بقلم - شرين عرفة :
يقول المثل القديم : الصبر مفتاح الفرج ، مع أن فرج ذات نفسه  انتحر ،
ومعه عشرة آخرون ، في أقل من شهر واحد ،

"يئس الشعب المصري من حياته "

توقف بطريق الإسماعيلية الصحراوى، مواطن يدعى "فرج رزق فرج"، تسلق لوحة ضخمة للإعلانات ، وأخرج أحد الحبال التى كانت معه ، وشنق نفسه عليها .
أوضح أصدقاؤه: أنه يعمل كسائق بالشركة و يمر بضائقة مالية حادة دفعته للإنتحار .

بينما فى مدينة السلام :
مدير إنتاج بمصنع للمعادن ، قد ألقى بنفسه من الطابق الرابع ، أكد العمال الذين شاهدوا الواقعة، أن المتوفى يعانى من مشاكل مالية و عائلية ضخمة، وقد حاول الانتحار أكثر من مرة حتى نجح أخيرا فيه.

وفوجيء ركاب محطة قطارات (بنى مزار) بالمنيا بسيدة تدعى " صفاء حمدى" ، تلقى بنفسها أمام قطار نقل بضائع ،وقد تحولت جثتها إلى أشلاء .

يقول خبراء  علم النفس :  يلجأ الفرد إلى الإنتحار ؛ إذ تساوت لديه الحياة والممات .

هل توجد في بلادنا حياة ؟ ( يتساءل المصريون في حيرة )..
فياتي صوت الجنرال المشوه يخترق آذانهم بقوله : مفيييييش ، مفيييييش .

وسط أكبر عدد من حالات الإنتحار وأسوأ ظروف معيشية على الإطلاق  ، حيث لا ماء ولا كهرباء وأزمات طاحنة يبدو عام 2014 هو أسوأ عام في حياة المصريين .

*من بين غبار الطرقات ، و إزعاج صوت المركبات ، وتدافع المناكب في الزحام ، وفوق برك من عرق ، وأسفل سحب من دخان ، وسط بشر مطحونين، كرامتهم مهدرة ،في طوابير طويلة ، تلهث خلف عيش وماء وبنزين ،
أو يقبعون وراء جدر .. في معتقلات وزنازين .

**يبدو الموت أهون الف مرة من الحياة في مصر .. بعيون الكثيرين ..

وإن كانوا بالطبع ليسوا كل أهل مصر !!
فهناك مصر أخرى لأناس آخرين.

*عشرات المؤيدين للسيسي ، أمثال أبو حامد ،و أبو عيطة ،و سيف اليزل ،  وعدد ضخم من الفنانين و الإعلاميين و أعضاء حملة "تحيا مصر" ، كانوا متواجدين منذ أسبوع في "نيويورك" من أجل التظاهر أمام الامم المتحدة لدعم السيسي .

واقعة ربما تكون الأولى من نوعها ،فلم يحدث من قبل أن يرسل رئيس أنصاره من موطنه إلى  نيويورك لدعمه أثناء كلمته بالأمم المتحدة .

تكلفت رحلة "هتيفة" السيسي الى "نيويورك" الملايين ، حيث تصل سعر التذكرة الواحدة الى مطار جون اف كينيدي بنيويورك حوالي 1000$ .

وتكلفة الغرفة في الليلة الواحدة في الفنادق التى أقاموا بها يصل من 400$ الى 600$ لليلة الواحدة .

لا أظن أن هؤلاء قد يئسوا من حياتهم بعد .

*بالرغم من تهديدات وزير الخارجية المصري للمنسحبين من الرؤساء أثناء كلمة السيسي ،
وقف الجنرال المنبوذ من شعبه ومن العالم ، في قاعة شبه خاوية ، في مبنى الأمم المتحدة (يوم الاربعاء 24 سبتمبر )، بعد ان قدم موعد كلمته خوفا من المتظاهرين الغاضبين .

وبنظرات مشدوهة ، وجه بعضها للمنشغلين عنه ، والبعض الآخر لسقف القاعة ، وقف الجنرال العجيب يتحدث عن الحريات الفائقة التي يتمتع بها الشعب المصري ، والديمقراطية التي لم تشهد البلاد مثلها من قبل ، يتحدث عن مصر في مرحلة جديدة ، مرحلة من التقدم والرخاء والرفاهية ، يتحدث عن إرهاب إسلامي وصل أفراده للحكم بإنتخابات نزيهة ( بإعتراف الجنرال).

و" في عالم تتجه بلدانه جميعها نحو التكتل والتوحد في كيانات ضخمة "  أراد هؤلاء الإرهابيين بجبروتهم وإجرامهم توحيد الدول العربية والإسلامية تحت لواء دولة الخلافة ، حتى جاء الجنرال المسلم والوطني فقضى على مشروعهم وأزاحهم من الحكم بالقوة !!!.

تعج القاعة بتصفيق حاد قادم فقط من أفراد البعثة المصرية المصاحبة للجنرال ( أكبر بعثة مصاحبة لرئيس في الأمم المتحدة)  !!

*وفي صباح ذات اليوم ( الأربعاء 24 سبتمبر) ،كانت إسرائيل تحتفل ببداية عامها العبري الجديد ،حيث هنأت صحيفة "هآرتس" الإسرائيليين ، ووصفت العام الماضى بالسعيد ، مشيرة الى أن (تل أبيب) حققت فيه الكثير من الإنجازات ،كانت أهمها :
اصطفاف العرب كلهم ضد حماس، وتحول الاوضاع إلى قصة حب عنيفة مع القاهرة بعد انقلاب المشير السيسى، ثم تخندق العالم بأسره ضد داعش ، متجاهلين المذابح التي حدثت للفلسطينيين .

وكتب تسفي برئيل" محلل الشئون العربية للصحيفة" 《 كان من الممكن أن تصبح سنة سيئة، تتحقق فيها كل الكوابيس ، ولكن ها نحن نخرج منها على ما يرام ، كنا نتنبأ بسقوط صواريخ إيران في إسرائيل، والآن إيران تعانق واشنطن ، سنة لم يسجن فيها أي رئيس  إسرائيلي بتهمة الإغتصاب ،سنة اكتشفنا فيها أننا نحب مصر ، وأن الدول العربية على استعداد أن ترقص معنا ضد حماس 》.

بقدوم " السيسي " : تحتفل إسرائيل بعام عبري سعيد ، و تحتفل مصر بعودة "القذافي " ثانية للحياة .

*ينهي الجنرال البليغ كلمته المتخمة بالأخطاء اللغوية وبنطق فاحش لحروف اللغة العربية ، بهتاف محلي رخيص ، لا يبدو مناسبا لا للمكان ولا للزمان ، رافعا صوته بجملة : ( تحيا ماسر ، تحيا ماسر ، تحيا ماسر )

أظنه كان يقصد ( مصر ) !!

و إن كنت حقيقة لا أدري .. أي (مصر ) ؟!!


[email protected]