ممدوح الولي : 

رسائل عديدة أرسلها المصريون لقائد الانقلاب وأعوانه طوال الشهور الماضية ، لكن الكبر والغرور أعماهم عن قراءتها بشكل صحيح   ، فكانت النتيجة هذا السقوط المدوى الذى لم يتخيله أحد  حتى من أنصار الشرعية ، بالوصول الى تلك النسبة من المقاطعة للانتخابات  فى أنحاء البلاد .

 فاستمرار هذه التظاهرات لأكثر من عشرة أشهر رغم القتل والسحل والاعتقال والفصل ، كانت رسالة واضحة لرفض الانقلاب ورموزه من قبل المصريين ، مع امتداد تلك المظاهرات الى الريف المصرى فى ظاهرة غير مسبوقة فى التاريخ المصرى .

وقلة عدد من سجلوا أسماءهم فى غير دوائرهم الانتخابية من الوافدين من المحافظات كانت رسالة  لها دلالتها ، وتقرير مركز معلومات رئاسة مجلس الوزراء الذى أشار بتراجع الثقة بالنظام منذ يناير الماضى .

وانخفاض عدد الذين أدلوا بأصواتهم فى الانتخابات الرئاسية بالخارج ، رغم عدم اشتراط التسجيل المسبق بما يتيح التصويت لكل مصرى بالخارج ، ورغم السماح لأى مصرى مسافر ولو ليوم واحد أن يصوت فى مكان تواجده .

 ورغم مد التصويت ليوم إضافى بخلاف الأيام الأربعة ، ورغم توفير وسائل النقل والوجبات والقبعات والهدايا فى بعض الأماكن ، ورغم استخدام  النغمة الطائفية فى أماكن أخرى .

- رغم كل تلك الرسائل كانت العنجهية والكبر والاستعلاء على المواطنين ، بمخاطبتهم من خلال الفيديو كونفرانس وشاشات الفضائيات ، والافراط فى لوحات الدعاية بالطرق والكبارى رغم عدم وجود منافسة ، واستخدام طائرة للمرة الأولى للدعاية .

ونسى قائد الانقلاب وأعوانه مشاعر آلاف الأسر  التى فقدت عائلها أو ابنها أوابنتها فى مجازره المتعددة ، ونسى مشاعر وآلام أسر آلاف المصابين وآلاف المعتقلين  ومشاعر أسر المطاردين ، ومن فصلوا من أعمالهم وكلياتهم ، ومن تم التحفظ على أملاكهم ، ومن تم الاستعانة بالبلطجية لتدمير بيوتهم ومحلاتهم .

- كما نسى هؤلاء أن البسطاء قد كشفوا أكاذيبهم حين انتهت أزمة البنزين والكهرباء فور وقوع الانقلاب ، وكشفوا أكاذيبهم حين قالوا أن انقلابهم لم يكن لغرض أو مصلحة ثم ترشحوا للرئاسة ، وحين وعدوا بالحرية فزاد القمع وكتم الأصوات فى عهدهم ، حتى تحول البلد الى سجن كبير .

ونسى أن المصريين قد ذاقوا طعم الحرية خلال ثورتهم فى يناير 2011 ، ولن يرضوا بغير العزة والكرامة ،

ونسوا أنهم لم ينجحوا فى حل أية  مشكلة اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية خلال الشهور الإحدى عشر الماضية ، بل زادت المشاكل تعقيدا فى عهدهم رغم المعونات الخليجية السخية ، فزادت معدلات الفقر والبطالة والتضخم .

وظن أنه بالرقص الغناء من قبل عدد من الفنانين يمكن أن يخدع شعبا أبيا حرا ، وأنه من خلال إعلاميين أفاقين ملوثين يمكن أن يكرر خديعة 30 يونيو .

وهاهم البسطاء من المصريين لا يصدقون ما قاله قائد الانقلاب أنه سيغادر اذا رأى أن الشعب لا يريده ، فلو كان صادقا فى وعده لما أعطى للموظفين أجازة مفاجئة لدفعهم للتصويت رغم اتضاح الأمور .

 ولما هددهم من خلال اللجنة العليا بالانتخابات بالتحويل للنيابة ودفع الغرامة المالية بسبب عدم التصويت ، ولما سمح لأتباعه باتهامهم بالخيانة لمجرد أنهم لم يخرجوا للانتخابات التى يعرفون أنها مسرحية هزلية .

- فهل يستجيب قائد الانقلاب لارادة الشعب ويغرب عن  المشهد تماما ، فى أقرب طائرة الى  السعودية أو الامارات لينجو بنفسه ، أم يظل على عناده وغروره رغم فضيحة مد اليوم الثالث للتصويت التى كشفت كل الأمور أمام الجميع .

 وأنه كان يعيش فى وهم كبير صنعه له الاعلام الكاذب ، والصحفى العجوز الذى سعى  لتكرار نموذج إقصاء محمد نجيب ، وليدرك أنه رئيس غير مرغوب فيه ، وأن الآلاف ينظرون  إليه على أنه قاتل لآبائهم وأمهاتهم وأبنائهم وبناتهم .

- من خلال المواقف السابقة التى حدثت خلال الشهور الماضية أتوقع ألا يعى قائد الانقلاب الدرس ، كما لم يدرك ويستفيد من الدروس السابقة ، وسيجد الكثيرين من الاعلاميين ورجال الأحزاب والسياسيين ورجال الأعمال ورموز الفساد ، يضللونه بنصائحم التى يسدونها له ، خوفا على رقابهم بعد أن تلوثت أيديهم بالدماء ، وبعد أن توحد مصيرهم مع مصيره .

 ولم يعد أمامهم سوى المكابرة بمواصلة تحدى إرادة الشعب الذى أعلنها صريحة مدوية ، وعلى مشهد من العالم بعدم رغبته بتولى من قتل ودمر وخرب رئاسة مصر .

أغربوا عن المشهد إن كنتم حقا تحبون مصر كما تدعون ، بعد أن كشف الشعب زيفكم وتضليلكم ، وأعلن رفضه لكم .