أحمد القاعود

زف عبدالفتاح السيسي البشري لجماهيره و أعلن عزمه دخول انتخابات الرئاسة من خلال تلفزيون الدولة بزي العمليات العسكري و أخبرهم بأنه لن يكون لديه حملة إنتخابية بالشكل التقليدي لبقية المرشحين أو الشكل المعروف في كل حملات الانتخابات في العالم ، هذه المنحة و العطية الغالية توجبت أن تبث القنوات العامة و الخاصة الخطاب بثا مشتركا ، تلاه تحليلات و تغطيات مكثفة من كافة وسائل الاعلام ، و أخذ رأي المواطنين الداعمين و الفرحين بإعلان الزعيم الجديد تفضله علي مصر و أهلها و دخول سباق الرئاسة .

تلقف المصريون سريعا الخبر السار، إمتلأت الشوارع بمظاهرات الدعم و التأييد للزعيم القائد يوم الجمعة ، و كان حصيلتها 5 شهداء بينهم صحفية بعد أن حاولت قوات الشرطة فض هذه التظاهرات الصاخبة حفاظا علي مشاعر بعض فئات الشعب الرافضة لترشيح سيادة المشير للانتخابات .

وسائل الاعلام تحدثت عن قيام أنصار جماعة الإخوان الإرهابية بقتل الصحفية ، حتي تعكر الصفو بين جماعة الصحفيين و عهد الحرية الجديد لمنقذ مصر المشير السيسي .

في العالم الافتراضي كان ملايين المصريين يغردون و يدونون فرحا و طربا بقرار المشير دخول الانتخابات ، و تابعوا كما العرب و العالم بث كافة وسائل الاعلام تقارير عن نشأته و حياته و تدرجه في المناصب و الوظائف حتي حانت لحظته التاريخية و أنقذها من خيانة جماعة الاخوان الارهابية ، تلك الجماعة التي جاءت للحكم عن طريق قتل المصريين و حرق جثثهم،  و تحالفها مع الولايات المتحدة الأمريكية و اسرائيل ، لدرجة أن الرئيس الخائن محمد مرسي ، رضخ لمطالب إسرائيل و حاصر أهل غزة ودمر الأنفاق التي كانت تساهم في تسهيل احتياجاتهم اليومية ، و وافق بنيامين نتنياهو علي ضرب القطاع عندما كان في سدة الحكم و أرسل رئيس وزرائه هشام قنديل للاشراف علي هذه العملية في القطاع إضافة إلي أنه كان يتخابر بصورة شبه يومية مع وزير الدفاع الأمريكي ليطلعه علي كل صغيرة وكبيرة تحدث في الجيش المصري و ينتظر دعمه للاطاحة بالوطنين المخلصين أمثال المشير عبدالفتاح السيسي .

في العالم الافتراضي دشن المصريون حملة كبري لدعم المشير البطل و دعوة المصريين لانتخابه في العملية الشكلية التي ستتم بعد حوالي شهر ، رغم أنهم يريدون تنصيبه رئيسا دون أي انتخابات فهم يرون فيه الزعيم و المنقذ الذي يفترض ألا يدخل أو يتساوي مع غيره من المرشحين في أساسيات أو شكليات العملية الانتخابية ، لذلك و علي الرغم من تكرمه و تفضله علي مصر و المصريين بأنه سيخوض ما تسمي إنتخابات الرئاسة ، إلا أنه و لاصراره علي هيبته و رغبة منه في عدم التساوي مع بقية المرشحين ، و حتي لا ينجر ضعاف النفوس أمام تواضعه ويوجهون إليه الاهانات أو يستصغرون قدره لمجرد قيامه بمؤتمرات أو جولات لمقابلة البسطاء و الذهاب للعشوائيات . فإنه و بناء علي نصيحة مستشاريه ذوي الخبرة القادمين من عهد مضي عليه أكثر من نصف قرن من الزمان ، فقد قرر سيادته ألا تكون حملته الانتخابية تقليدية و أن يلتزم داعموه بالاقتصاد وعدم الاسراف في هذه الظروف توفيرا للنفقات في حملة رئاسية له .

كانت استجابة المصريين رائعة و مبدعة ، حيث انطلق المصريون بصورة غير تقليدية لدعم المنقذ و وفروا عملية جمع الأموال المطلوبة لحجز مساحات تلفزيونية أو صفحات جرائد و أطلقوا " هاشتاج " عالمي علي موقعي التواصل الاجتماعي فيس بوك وتويتر لحث المصريين علي انتخاب المشير .

