عمر البورسعيدي :
بعد ثورة يناير 2011 لم يذكر الناس دور يذكر للإخوان المسلمين حتى دورهم يوم 28 يناير والذي أطلق عليه جمعة الغضب وحتى أيضا دورهم البارز فى موقعه الجمل ونسي الناس ما كان يفعله مبارك بهم من إعتقالات وتجفيف للمنابع وقفل ونهب لشركاتهم وتذكر الناس أنهم جميعهم قد أصابهم ما أصاب الإخوان وبالتالي ليس لأحد فضل على أحد وأن من صنع هذه الثورة ليس فصيل معين بل جميع الفصائل .
حتى أن عمرو أديب وأخيه وزوجته كانوا من صناع ثورة 25 يناير بل وصل الأمرالي أن تصبح الكنيسه هى من صنعت ثورة 25 يناير ورأينا الفنانين والراقصين ولاعبي الكورة وطابور الإعلاميين فمحمود سعد وإخواته الإعلاميين جميعا كانوا أيضا من صناع ثورة يناير 2011 حتى بابا الأزهر ومفتى الخراب كانوا من صناع ثورة يناير .
وأعتقد أننا قد إستوعبنا الدرس جيدا وأقصد بنا ليس الإسلاميين ولكن جميع المصريين الشرفاء الذين يحاربون الأن لأنهم يقفون ضد حكم العسكر وضد بشاعته فمنا أطفال فى عمر الزهور قد حكم عليهم بعدد من السنين ومنا شباب حكم عليهم بالإعدام ومنا فتيات حكمن عليهن ومنا نساء يقبعن داخل السجون ومنا رجال منذ الإنقلاب وهم فى السجون ومنا المطارد ومنا من سافر الى بلاد الله ليبحث عن رزق الله خارج البلاد .
ما أعنيه الأن أننا نصنع ثورتنا من جديد فكل يوم تزداد ثورتنا ويزداد الإنقلاب فشل على فشل حتى أن مع كل هذه الإمكانيات من أموال تاتى لهم من الخليج وإعلام فاسد وقضاه لا يخشون الله وشرطة من أجل القبض على الطلاب والأطفال والبنات والنساء والرجال من رافضي الإنقلاب والتنكيل بهم وجيش منتشر فى كل الشوارع لم يستطيعوا أن يحققوا شيئا يذكر والغريب انهم الأن يقتلوا بعضهم البعض وسوف يرحلون عن مصر فى القريب العاجل باذن الله .
ولكن السؤال الان لماذا نعذب ولماذا نعتقل ولماذا نطارد ولماذا قتل ويقتل منا حتى هذه اللحظة الكثير والكثير ؟
فى سيرة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن التمكين لا يمكن أن يأتى إلا بعد الإبتلاء والمشقه والنصب ويمكن أن يقتل أنصارك ويعتقلون ولكن هل يصبرون على هذا الأذي وهذا الإبتلاء كما فعل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يكتب لهم الله التمكين .
فعن خَبّاب بن الأرت - رضي الله عنه - قال: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، فَقُلْنَا: أَلَا تَسْتَنْصِرُ لَنَا، أَلَا تَدْعُو لَنَا، فَقَال -صلى الله عليه وسلم-: قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ فِي الْأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهَا فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ فَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هَذَا الْأَمْرُ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ.
وفى تاريخ الأنبياء والصالحين لا يمكن لنبي أن يمكنه الله سبحانه وتعالي إلا بعد الإبتلاء فوجدنا أن سيدنا إبراهيم وضع بالنار وسيدنا يوسف وضع بالسجن وسيدنا أيوب إبتلي بالمرض الشديد ورسولنا الكريم حورب من قومه حتى أنهم كادوا يقتلونه وعذب أصحابه بل قتل منهم الكثير والكثير .
"أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ". البقرة:214
"إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا * وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا"
وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ".آل عمران: 139-140 .
وقال تعالي " عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129) " الأعراف
فمن فوائد الإستضعاف التمحيص والإختبار حتى يثبت المؤمن بعد التمكين " فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ " وما تقدموه الأن أيها الأحرار ما هو إلا بداية التمكين لأن التمكين لا يمكن أن يأتى إلا بعد التمحيص والإختبار وما جاء سهل من السهل أن يمضي الى حال سبيله وما جاء صعب من الصعب ان يذهب .
قال ابن الجوزي في كتابه ذم الهوى عن التمكين " قال الشافعي لا يكون التمكين إلا بعد المحنة فإذا امتـُحن الإنسان فصبر مُكِن , ألا ترى أن الله تعالى امتحن إبراهيم ثم مَكنه وامتحن أيوب ثم مُكِن له فقال " وآتيناه أهله ومثلهم معهم وامتحن سليمان ثم آتاه ملكا وكذلك يوسف عليه السلام .
إذا أننا أمام أمور تكررت فى التاريخ وقد يقول قائل إن الحكم قد وصل اليكم ولكنكم لم تحافظوا عليه فنقول له الحكم لم يصل الينا ولكننا وصلنا الى كرسي الرئاسة فقط وجميع مؤسسات دولة مبارك كانت تخطط ومعها جميع الإمكانيات لإسقاطك ولم تسقطنا إلا بدبابة ولكن الوضع القادم سيكون أفضل لماذا لان الشعب الأن يتذوق مرارة العسكر وكذبهم ويعيش فى قهر وذل بعدما عاش عام كامل ينعم بالحرية وشاهد فيها بعض الإنجازات رغم الحصار ورغم التضيق ورغم الإعلام الفاسد ويوما بعد يوم سيستيقظ هذا الشعب .
وستظل دماء إخواتنا وبناتنا وأبنائنا التى إريقت فى سبيل الله وقود لنا يحركنا كل يوم وكل لحظة تقول لمن يضعف منا هل أصبح دمى الى هذه الدرجة رخيص عندك فيبكي بكاءشديدا ويخرج ليعلنها بكل قوة بل دمك أغلى شي عندي ويعاهد الله أنه لن يضعف ولن يستكين ولن يترك النضال والكفاح حتى النصر أو الشهادة.
فيا من تنظر إلينا وتقول فى نفسك لماذا تعذبون ولماذا سلكتم هذا الطريق نقول لك هذا طريقنا إخترناه بإرادتنا ولم نجبر عليه ونتمنى أن نموت عليه ونلقي ربنا عليه حتى يرضي علينا فطريقنا هو طريق الأنبياء وهو طريق الصالحين ولا يمكن ان نري الظلم والطغيان ونغض الطرف ولكننا نريدها خلافه راشده على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم تمتد الى أقصي الشمال وأقصي اليمين فكل ما نعانيه الأن يهون فى سبيل الوصول الي ما نرجوه .
النصر سيأتى قريبا وأقرب مما نتخيل ولكنها الأن أوقات نحياها صعبة على نفوسنا ولكننا فى كل يوم يمر علينا تتغير فيه نظرات الناس إلينا ويزداد تعاطفهم معنا فلا تغضب منهم ولكن إشرح قضيتك بكل حب وإجعل من يسمعك قلبه يتعلق بما تقول ولا تغضب ولا تنفعل على أحد وتذكر أن طريق الإنبياء والصالحين مملوء بالأشواك ومملوء بالعقبات فلا تحزن فأنت الأن فى منتصف هذا الطريق وما هى إلا أوقات عليه ستمضي حتما وستصل الى نهايته وعندها ستتبدل كل هذه الأشواك وكل هذه العقبات بالورود والريحان وعندها ستكون بداية التمكين .