يا مَنْ ظلمت وطني و ظلمتنا ـ كائناً مَنْ كنت ـ من المشير إلى الغفير، نشفق عليك من حرصك على ظلمك نفسك؛ كمن يعض بالنواجذ على مكان له في قعر جهنم، يخشى أن ينازعه إياه أحدٌ من المتسابقين معه في الحلبة.
كفاك؛ فأصل كل شر هو الظلم والجهل، والظالم من أحرى الناس بلعنة الله ـ تعالى ـ وناره وغضبه، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ﴾.
كفاك؛ فالظالم لا يحبه الله، ولا يهديه، ولا يغفر له، إلا إذا شاء ربنا تبارك وتعالى، وما أكثر ما تجد في القرآن الكريم ﴿ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ ﴿ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ ﴿ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ ﴾ ﴿ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلالاً ﴾ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا ﴾.
كفاك؛ فإنه من لا يقبل التأديب الإلهي فإن عدل الله في الأرض يمحقه منها ( و ما للظالمين من أنصار ).
كفاك؛ فالظالم محروم من الفلاح في الدنيا والآخرة، ومصروف عن الهداية في دينه ودنياه، ﴿ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾ ﴿ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾.
كفاك؛ فإن دعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، ويفتح لها أبوابَ السماء، ويقول لها الرب: ( وعزَّتي وجلالي لأنصرنَّك ولو بعدَ حين).
كفاك كفاك
لا تظلمنَّ إذا ما كنت مقتدراً... فالظلم ترجع عقباه إلى الندمِِ
تنام عيناك والمظــلوم منتبهٌ... يدعو عليك، وعينُ الله لم تنمِِ
كفاك؛ فكل عملك مسطر في الصحائف ليوم الحساب (وكل صغير وكبير مستطر). . لا يُنسى منه شيء وهو مسطور في كتاب !
كفاك؛ فالظلم لا يدوم ولا يطول، وسرعان ما ينتهي ويزول، ﴿ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ﴾؛ فالزمان عليهم سيدور يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴾ ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللهَ لِيُملِي للظَّالِمِ حتَّى إذا أخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ".
أيها الظالم: هب أنك لا تخاف.. ويحك ألا تشتاق؟!
ألا تشتاق لجنة عرضها السماوات و الأرض؛ حيث لا صخب و لا نصب و قصر من اللؤلؤ بانتظارك؛ لا يجاورك فيه فرعون و هامان و النمرود و كل جبار عنيد، جيرانك محمد رسول الله و عمر الفاروق و الصديق أبو بكر و عثمان و علي و أمثالهم من الرائعين.
هناك حيث لا ملل و لا تعب و لا مرض و لا قمع و لا موت؛ فالجنة شباب و جمال و حب دائم و أمن و غنى و سعادة لا حدود لها.
ألا أيها الظالم ويحك.
إن كنت لا تخاف... ألا تشتاق؟!!!