بقلم -عبدالعزيز مجاور:

 
سنة كبيسة مرت على مصر شهدت مذابح ودماء وفضائح لوثت سمعة مصر بين الأمم، بدأت بانقلاب العسكر على الشعب في مسرحية تم التجهيز لها منذ ثورة يناير 2011 وحتى الإعلان الرسمي للانقلاب في 3 يوليو 2013.
ظن العسكر بأن الشعب سيرضخ ويستسلم وخاب ظنهم، فانتفض الشعب في ثورة أذهلت العالم من استمراريتها يومياً بلا كلل ولا ملل رغم آلة القتل التي لم تتوقف، ورغم الاعتقالات التي تجاوزت الخطوط الحمراء فشملت النساء بل والأطفال الصغار، ورغم التعذيب الوحشي والاعتداءات المتكررة على المعتقلين.
 
كل هذا زاد الشعب إصراراً وأشعره بأهمية الحرية التي يقاتل من أجلها، لقد علم الشعب أن ثمن سكوته سوف يكون إقرار بالعبودية والذل لمدة ستين عاماً أخرى يرى الشعب فيها الويل والثبور.
ثار الشعب ولم يعبئ بمؤسسات دولية صمتت على انتهاكات حقوق الانسان، ولم يلتفت للمليارات التي تتدفق على الانقلابيين لتدعمهم وتساعدهم على تركيع الشعب وتجويعه، خرج الشعب في المظاهرات وهو يعرف هدفه ويرى التضحيات التي يمكن أن تقدم من أجل هذا الهدف فاستصغر التضحيات ولم يعبئ بها.
 
ثار الشعب ودفع الثمن من دمائه التي روت تراب مصر، وتجاهل النخبة التي تقزم القضية لتجعلها قانون للتظاهر يجب تغييره أو عدة أفراد يجب إطلاق سراحهم، وسخر من السياسيين السائرين في ركب الانقلابيين لتبرير أفعالهم الانتقامية، وفي الوقت الذي تغمض النخب عينيها عن كل الانتهاكات وعن الفشل الاقتصادي والأمني، وتحصر كل مجادلاتها الفكرية على أفضل فترة حرية عاشها المصريون فتبحث فيها عن تأويل لنقيصة لتضع عدسات مكبرة آلاف المرات، فتتحدث عن حمادة المسحول وتترك آلاف القتلى والمسحولين ومئات الحرائر في سجون الانقلابيين، وتتناول إعلاناً دستورياً لرئيس منتخب جنب البلاد انقلاباً عسكرياً عن طريق قضاة فاسدين وتترك تعطيل الدستور من قبل وزير مغتصب وعشرات القوانين المعيبة من قبل شخص معين ليس له صفة، وجاء تعيينه بالفكاكة والبلطجة دون أي سند من دستور أو قانون.
 
هذا الصمود الأسطوري للشعب المصري الحر خلال عام كامل يعد في ذاته إنجازاً كبيراً سطره التاريخ، وكان له فوائد وثمار أهمها استمرارية المطالبة بالحقوق والاصرار على عدم ترك البلاد أرضاً ساكنة للمغتصب مما جعلهم يدورون في حلقة مفرغة من الدول الداعمة ولم تتراجع أفريقيا عن موقفها إلا بفعل الضغوطات التي غالباً ما ترهق الدول الداعمة للانقلاب مادياً، ومن أهم الانجازات عدم تكرار أخطاء انقلاب 54 وترك الساحة للانقلابيين يقتلون ويعتقلون في صمت لا يعلم به أحد ثم تم تزوير التاريخ للأجيال التالية أما الأن فالصورة واضحة للأجيال القادمة التي يتشكل التاريخ أمامها بل تشارك في صنعه، ومن الانجازات الكبيرة لصمود الشعب وتحركه اليومي أنها كشفت دعاة الثورية ورفعت الغطاء عن أذناب الانقلاب، فجعلت الثورة نقية لا يلوثها من يدعي الليبرالية ثم يرتمي في أحضان العسكر أو يصمت على وأد الديمقراطية.
صمد الشعب في كرامة وعزة في حين شهد العام ذلة المنقلب وتسوله، ومصه لدماء المصريين البسطاء في حين تزداد مرتبات الشرطة والقوات المسلحة وتبقى ميزانياتهم المفتوحة بلا رقيب أو حسيب لدرجة أن الجنرال يتبرع بمليار جنيه من فائض مشروعات الجيش ذات العمالة بالسخرة، والمعفاة من الضرائب المستحقة للشعب والتي يدفعها الموظف والعامل.  
 
نجح الشعب في ثورته وسيكلل هذا النجاح قريباً بعودة الشرعية، وفي ذكرى مرور عام من الصمود فقد الانقلابيون عقلهم وأعادوا سيناريو ليلة جمعة الغضب من اعتقال الجميع وعودة تهم محاولة قلب نظام الحكم، فهل حانت لحظة سقوط الانقلاب؟