كتب السعيد الخميسي :
لعله يتذكر أو يخشى ...!؟.
* أرسل تلك البرقية العاجلة إلى قائد الانقلاب المشير عبد الفتاح السيسى لعله يتذكر أو يخشى , بعدما خان العهد والوعد و نصب نفسه رئيسا لمصر بالقوة المسلحة عبر انتخابات هزلية كوميدية شهد بضعفها وخلو وخواء لجانها القاصي قبل الداني . لقد حقق الحلم الذي حلم به صغيرا . وكما يقولون أحلام الأمس حقائق اليوم . أذكر السيسى بقول الشاعر : قد يهلك الإنسان من كثرة ماله... كالطاووس يهلك من كثرة ريشه . ونحن هنا لسنا بصدد أموال ولكن بصدد أحلام وأوهام . وإذا كان فرعون قال " وهذه الأنهار تجرى من تحتي " فإن السيسى يقول " ودماء المصريين تجرى أنهارا فى موج كالجبال من تحتى ومن فوقى..!؟" . إن صعود السيسى إلى ذلك المنصب الرفيع فوق جماجم الشهداء لن يكون نهاية الأحلام , فعسكرة الدولة وتحويلها إلى جماعات مصالح وتسطيح العمل الحزبي والسياسي واستدعاء أجواء الخوف مثل التي كانت فى عصر صلاح نصر وحمزة البسيونى ستكون الخطوة القادمة . كما أن تثبيت أوتاد الدولة العتيقة فى باطن أرض مصر سوف يكون شغله الشاغل لان الشئ من معدنه لايستغرب , فنظام السيسى هو الامتداد الطبيعي لنظام الطاغية مبارك والوريث الشرعي له .
* أقول " للسيسى" : اعلم أن الرب لايموت والذنب لايفوت والأيام دُول واليوم لك وغدا عليك. فلايغرنك المواكب والمراكب , فلقد أحاطت بمن كان أشد منك قوة وأكثر جمعا فلم تغنى عنهم من الله شيئا . إياك أن تظن أن الدنيا قد أحنت ظهرها لك لتمتطيها وتهز رجليك عليها فرحا مسرورا , فالدنيا لاتحنى ظهرها لمخلوق , ولكنها خداعة تغرى أصحابها بالمناصب والمكاسب , وفى الوقت ذاته تجهز لهم كأس المنية حتى يرتشفوه ويتجرعوه فى اللحظة التي يظن فيها الطغاة أنهم قادرون عليها , فيأتيهم أمر الله بياتا وهم نائمون أو ضحى وهم يلعبون وساعتها سوف ينعقد لسانك عن الكلام حتى أنك ستعجز أن تقول رب ارجعون..!؟. أذكرك بالدماء التي فى رقبتك وبأصحابها الذين سيتعلقون برقبتك على جسر جهنم , وأذكرك أن نار جهنم أوقد الله عليها مائة عام حتى احمرت ؟, ومائة عام حتى اصفرت , ومائة عام حتى اسودت , إن الأمر جد خطير وعظيم .
* إن كنت تظن وتصدق أن 24 مليونا ذهبوا واصطفوا لانتخابك واختيارك فأنت إذا من الفائزين المبشرين بثقة الشعب , وبناء عليه فعليك أن ترتدي ثوب الشجاعة وتتحلى بالمروءة والشهامة التى تعلمتها فى جيشك وتسرع إلى ميدان التحرير , لا لتحتفل بفوزك فهذا أمر قد انتهى وفهمناه , ولكن لتكشف عن ظهرك وتنادى بأعلى صوتك ياشعب مصر : هاأنذا .. من كان له على حق فليأتى فليقتص منى قبل أن يأتي يوم لابيع فيه ولاخلة ولا شفاعة . ساعتها ستعلم عدد الأمهات الثكالى اللاتي قتلت أبناءهن , وستعلم عد الزوجات الأرامل اللاتي رملتهن , وستعلم عدد الأطفال اليتامى الذين يتمتهم , وستعلم عدد الأسر التي فقدت عائلها الوحيد , وستعلم عدد المصابين الذين أصيبوا بعاهات مستديمة , وستعلم عدد المسجونين والمعتقلين بلاذنب . وستعلم عدد الضحايا الذين لايعلم عنهم كثير من ذويهم شيئا , أين ماتوا وأين دفنوا ..؟ . إن الفاتورة ياسيسى ضخمة وباهظة ومكلفة فهل أنت على استعداد لدفع فاتورتها اليوم قبل أن يأتيك اليقين ..؟
* أذكرك "ياسيسى" بالحجاج الذي ذهب يوما متنزها فلما فرغ من نزهته صرف عنه أصحابه وانفرد بنفسه , فإذا هو بشيخ كبير من " بنى عجل " فقال الحجاج من أين الشيخ..؟ قال من هذه القرية . قال الحجاج : له كيف ترون عمالكم فيها..؟ قال الشيخ : شر عمال يظلمون الناس ويستحلون أموالهم . قال الحجاج : فكيف قولك فى الحجاج..؟ قال الشيخ : ماولى العراق شر منه قبحه الله وقبح من استعمله..!؟. قال الحجاج للشيخ : أتعرف من أنا..؟ قال لا.. قال " الحجاج....!". قال الشيخ خائفا : جعلت فداك ثم قال له أتعرف من أنا..؟ قال الحجاج لا.. قال أنا فلان بن فلان مجنون "بني عجل" اصرع فى كل يوم مرتين فضحك الحجاج وأمر له بصلة. أسالك "ياسيسى" أن تتنكر فى ملابس مواطن عادى ثم تقف فى عرض الشارع تسأل الناس : ماتقولين فى السيسى..؟ ساعتها ستستمع ردودا أشد وأنكي من تلك التي قالها الشيخ للحجاج..؟ . اعرف الحقيقة اليوم وأنت قادر على دفع فاتورة الحساب قبل فوات الأوان ومرور الزمان .
