مهندس/ محمود ابراهيم صديق

“نريد أن نتأكد من أننا نفهم بشكل كامل ماهية هذا التنظيم (الإخوان) وما الذي يدعو إليه وما ارتباطاته…نحن بصدد عمل هام لأننا سنجعل سياستنا صحيحة فقط حينما نفهم ما نتعامل معه"  كلمات كانت بمثابه أمر من رئيس الورزراء البريطاني " كاميرون"باجراء تحقيق حول أنشطه جماعه الاخوان المسلمون ..التعبيرات تحمل صفه رجل الدوله الذي يقدر الاحداث و يتفهم عن من يتحدث و بلغه هادئه بعيده عن نزعات التصادم أتت كلمات رئيس الوزراء بدبلوماسيه واحتراف من يستكشف ابعاد الامور.

 ..ولكن اسمع يا سيد "كاميرون"

نعم من حق صاحب القرار ان يحقق فيما يريد من اجل مصالح بلاده وأمنها القومي لكن الدافع للتعبير هو ان الاخوان جماعه كبيره ومؤثره ومن الطبيعي ان تنال اهتمامات القوي الدوليه والاقليميه كون انها الجماعه التي أتت عبر اليات ديمقراطيه وانتخابات شرعيه . و شكلت وباقتدار مع القوي الثوريه في مصر مكونات ثوره يناير وتحملت أعباء المرحله الانتقاليه ودفعت بمرشجها للرئاسه لتأتي  بأول رئيس منتخب في تاريخ مصر  ..الاوزان السياسيه وحجم القوي علي الارض المؤثره في العمل السياسي تقول انك تخاطب القوه الاكبر تماسكا وصمودا وتنظيما في مصر فالمخاطب ليس كما مهملا او نبتا خرج الي السطح بمناورات سياسيه ..

عندما تتحدث الارقام و نعود متفقين الي المنطق ولغه العقل فليس من الطبيعي ابدا ان تلصق صفه الارهاب بجماعه عمرها 86 عاما في مصر تبني المؤسسات و تقدم الاعمال الخيريه وتؤوي اولفقراء و تربي الاجيال وتدافع عن حقوق الانسان وسوف يكتب لنا التاريخ ان المصريون لم ينعموا بالحريه والديمقراطيه الا في حكم الاعلام . فنحن جماعه أتعبتها مثاليتها في وجه نظر الساسيين . وما كان من الرئيس مرسي اثناء حكمه الا ان يفتح الباب للجميع كي ينطلق بافكاره في اصعب مراحل الحكم ما بعد الثوره ...  وفوق كل ذلك يلتزم اعضائها بالقانون الذي يحاكمون به و يظلمون به علي مدي عمرها ولا يخرج افرادها ابدا علي حرمه الدوله .فالاخوان المسلمون لم يكونوا يوما دوله جيب او دوله داخل الدوله وانما يعتمد ابنائها الايجابيه المطلقه و الانفتاح الامحدود في التعامل مع ابناء الوطن علي اختلاف ديانتهم و ايدولوجياتهم فلا تعجب ان تعرف ان نائب رئيس حزب الحريه والعداله اكبر الاحزاب المصريه من الاقباط . ورأي العالم في عام حكم فيه الرئيس مرسي كيف كانت صياغه العلاقات الدولي الخارجيه لمصر مع كل بلدان العالم وهو ما يعبر عن انفتاح عقليه الجماعه علي الاخر دون قيد او شرط .....الجماعه التي تفوقت في خمس استحقاقات انتخابيه بعد الثوره وحققت اجمالي 88 مقعد في انتخابات 2005 في عهد نظام مبارك عبر القنوات والاليات الديمقراطيه توصف بالارهاب فعليك ان تلغي عقلك وانت تستمع الي السياسيين المصريين لانك امام ارهابيون يحققون المراكز الاولي في كل الانتخابات . عندما تكون الارقام مدلولا لقوه الشعبيه و الاندماج مع الجماهير فقد حققت الجماعه 5 ملايين صوتا في انتخابات المرحله الاولي للرئاسه وسط 10 مرشحيين قادتها منفرده وبلا تحالفات وحققت نسبه 34% من اجمالي مقاعد البرلمان فانت تتحدث عن هذا المجموع الجمعي لقوه الجماعه داخل النسيج المصري .انهم ارهابيون من طراز فريد .ماذا لو تصور العقل البريطاني ان هؤلاء يحملون السلاح الان ليدافعوا عن حقوقهم وشرعيه رئيسهم .

