بقلم - د / جميل الإمام :

 
لا يخرج اليهود عن طبيعتهم أبدا ، فهم أهل الزيف والتزييف ، والضلال والإضلال ، يشنونها حروبا إعلامية بغية تكسير عظام المقاومة، والفت في عضدها ، وهزيمتها نفسيا ، ومن ثم يسهل قيادها والسيطرة عليها واستذلالها .
 
ولا شك أن تلك الممارسات اليهودية تؤتي أكلها في بيئات الضعف والخور ، والانهزام النفسي ، وتردي الإرادة ، وانحطاط العزيمة ، ويوم أن تكون الأمة منقادة تابعة لغيرها ،شاعرة بالعجز أمام عدوها ، فلا قيمة ولا وزن لها ، وإن امتلكت كل مقومات القوة المادية.
 
  وإنني لأنظر بعين الفخر والإكبار لحركة المقاومة الباسلة في غزة ، فتحت ظروف الحصار الخانق ، والفقر المدقع ، وقلة الموارد والإمكانات ، وتردي الأوضاع المعيشية ، إلا أنها نجحت نجاحا باهرا في تطوير ذاتها وإمكاناتها ، تطويرا نوعيا على كافة المستويات العسكرية ، والإعلامية ، والاستخباراتية .
 
إن حركة المقاومة اليوم في غزة قد أحرجت جل الأنظمة العربية المتآمرة أولا على شعوبها ، ثم على قضية الأمة المصيرية قضية القدس ، ويوم أن توفرت لهذه الأنظمة كافة الظروف والإمكانيات للتطوير ، والرقي والنهوض ، وامتلاك القوة ، إلا أننا نراها مع توافر تلك الإمكانيات تعبث عبث الأطفال ، وتلهو لهو البلهاء ، لا هدف لها ، ولا إرادة لديها ، ولا وعي عندها بطبيعة المرحلة ، ولا إدراك للخطر الداهم من حولها .. اطمأنت لعدوها ، ومالئته، وارتمت تحت أقدامه وطبعت معه، على حساب مصالح شعوبها المقهورة المستنزفة ، وكانت النتيجة أيها السادة أن لحق بها الخزي والعار ، وسخرت جيوشها لحماية عروشها، وقتل شعوبها وإبادة معارضيها ، فوظفت جيوشها في غير ما أنشئت له. 
 
أرأيتم جيشا بدلا من يحمي الحدود، ويحفظ الأمن القومي ، ويطور من قدراته العسكرية ، ينشغل بصناعة المكرونة والصلصة، والأدوات المنزلية .. أي خزي هذا !!!
 
إن هذه الأنظمة إلى زوال ... فلتحذر غضبة شعوبها .
 
أما حماس وأخواتها في المقاومة فاستطاعت بما تملكه من قوة الإرادة ، وصدق العزيمة ، وعمق الإيمان ، ووضوح الهدف ، وإدراك للواقع، أن تطور من قدراتها رغم الحصار ... رغم الفقر والجوع... رغم ضعف الموارد والإمكانات ... رغم الاحتلال ... رغم التآمر الداخلي  والإقليمي والدولي .
 
هل رأيتم أيها السادة حركة في ظل تلك الظروف تستطيع على المستوى العسكري أن تصنع صاروخا يدك تل أبيب ، بل ويصل إلى أبعد من ذلك لتقصف به مواقع  إسرائيلية على الحدود مع لبنان .
 
أرأيتم حركة في ظل تلك الظروف تصنع طائرة بدون طيار متعددة المهام ( هجومية قتالية واستخباراتية ) تخترق العمق الإسرائيلي بما يزيد على 30 كيلو متر ا لتصل إلى مواقع عسكرية ومنشآت حيوية .
 
أرأيتم حركة في ظل تلك الظروف تصنع قاذفا يخترق جدار دبابة ( الميركافا ) فخر الصناعة الإسرائيلية ؛ بل ويفجرها .
 
وعلى المستوى الإعلامي استطاعت حماس منذ وقت مبكر أن تعلن عن نفسها وفق منظومة إعلامية رائعة ، رغم ضعف الوسائل ، بل واستطاعت أن تبادل عدوها بالمثل في حربه الإعلامية ، فاخترقت نظامه الإلكتروني وشبكات بثه الإذاعية لتعرض على قنواته مقاطع تثير الرعب والفزع ، والهلع في الأواسط الإسرائيلية .
 
لقد صدعت إسرائيل رؤوسنا بما تبثه لنا من وهم كاذب عن ما تمتلكه من ترسانة عسكرية رهيبة ، ونظام متطور للقبة الحديدية المتصدية لأي اختراق عبر المجال الجوي الإسرائيلي ، فأظهرت نفسها  في صورة الجيش الذي لا يقهر ، والقوة التي لا تغلب ، فعاشت أنظمة لنا مع هذا الوهم في رعبها وجبنها ..
 
لكن غزة اليوم كشفت لنا كم هو تافه عدونا وضعيف ، وعاجز وجبان ، لا يستطيع بما يمتلكه من قوة عسكرية متطورة أن يوقف صواريخ المقاومة ، وقذائف راجماتها ، أين قبته الحديدية التي طالما تغنى بها ، أين راداراته الكشفية ، أين استخباراته العسكرية .. وهم كاذب ..
 
إن غزة اليوم ليست هي غزة الأمس.. وإن المعركة اليوم غير معركة الأمس .. وهي  وإن بدئها اليهود إلا أنهم لن يستطيعوا إيقافها إلا بشروط المقاومة في غزة ... فقواعد المعركة قد تغيرت ، وموازين القوى تبدلت ، وعلى الجميع أن يقر بذلك .
 
تحية للمجاهدين الذين يسطرون بصمودهم صفحات من نور تفخر بها أجيال الأمة وتعتز ... ولا عزاء للجبناء .