تكون الهاشتاج العبقري من كلمتين فقط وصل عدد تغريداتهالملايين في ساعات قليلة من الخطاب ، تجاوزت بعد يومين المئة مليون ، و ترجم إلي عدة لغات ، و تصدر الوطن العربي ثم العالم علي موقع تويتر، ومع كل كلمة من كتابة هذا المقال يحقق الهاشتاج الانتخابي أرقاما غير مسبوقة .

لكن الهاشتاج في الحقيقة كان فاضحا و مسيئا للمشير ، كثير من الاعلاميين المصريين الذين يتقاضون رواتب بالملايين من قنوات ينفق عليها رجال أعمال مرتبطين بمصالح مع السلطة و أنظمة حكم خليجي معادية للربيع العربي ، و الذين طالما حاولوا التقليل من الرئيس محمد مرسي و الحط من قدره رغم كونه شخصية مرموقة جديرة بالاحترام ، راحوا يصرخون من الهاشتاج المسيئ و اعترف أحدهم بأن الاغتيال المعنوي مورس ضد الرئيس محمد مرسي ، لكنه لم يقل أنه كان مدفوعا ، أما هاشتاج السيسي فجاء شعبيا خالصا ، و من فئات الشباب الذين يزعم دوما أنه سيعمل من أجلهم ، رغم أنه بصورة شبه يومية يقتل العديد منهم في الجامعة و التظاهرات الرافضة للنظام الخياني  العائد بفجاجة .

 

حملة السيسي غير التقليدية و التي أعلن عنها وهو يرتدي زيه العسكري وورائه خلفية توحي بأنه يلقي خطابا في حوض لأسماك الزينة موضوع في محل لعصير القصب المشهور في مصر ، كانت فعلا غير تقليدية و نجحت في يومين في إسقاط هيبة قائد الانقلاب الدموي الذي طالم وصفته وسائل الدعاية المتحالفة معه بالمنقذ و القوي .

 

 انتشرت صور الحملة في التظاهرات و انتقلت من شبكات التواصل علي الانترنت إلي جدران الحواط ، ورسمت علي حافلات النقل العام ، بعض الفتيات قمن بكتابتها علي أجسادهن لكن صورهن كانت قليلة الحظ في الانتشار ، صور لعبارة الهاشتاج جاءت من كافة دول العالم للتضامن مع الحملة الشعبية  الدولية ، و خلال 24 ساعة فقط أسقط الشعب المصري بكافة أطيافه هيبة مزعومة لقاتل حصد أرواح ألاف المصريين العزل المطالبين بالحرية و الكرامة .

ما فعل بالرئيس محمد مرسي خلال عام كامل من محاولة إسقاط للهيبة أو الاهانة و التي لم يتمكنوا منها ، رغم أنها كانت حملات مدفوعة و مأجورة من المخططين للانقلاب ، ضحدتها في يوم واحد حملة شعبية عفوية جائت ردا علي المشير و احتقاره للشعب و قيمه ، الكثيرون بدأوا يقارنون بين قيم مرسي و خصائص السيسي .

الرد الشعبي الساحق علي ترشح المشير للرئاسة جاء عبقريا ، و رغم ظهور الجدل الذي قد يبدوا أنه بات طبيعيا في كل حدث سياسي حول مشاركة الاخوان في الحملة أم لا بسبب كلمة السب فيها ، أكد الهاشتاج و انتشاره الساحق أن معارضة الحكم العسكري في مصر ليست للتيار الاسلامي وحده أو للاخوان المسلمين فقط كما يزعم مؤيدو القتل و الكراهية في مصر و المعادين للثورة .

لفظة الهاشتاج المسيئ جاءت معبرة عما يجيش في نفوس المصريين تجاه شخص واحد استغفل شعبا بأكمله ، و راح يروج له أنصاره بمقولة عبثية مفادها أن مصر ستكون " أد الدنيا " .

و أمام شعبويته التي ظهرت في طريقة وقوفه وانحنائه أمام المسؤولين الأجانب بما لا يليق بقائد عسكري ، و ظهوره في حفلات الفن و الرقص و تحدثه بلغة توحي بقلة التعلم و الثقافة ، و انتشار أغاني شعبية هابطة تمجد فيه ، كان الرد عليها شعبيا أيضا ،  فهاشتاج لاذع و مسيئ له بعد أن أعلن أنه عين متحدث عسكري للجيش ليجذب النساء المصريات ، و كأنهن بغايا ، و ترويج خدمه في وسائل الاعلام أن نساء مصر حبلي بنجمه ، كان معبرا عن وضعه و صورته الحقيقية في عيون المصريين .

صحفي مصري

https://www.facebook.com/ahmed.k3oud

https://twitter.com/ahmedelkaoud