الحمد لله ناصر الضعفاء والمساكين , ومخلصنا من شر الفراعنة والفراعين , وحصْننا من الظالمين المتكبرين المغرورين
وأشهد أن لاإله إلا الله القائل في كتابه " فقُطِع دابرُ القومِ الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين " الأنعام 45
وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله , الذي لاينطق عن الهوى , حيث يقول : " ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله هذا الدين ، بعز عزيز ، أو بذل ذليل ، عزا يعز الله به الإسلام ، وذلا يذل الله به الكفر " ، فكان تميم الداري يقول : قد عرفت ذلك في أهل بيتي ، لقد أصاب من أسلم منهم الخير والشرف والعز ، ولقد أصاب من كان منهم كافرا الذل والصغار والجزية .
وعن المقداد بن الأسود – رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : لا يبقى على وجه الأرض بيت مدر ولا وبر ، إلا أدخله الله كلمة الإسلام بعز عزيز ، أو بذل ذليل ، إما يعزهم الله فيجعلهم من أهلها ، وإما يذلهم فيدينون لها
وبعد :
إليكم أنتم ياأنصار الحق والشرعية
فليس هناك الآن في مصرنا الحبيبة من يحمل همَّ هذا الدين غيركم , وليس هناك من يقذف بصخور الحق على دماغ الباطل سواكم , وقد محصكم الله تمحيصا شديدا فكنتم كالجبال الرواسي " ولِيُمحِّص الله الذين آمنوا ويمحقَ الكافرين . أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولمَّا يعلمِ الله الذين جاهدوا منكم ويعلمَ الصابرين"
وأبعد عنكم كل أصناف المنافقين والمرجفين في المدينة , عملاؤهم الذين قالوا " ماوعدنا الله ورسوله إلا غرورا " , وعلماؤهم الذين كم صدَّعوا بها رءوسنا أنْ " لايولون الأدبار وكان عهد الله مسئولا " حتى كاد الصالحون أن يصدقوهم , لولا هذه الزلزلة الشديدة والغربلة المتقنة المُذهلة , التي أرادها الرحمن الرحيم لعباده الصالحين " هنالك ابتُلِي المؤمنون وزِلْزِلوا زِلزَالا شديداً "
ياأصحاب الشرعية : أكاد أطير فرحا من قُرْب فرج الله ونصره لكم أيها المؤمنون .. وإليكم الأدلة :
أولا : تميَّز الفسطاطان فلاثالث لهما , والخائن السيسي واحد من الدجالين
نَعم , لقد صدق الرسول الأمين الذي لاينطق عن الهوى , حيث يقول في الحديث الذي يرويه لنا جابر بن سمرة – رضي الله عنه - :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
"" إنَّ بَيْنَ يَدي الساعة كذابين
قال جابر: فاحذروهم
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه -"لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين كل يزعم أنه رسول الله "
وقد أعلنها سوءة الأزهر وواحد من الفجرة ( المسمى بسعد الهلالي ) : " أن الله بعث السيسي ومحمد إبراهيم رسولين لحماية الدين " ولن أُكمِل لكم , فهو حاطب ليل , يزداد كل يوم كفرا وفجورا
وأظن أن الهلالي , والجمعي , والطيِّبي وغيرهم ممن فقدوا أهليتهم , وأهانوا أزهرنا , هم من الدجالين الذين حذرنا منهم المعصوم قائلا : "سيكون في أمتي دجالون كذابون يأتونكم بِبِدَع من الحديثِ بما لم تسمعوا أنْتُم ولا آباؤُكُم فإيَّاكم وإياهم لا يَغُشُّونَكم"
وعن عبدالله بن عمر – رصي الله عنه - قال :
: " كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قعودا , فذكر الفتن فأكثر ذكرها حتى ذكر فتنة الأحلاس فقال قائل : يا رسول الله وما فتنة الأحلاس ؟ ( والأحلاس جمع حلس , وهو ممايلي ظهر البعير من كساء , وشبهها بها – صلى الله عليه – لطول لبثها أولسواد لونها وظلمتها – هكذا قال الخطابي
قال : هي فتنة هَرَب وحَرَب ( أي هي فتنة تجعل الناس يهيمون على وجوههم ويفرون من الذعر والخوف , وحَرَب بالتحريك هو نهب لمال الإنسان , وقد حدث النهب , بل وتم تجميد أموال الصالحين , وغلق مؤسساتهم , وإن كانت مستشفيات تعالج المرضى , أوجمعيات خيرية تكفل اليتامى والأرامل , والمساكين)
ثم فتنة السراء دخلها أو دخنها من تحت قدمي رجل من أهل بيتي يزعم أنه مني وليس مني ، إنما وليِّيَ المتقون
ثم يصطلح الناس على رجل كَوَرِكٍ على ضِلَع ( أي أن الأمر لايثبت لهذا الرجل ولايستقيم له , لأنه غير خليق للمُلك ولامستقل به , حيث أن الورك لايستقيم على الضلع ولايتركب عليه )
ثم فتنة الدُّهَيماء لا تدع أحدا من هذه الأمة إلا لطمته لطمة ، فإذا قيل انقطعت تمادت , يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا حتى يصير الناس إلى فسطاطين ؛ فسطاط إيمان لا نفاق فيه ، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه - أي أن نهاية هذه الفتنة ستكون انقسام الناس الى معسكرين كبيرين : معسكر اهل الاسلام و محبي شرع الله و موالي المجاهدين من ناحية، و معسكر المنافقين الكارهين للاسلام و شرعه - وان ادَّعوا انهم مسلمون- من ناحية أخرى. و قد بدأ هذا الانقسام يتشكّل فعليا في كثير من الدول كتونس و مصر و غيرهما، و هذا يعني أننا في بداية نهاية هذه الفتنة باذن الله - .
