حازم سعيد :

 هي لا تعرفني بالقطع واليقين ، ولكني أتابع أخبارها كأخت مجاهدة ، وأم صابرة محتسبة يوماً بعد يوم ، والذي يدفعني لمتابعتها يوماً بعد يوم هو الرابطة الإيمانية القلبية والأخوية التي تربط بين الإخوان ..

 

تدوينة المجاهدين

دفعني لهذه المقالة خاطرة سمعتها لأحد أساتذة دعوتنا الذي يعرف العائلة عن قرب ، ذكر فيها بعض مآثر هذه السيدة الفاضلة المؤمنة المحتسبة ، وأثنى فيها على زوجها وعائلتها بالكامل وحكي لنا كيف كان ترابط هذه العائلة ، وكيف كانوا ينتظرون الدكتور البلتاجي في المطار بكاملهم إذا عاد من سفرة صغيرة ولو يومين أو ثلاثة ...

ثم قرأت لها في نفس اليوم تدوينة تحث فيها أنصار الشرعية على الصبر والثبات وتشجعهم بعزيمة وقادة وكلمات من ذهب حق لها أن تسجل في التاريخ فأعرضها لكم ثانية تحت عنوان تدوينة المجاهدين :

"صبرا.. فإن الشهيد قد ارتقى للجنان، صبرا.. فإن المحبوس سوف يُفك أسره، صبرا.. فإن الغائب سوف يرد، صبرا.. فإن السحاب الأسود سوف ينقشع، صبرا.. فإن الليل بعد ظلمته سوف يأتي الفجر، صبرا.. فإن القاتل سوف يلقى جزاءه، صبرا.. فإن قدرة الله حتما نافذة ..

 اللهم ارزقنا صبرًا جميلا مع الأخذ بالأسباب كاملة حتى تبلغنا ما نريد، فإن المعالي لا تنال بالأحلام وإنما بالحزم والعزم، يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا".

 

الصبر والثبات على الحق

تكتب هذا الكلام الرهيب وهي التي عانت ما عانت من فقد زوج باعتقال ، وابنة في ريعان شبابها وزهرة حياتها شهيدة - بإذن الله - ، وابن معتقل ، وابن مطارد خارج البلاد ...

هل جرب أحدكم فقد عزيز لديه زوج أو ابن أو ابنة ؟.. ما بالكم إذا كان الفقد يشملهم جميعاً وبأنواع ، ورغم ذلك لم يزدهم الفقد إلا إيماناً واحتساباً ... فالله الغاية ...

نعم .. لقد قدم هؤلاء الأحرار الأطهار الأخيار نموذجاً ( الزوج والزوجة والأبناء ) نموذجاً فذاً من الفهم والعمل والجهاد والتضحية والطاعة في المعروف والأخوة والثقة والتجرد والثبات وأحسبهم إن شاء الله من المخلصين .. لقد جسدت هذا العائلة المباركة أركان بيعتنا بكامل التجسيد ...

لله دركم أيها العائلة المباركة المجاهدة الصابرة الثابتة .. ونعم التربية التي ربيتموها لأبنائكم ، ونعم الأسرة والغرس الذي غرستموها أيها البيت المسلم الحبيب العزيز .

 

عائلات بأكملها تعاني الفقد

وليس آل البلتاجي وحدهم على هذا المضمار ، بل إن ثورتنا الحرة المباركة تضم عائلات بكاملها تعاني الفقد بين شهداء ومعتقلين ومطاردين ...

هناك على المضمار عائلة فضيلة مرشدنا العام الدكتور بديع المعتقل والمحكوم عليه بما لايحصى من الأحكام وابنه الشهيد - بإذن الله - عمار .

وعائلة الشاطر الذين مهما كتبت لكم عن معاناتهم السنين الطوال من أيام مبارك اللعين إلى أيام الخسيسي الخائن الجبان وفي المقابل صبرهم وثباتهم وعطائهم فلن أوفيهم حقهم .

وعائلة سلطان بين أبيهم المعتقل وابنهم الذي يعاني الموت الآن من بعد الظلم والاعتقال .

وعائلة المهندس محمد عويس بالإسماعيلية حيث أبناءه الأربعة معتقلون .