* لقد قال عمر بن الخطاب : لوتعثرت بغلة فى العراق لخشيت أن يسألني الله لما لم تمهد لها الطريق ياعمر..؟ فهل فكرت فى اللحظة التي ستقف فيها عريانا مجردا من كل النياشين العسكرية والمناصب الدنيوية ليسألك الله عن آلاف المصريين الذين قتلوا فى رابعة والنهضة والحرس الجمهوري حتى ولو كانوا ينتمون للشعب الآخر..!؟. هل فكرت فى اللحظة التي سيسألك الله فيها عن المصابين الذين فقدوا أطرافا من أجسادهم بفعل أجهزة أمنك فأصبحوا معوقين لايستطيعون حيلة ولايهتدون سبيلا ..؟ هل تعلم أن الله سيسألك عن آلاف المشردين الذين تركوا بيوتهم وأبناءهم بلا عائل خشية أن تقتحم عليهم بيوتهم وتقتلهم أمام أزواجهم وأبناءهم . هل تعلم أن الله سيسألك عن آلاف المسجونين والمعتقلين الذين لايفرقون بين ليل ونهار فى ظلام سجونك وأنت تنام قرير العين آمنا مطمئنا وسط أبنائك..؟ هل تعلم أن الله سيسألك عن الفتيات اللاتي اغتصبن وانتهكت إعراضهن على يد رجالك فى غياهب الجب..؟ بالله عليك هل رقبتك تتحمل كل ماسبق ذكره..؟
* عليك أن تخلو بنفسك "ياسيسى" بعيدا عن نفاق المنافقين ورقص الراقصين لتتذكر تلك اللحظة الفارقة التى سيشيعك فيها مؤيدوك ومناصروك إلى مثواك الأخير, تلك اللحظة القاسية الصعبة آتية لاريب فيها ولاشك . تذكر تلك اللحظة التي لن يكون معك فيه أحد وسيتخلى عنك الجميع . سيتخلى عنك حرسك الجمهوري المدجج بالسلاح . سيتخلى عنك أجهزة أمنك ومخابراتك . سيتخلى عنك وزير داخليتك بملوتوفه وخراطيشه ورصاصاته ومواطنيه الشرفاء . سيتخلى عنك قضاء الزند . سيتخلى عنك إعلام المسيح الدجال . سيتخلى عنك الراقصون والراقصات على الحان تسلم الأيادي لأن الأيادي ساعتها ستشهد عليك . تذكر تلك اللحظة وتذكر معها أنه ليس بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار . تلك النار التي قال عنها خالقها " إذا القوا فيها سمعوا لها شهيقا وهى تفور " . فإذا كنت لاتتحمل فوران الماء المغلي أن تقع منه قطرة واحدة على يدك , فكيف تتحمل فوران جهنم..؟ . تذكر كل هذا ولا تنسى أنك فى عامك الستين , أي مامضى أكثر مما بقى بكثير . أقولها لك لعلك تتذكر أو تخشى.
* الفاتورة المعلقة برقبتك ياسيسى تنوء بحملها الجبال ويشيب من هولها الولدان . لكن كلفتها فى الدنيا أقل بكثير من كلفتها في الآخرة لأنك في الدنيا قد تستطيع أن تدفع ثمن الفاتورة وأنت مازلت حيا ترزق . أما بين يدى الله فستقف مفلسا بلا حسنات أو درهم أو دينار . وإنما العملة الرئيسية هى الحسنات والسيئات . فهل لديك رصيد هائل ضخم من الحسنات تستطيع به تسديد فاتورة الدماء المعلقة فى رقبتك شئت أم أبيت..؟ . فكر قليلا وتمهل ولا تستعجل وخذ قرارك بلا تردد . خذ قرارك المصيري الشجاع الذي تعلمه أنت دون غيرك . ذلك القرار قد ينجيك من نار جهنم لو أخلصت النية . ولاتسألنى ماهو هذا القرار , استفت قلبك وان أفتاك الناس وأفتوك . فعقلك فى رأسك تعرف خلاصك . قرارك ملك لك فاتخذه سريعا لتنجو بنفسك قبل أن يكون مصيرك بيد غيرك وساعتها لن ينفعك دواء الطبيب ولابكاء الحبيب ولادهشة الغريب . فالنجاة .. النجاة.. النجاة .. ياعبد الله قبل فوات الأوان ومرور الزمان . ماذا ستكسب إذا ربحت الدنيا وخسرت الآخرة التي صرت قاب قوسين أو أدني منها , وأنت قد مضى من رصيد حياتك ستون عاما..!؟. فأين المفر..؟