  • الخطاب الذاتي لابناء الجماعه منذ اكثر من 50 عاما في اوربا هو اعتماد منهج الحوار بين الاديان مع مراعاه الخصوصيه الاوربيه وفي ظل أنظمه المؤسسات الاوربيه وقوانينها والعمل الدائم علي ربط علاقات التعارف والتنسيق مع مؤسسات المجتمع والانفتاح علي الاخر  وربط علاقات التعاون مع مختلف الجهات ضمن الاطر القانونيه للدوله والحرص علي الاستفاده مما تتيحه القوانين من امكانات بكل رقي واحتراف للعمل و الدفع في اتجاه الحفاظ علي حقوق الانسان وكرامته . فلم يثبت ابدا اي انحراف في نظم العمل لافرادها عن الاطار القانوني للدوله التي ترعاهم .وتثبت مواقف الجماعه في كل الاحداث التي تعرضت لها الولايات المتحده نبذها للعنف والارهاب حتي علي الصعيد الدولي  وجاء في بيان الجماعه  ما نصه (إن الإخوان المسلمين وقد راعهم ما حدث بالأمس فى الولايات المتحدة الأمريكية من قتل ونسف وتدمير ، واعتداء على مدنيين أبرياء . ليعربون عن عميق أسفهم وحزنهم ، ويستنكرون بكل حزم وشدة هذه الحوادث التي تتعارض مع كل القيم الإنسانية والإسلامية ، ويعلنون استنكارهم ومعارضتهم لكل عدوان على حياة البشر وحرية الشعوب وكرامة الإنسان في جميع أنحاء العالم)

الاخوان ارهابيون ..كلمات يسمعها المصريون علي مدار اليوم والساعه من خلال وسائل الاعلام التي تشن حمله اعلاميه لشيطنه الجماعه والصاق التهم بها و العجيب ان تجد الشعب مازال يخرج الي الشوارع منتصرا لمبادئه في حفظ حقوق الرجال .عندما تحاول ان تغلب لغه العقل في تحقيقك حول الجماعه فعليك ان تدرك ما تعرضت له الجماعه من ظلم في السجون عبر تاريخها منذ 1954-1965 في عهد عبدالناصر حيث قضي الكثير منهم بالسجون وخرجوا لم ينتصروا لانفسهم .فالقانون الذي احترمه الاخوان في وطنهم طيله تاريخهم هو ذاته يحكم علي 529 بالاعدام و يحاكم ابناء الجماعه وقادتها جميعا بديلا عن نظام مبارك الذي أفسد المجتمع والحياه الاقتصاديه والسياسيه في مصر  .

السيد رئيس الوزراء . في كل بيت في مصر الان ما بين شهيد او معتقل او مطارد فلقد تجاوزت السلطه الانقلابيه كل الخطوط الحمراء التي تحكم المجتمع وتحافظ عليه وأتت بما لم يعتاده المصريون من قتل و تنكيل و سجن وتعذيب وحبس للنساء والبنات وهدم للقيم المجتمعيه ورموزه دون الحفاظ علي الامن والسلم المجتمعي فلا تجد منم الا ان يربطون جراحهم ويعاودن المطالبه بسلميه . في وقت أخذ عليهم الجميع سلميتهم و كانوا تحت ضغوط عصيبه من اجل الدفع بهم للخروج عن المنهج السلمي في التظاهرات امام ما يشاهده المجتمع من حملات قاسيه علي ابناء الوطن حتي ان العديد من القوي الثوريه خلعوا عنا رداء الثوره بسبب سلميتنا و أخذ الجميع علينا المنهج الاصلاحي والمتدرج الذي يحافظ علي هياكل المؤسسات و يصلحها من الداخل .ماذا تحت كل هذه الضغوط لو حمل الاخوان السلاح .فليس ثمه شيء تخاف عليه الجماعه الان و ابنائها في السجون الا انها مرتبطه بثوابت و شرف تجاه الوطن فلا تكون ابدا مسمارا يغرق السفينه حتي وان دفعت لذلك من نفوس ابنائها.

ان كان من حق الدوله ان تبحث في أنشطه الجماعه ليست مدفوعه من الخارج فيما يخص أمنها القومي ومع ثقه الجميع في نزاهه القضاء البريطاني فان من حق الجماهير في العالم ان تري تحقيقا احترافيا يشارك في الطرف الاخر بالتحدث عن نفسه .

----------------

كاتب وباحث سياسي