وعائلة متولي من الإسماعيلية أيضاً حيث ابنان شهيدان وأب مطارد .

وعائلة المهندس محمد زكريا ببورسعيد حيث الأب والابن معتقلان ، والزوجة المجاهدة المحتسبة تخرج بالشوارع لتتظاهر وحدها ، وقد اعتقلت من قبل ، فلا يصدها طاغية أو جبان عن الصدع بالحق الذي تنتسب إليه وتناضل عنه .

والأستاذ مصطفى عبد الحميد راضي المعتقل الذي تموت ابنته بالأمس مريضة بالسرطان دون أن تتمكن من زيارة أبيها ودون أن يقدر هو بدوره أن يحضر جنازة ثمرة فؤاده .

وابنة الحاج عبد العظيم شلتوت من كفر الزيات - الغربية والتي تفقد أبيها شهيداً في فض رابعة ، ومن بعده زوجها الدكتور محمود أبو طبيخ في أحد مظاهرات دعم الشرعية بعد ذلك .

وعائلة شواطة ببسيون - الغربية حيث يعتقل ثلاثة أشقاء من أنصار الشرعية .

وعائلة عامر ببني سويف حيث ثلاثة أشقاء معتقلون .

وعائلة العناني بالدقهلية حيث الأب شهيد والابن معتقل ، وبالغربية حيث الأب شهيد والابن معتقل لفترة تقارب السنة .

وعائلة عبد الله حامد بكفر الزيات - الغربية حيث الأب معتقل ثم مخلى سبيله ثم مطارد وابنان معتقلان وابن مطارد .

وعائلة الشقيقتين رشا وهند منير المعتقلتين ويموت الزوج وهو في طابور الزيارة في مأساة وفجيعة إنسانية فادحة .

وعائلة مهدي بطنطا حيث اعتقل الأب والابن الأصغر والابنان الأوسطان مطلوبان ومطاردان وزوج الابنة يعتقل مرة من بعد أخرى .

وأسماء أبو بكر من قرية كوم النور - ميت غمر حيث والدها وأخوها معتقلان .

وآخرون لم نذكرهم ، وحسبهم أن الله سبحانه يعرفهم ويذكرهم في ملأٍ خيرٍ من ملأنا ..

الفقد هو الفقد أيها الأحباب وكل من فقد حبيباً واحداً في عائلته هو يعاني مثل هؤلاء .. إنها ملحمة فداءٍ وعطاءٍ إنسانية لكل أنصار الشرعية الذين فقدوا أهاليهم وأحبائهم وذويهم فداء دينهم وعقيدتهم وحرية بلدهم ..

وأنا هنا لا أحصر هذه الأسماء توثيقاً ، وإنما أذكر أمثلة فقط لعائلات مباركة وحملة رسالة أطهار يبذلون من حياتهم وأعمارهم وأنفسهم كل غالٍ ونفيس لدينهم وعقيدتهم وابتغاء مرضات ربهم .. فنعم البيع .. ونعم الجزاء إن شاء الله .

وبارك الله فيكم من أناس صالحين .. ولله دركم أيها العائلات المباركة المجاهدة الصابرة الثابتة .. ونعم التربية التي ربيتموها لأبنائكم ، ونعم الأسر والغرس الذي غرستموه أيها البيوت المسلمة العزيزة الغالية .

 

الجانب الإنساني في ثورتنا .. والتوثيق الإعلامي

أحسب أن إعلام الشرعية مقصر في هذا الجانب الذي يحتاج لأكثر من حلقات رهن اعتقال أو حوار مع أسرة شهيد ، الأمر يتعدى لمأساة إنسانية ، وجريمة بشعة يرتكبها العسكر والداخلية الآثمون المجرمون .

الأمر يتعدى التصفية الكاملة لعائلات وأفراد من قبل بلطجية نظاميين يحملون سلاحاً غاشماً لا يملكون الوازع الأخلاقي الذي يحكم آلية وطريقة استخدامه .

