفاه خزياً أن يدور بينه وبينهم هذا الحوار يوم القيامة إن شاء الله ..

(قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ (38) وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (39) إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40) لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (41) ) .

 

ليس بأمانيكم

لذلك كله ولتلك الجرائم ، فإن مثل قيامه بهذه الشعيرة - على أهميتها وكونها ركناً من أركان الإسلام - لا يمكن أن يكون كفيلاً بالمغفرة والرضوان من الله رب العالمين ..

ولا أتألى على الله ، وقد علمنا سبحانه أن هناك أنواعاً من المظالم لا يغفر لصاحبها إلا بالتوبة ، وشرط التوبة في مثلها الإعلان عن الندم عنها والانخلاع منها ومن البيئة الفاسدة ورد الحقوق لأهلها والقصاص ..

وهو ما لم يتحقق في حقه ، ولا حق من معه كمحلب والفاسدين الذين اصطحبهم وكلهم إما فرعون أو هامان ، وهم أعلى من أن يكونوا مجرد جنودهما ... وكلهم خاطئين .

لهذا فإن الأمر كما قال ربنا الكريم سبحانه : " لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ ۗ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا " .

فيا سيسي .. ويا محمد إبراهيم ، ويا شرطته ولواءاته وضباطه وعساكره وأمن دولته ، أبشركم بخذلان الله لكم وعذابه يوم القيامة وخزيه بين العالمين إلا أن تتوبوا .. وشرطها : الإعلان عن ندمكم على ما قمتم به من انقلاب وجرائم ، وطلب العفو من أصحاب وأولياء الدم أو تمكينهم من القصاص منكم ، ورد الحق لأهله من ولي أمر شرعي إلى مطاردين وسجناء ظلماً وبغياً وعدواناً ، والانخلاع من هذه البيئة الفاسدة ... ومن أصر منكم على ما هو عليه فأبشره بالعذاب المقيم عند رب العالمين ... ويسئلونك متى هو .. قل عسى أن يكون قريباً ..

 

هل نتمنى لهم الشر ؟ إذاً فماذا نريد

وهذه التوبة هي ما نحب ، لأننا نحن الإخوان تعلمنا في مدرسة الإسلام العظيم ، أن ما يحبه الله ويرضاه من توبة العباد وفرحه بهم كأشد من فرحة العبد الذي فقد راحلته في الصحراء وأيقن من الهلاك فإذا بها تعود إليه فيفرح بها ، وأن ربنا يبسط يده بالليل ليتوب مسئ النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسئ الليل حتى تطلع الشمس من مغربها ..

فنحن الإخوان لا نضيق واسعاً ولا نقنط الناس من رحمة الله ، ولا نتألى على الله ، بيد أننا في المقابل مكلفون مع غيرنا من المسلمين بإقامة شرع الله في الأرض ، ومن شرعه الواجب اللازم القيام بالقصاص لتحقيق مقتضيات العدل في الأرض .

وهؤلاء الشرطة الآثمة المجرمة قد ارتكبوا من الجرائم والآثام والموبقات ما الله عليم به وأسلفناه ، وكله مما يلزمه القصاص فلا فكاك عنه ولا حياد ولا محيص ، ولئن مكنني الله من رقابهم لأفعلن بهم ما فعله سعد بن معاذ رضي الله عنه مع بني قريظة .. وإن غداً لناظره قريب ..

 

كبسولة : كلما سمعت فلتات لسان العر# السيسي وآخرها طريقة رده على أردوغان والتي أفادت وأوحت بمعنى أنه لما يكبر هيضربه ، كلما حرت في أمري ، كيف استطاع هذا الغبي مخادعة الرئيس الصالح ذي الفراسة والعبد الذكي الماهر مرسي ، وكيف كذب على من معه من مستشارين وصالحين ، وكيف انخدعوا له ! هذا من أعجب العجب ، رغم معرفتي أن الخائن المخادع يمكنه أن يتلون على الأطهار الأنقياء الصالحين الذين لم يعيشوا الجاهلية ولم يعرفوا إلا بيئة الطهر والنقاء ... ولكن أعود فأرد على نفسي أن الصالحين من قبلهم كعمر بن الخطاب وسليلي مدرسته كانوا ذوي فراسة يعرفون بها المتلونين .. وكما قال رضي الله عنه : " لست بالخب ولا الخب يخدعني " ... خاصة والعر# بهذا الغباء والتفاهة والسطحية والضحالة المفرطة .. سبحانك ربي .. هي أقدارك التي يحاول المتعجبين مثلي أن يسبروا أغوارها .. سبحانك علمنا وفقهنا واهدنا سبلنا .... اللهم آمين

------------

[email protected]