بقلم -اسماعيل حامد
في لحظات التاريخ الحاسمة وفي أوقات الدعوة العصيبة وحينما تكثر التحديات والعقبات وتزداد المحن والابتلاءات، وتمتلئ الساحة بحملات التشوية عبر سهام الداخل والخارج ، ينبغي على من يمتلك الوعي والإرادة أن يتحرك لفعل إيجابي يخرج بالدعوة والجماعة المسلمة من تلك الأزمة التي أحاطت بها، لا أن يكون سيفاً مسلطاً على القيادة ويحملها خطأ ما وصلت اليه الدعوة ..
ولعل صفحات التاريخ تحمل بين طياتها الكثير من الصور العظيمة لأمة الإسلام وكيفية التغلب على كافة الصعاب وفي أحلك الظروف، ومن هنا كانت لنا تلك الوقفة مع الأزمة التي أصابت المسلمين يوم مؤتة حينما استشهد القادة الثلاث ( زيد – جعفر – ابن رواحة) رضي الله عنهم، وحينما كادت الراية أن تسقط انبرى لها رجل بأمة، أبى إلا أن يكون إيجابياً بناءً فتصدى لحمل الراية ورفعها عالية وسط المعركة المحتدمة وهو يعلم ما ينتظره من جزاء فعله.
إنه الجندي العظيم ثابت بن أقرم رضي الله عنه الذي شهد بدراً والغزوات وما تخلف عن مشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تحرك من موقع الجندية يفكر بمنطق القيادة وباعثه الحفاظ على راية الجماعة المسلمة، لم ينتظر أمراً من أحد وقد فقدت القيادة، انطلق يسد الثغرة بدلاً من أن يظهر العجز ويبرزه، يُؤمر نفسه في وقت الخطر في دلالة على نبل المقصد وسمو الغاية، وحينما حافظ على بقاء الراية عالية والتف حولها الأنصار، خاطبهم بقوله" انظروا أميراً لكم" فهو يسد الثغرة فقط ولا يسعى لإمارة أو مكانة أو منصب ، فهو حل المشكلة لا جزء منها أو معمق لها، وحينما اختار المسلمون خالد بن الوليد دفع له الراية بكل قوة وبلا تردد، رغم أنه أسن من خالد وأنه شهد بدراً وأسبق في الإسلام كما شهد له بذلك خالد رضي الله عنه، فما كان منه إلا أن خاطبه " والله ما أخذت اللواء إلا لك فأنت أدرى بالقتال منى " .
هكذا يربينا ثابت بن أقرم رضي الله عنه، على الإيثار والسعى للمصلحة العامة وعدم الاهتمام بمنصب أو جاه أو مغنم أو تقدم أو تأخر، وألا تشغلنا زخرف الحياة ومغرياتها، وأن نكون إيجابيين لا سلبيين، وأن نتقدم وقت الخطر لما فيه مصلحة الأمة، وأن نعطي بلا حدود وبلا مقابل، وأن نرفع للحق راية وألا نسهم في إسقاطها، وأن نفكر بمنطق القيادة ولو كنا في موقع الجندية، وأن نسد الثغرات بدلاً من كيل الاتهامات، وأن نكون حلاً للمشكلات لا سبباً في تصعيدها، وأن ننصر الدعوة من أي موقع، هي دعوة إذاً للتحرك الإيجابي والعمل المحوري وأن يكون كل واحد منا ثابت بن أقرم في موقعه الدعوي، يسد ثغرته ويرفع رايته وينصر دعوته ويدعم قيادته .