اليهود - وهم على الباطل - نجحوا في التسويق لبعض اضطهاد - يستحقونه - قام به هتلر إزاءهم حتى حولوه لـ ( هولوكوست ) لتصبح الخرافة حقيقة في لاوعي البشرية ، وحتى صار مكذبها على الملأ مطارداً بمحاكمات دولية وإنسانية نتيجة استهانته بما رسخوه في عقل الناس على أنه محرقة .

وأنصار الشرعية - ونحن على الحق - لا نستطيع التسويق لمجازر - ظالمة طاغية - اقترفها إزاءنا خنزير مجرم يوطد ملكه بمذابح ومجازر باستخدام بلطجية منظمين يسمون جنوداً وضباطاً بالعسكر والداخلية .

والأمر يتعدى فكرة الاختصار بإيكال المهمة لكيان أو جهاز إعلامي لدي الشرعية أو أحد أجنحتها ليقوم بمهمة التوثيق والنشر والتوضيح لهذه المجازر ، الأمر ينبغي أن يكون بالإضافة لذلك مهمة كل نصير من أنصار الشرعية بين الناس وفي الشارع وعلى المقاهي وبالمنتديات والنوادي وبالمستشفيات ... إنها جريمة تستحق أن توضع بين جرائم كل العصور كما في قصة أصحاب الأخدود أو جنايات فرعون مع بني إسرائيل ... الخ الخ

وهذا ليس متاجرة بدم الشهداء ولا معاناة أسر المعتقلين ، بل هو إظهار لجريمة فادحة في حق البشرية والإنسانية ليعلم المستغفلون القدر الذي استغفلهم به الطاغية الجبان ، وليعلم الظالمون والبلطجية من العسكر والداخلية حجم جريمتهم النكراء ، حتى إذا آن أوان القصاص منهم فلا يستغربوا أو يتعجبوا مما سنفعله بهم نحن الثوار إن شاء الله قصاصاً عادلاً وجزاءاً وفاقاً لما قدمته أيديهم ، وما صنعوه هم بأنفسهم . ثم إنه عند الملك القدير تجتمع الخصوم ، ويا ويل للظالم من المظلوم .

 

الموعد الجنة

فماذا بعد أيها الأطهار الأخيار ؟

الجهاد لن يتوقف ، وصبركم سيستمر إلى أن نحقق النصر إن شاء الله ، ولن تخسروا شيئاً ، وكما قالت المجاهدة سناء عبد الجواد : الشهيد قد ارتقى للجنان ...

وقد روى الدارمي والنسائي في " الكبرىوابن ماجه وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم كلهم من طريق عاصم ابن بهدلة عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قالقلت يا رسول الله أي الناس أشد بلاء ؟ قال : الأنبياء ، ثم الأمثل فالأمثل ، يبتلى الرجل على حسب دينه الحديث وفيه : حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة ، أخرجهالحاكم من رواية العلاء بن المسيب عن مصعب أيضا . وأخرج له شاهدا من حديث أبي سعيد ولفظه قال : الأنبياء ، قال : ثم من ؟ قال العلماء قال : ثم من ؟ قال : الصالحون ... الحديث

ومثله حديث أبي هريرة عند أحمد وابن أبي شيبة بلفظ : " لا يزال البلاء بالمؤمن حتى يلقى الله وليس عليه خطيئة  " .

فأبشروا أيها الصالحون بعظيم الجزاء من الله رب العالمين ينتظركم على ما قدمتم للإسلام وأهله وما تقدمون ، وإنها حياة واحدة آخرها وبعدها الجنة ... فيا حبذا الجنة واقترابها .. طيبة وبارد شرابها .. ونعم الأجر الذي ينتظركم بصبركم وثباتكموقولكم الحق أمام الطاغية الظلام وما تقدمونه وتضحون به فداء ذلك... والله معكم ولن يتركم أعمالكم .

كبسولة : إن سقوط صنعاء - اليمن في يد الشيعة الحوثيين لهو غصة في قلب كل مؤمن .. وقد أكدت محنتنا المستمرة والمتمثلة في فقد الخلافة الإسلامية التي تحمي الإسلام وأهله .. كما أكدت حالة الضعف والهوان التي وصل لها أهل السنة أجمعون ... إنا لله وإنا إليه راجعون .. اللهم فرجك القريب ..

-----------------

[email protected]