إذا كان ذاكم ، فانتظروا الدجال من اليوم أو غد "
وقد ظهر الدجال على حقيقته , وانتقل بالضعفاء والمغلوبين من مرحلة الاستخفاف إلى مرحلة الاستعباد , يريد أن يعلنها صريحة " أنا ربكم الأعلى " , ولن يكون ذلك أبدا لأنكم تؤرقون مضجعه , ويراكم كالكوابيس في منامه , ولابد أن تكون كلمة الله هي العليا .
ثانيا : اعلموا جيدا أن السنن تدور مع أصحابها
لأن سنن الله تتميز بضوابط لاتتغير ولاتتبدل " فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ سُنَّتَ الأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلا " , ومن هذه الضوابط :
1 – أنها ربانية المصدر "أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ " " وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ "
2 – الثبات "سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلا "
3 – التكرار " قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ " " " فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ "
ولكن كيف تدور السنن مع أصحابها ؟
والجواب بكل وضوح لاغموض فيه :
أولا : أننا إن نصرْنا هذه السنن فحق على الله أن ينصر من نصره , ونصر سننه , والأمثلة خير شاهد في كتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم - :
1 – قال تعالى " ياأيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم " , وقد نصرتم الله وقدمتم كل ماتملكون من نفس ونفيس , وهل هناك أكثر مما قدمتموه ؟ فلم تهنئوا في بيوتكم , ولم تُكحِلوا الأعين بنومكم , وقد اقترب الحول وماخجلتم دينكم
2 – قال تعالى " إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم " , وهل يحكم عاقل , بأنكم أصحاب دنيا بعدما انحنى العالم كله احتراما وإجلالا , فاحتقروا الانقلابيين وأشبعوهم إذلالا , ثم هم الآن يقفون مبهورين احتراما لمبادئكم , واحتراما لدعوتكم , لأنها ربانية خالصة ( هي لله هي لله ) , واحتراما على ثباتكم من أجل نصرة هذا الدين , في الوقت الذي ركع فيه وسجد كثير من أصحاب العمائم واللحى , من مُلاك القنوات وخُدَّام السفاح السيسي والسَّلطات ( بفتح السين لابضمها )؟
3 – قال الله تعالى " ... استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين " , وقد استعنتم بالله وصبرتم صبرا حيرتم به شياطين الإنس والجن , قتلوا منكم الآلاف من خيار شبابكم وبناتكم وقادتكم فصبرتم , وسجنوا أضعافا مضاعفة , فلم يرحموا قعيدا أوكفيفا فشكرتم , وآذوكم في أعراضكم , ونهبوا أموالكم , وحرَّقوا دياركم وأمتعتكم فرضيتم .
ووالله إني لأرى بعيني هذه الآية تلوح وترفرف على قلوبكم وتظلكم بظلها " إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ " غافر 51 , لأن هذا وعد الله " إن الله لايُخلف الميعاد "
وقد وعدكم الله أيها المؤمنون المجاهدون السِّلميون المرابطون المحتسبون " وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ "
ثانيا : تنتصر السنن على معارضيها مهما كانت مكانتهم
والأمثلة خير شاهد أيضا في الكتاب والسنة :
ولكني أكتف بمثال واحد وهو : غزوة أحد , وقيسوا عليه غزوة حنين عندما اعتمد البعض على الكَثرة :
حيث كانت هذه الغزوة – أي غزوة أحد - من ثلاث جولات ( نصر – هزيمة – ثم نصر , وهي غزوة حمراء الأسد , وكل ذلك في يوم واحد )
وانتصر فيها المنهج الرباني , كما انتصرت فيها السنن الجارية , في الجولات الثلاث
الجولة الأولى ( جولة النصر السريع ) انتصر منهج الله تعالى , حيث نفَّذوا ماأمرهم به رسول الله – صلى الله عليه وسلم - .
والقرآن خير واصف للحدث " وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ "
قال ابن عباس ( صدقكم الله ) أي وعدكم , ( تحسونهم ) تقتلونهم ( تفسير ابن كثير لهذه الآيات )
الجولة الثانية : ( جولة الهزيمة السريعة ) , حيث انتصر منهج الله على معاديه ( من الأعداء ), وعلى مخالفيه ( وهم الرماة )
والقرآن يحسم هذا الجدل المثار بين الصحابة , حيث مازالوا يتعجبون مما حدث لهم , بعد نصر محقق كان بين أيديهم :
"حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ ۚ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ۚ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ ۖ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ "
وقال تعالى " أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا ۖ قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "
أي بسبب عصيانكم لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حين أمركم أن لا تبرحوا من مكانكم فعصيتم، يعني بذلك الرماة ( تفسير ابن كثير )
والخلاصة : عند مخالفتنا لمنهج الله تعالى , ترَكنا الله للسنن التي تحكم البشر " وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ "
الجولة الثالثة : ( جولة النصر والثبات ) حيث انتصر المنهج , وانتصرت الجماعة في نفس اليوم – أي في غزوة حمراء الأسد
بعدما استفادوا جيدا من هذا الموقف الذي كلف الدعوة الكثير والكثير , وكله بإذن الله تعالى " وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ "
ولذلك لم يُرهِبهم تهديد قريش وغيرها "الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ . فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ "
ثالثا : أبشروا ياأنصار الله : فإن الخارقة على إِثْرِها
هذا ماقدمتموه إلى الله حسبة لله , ومع ذلك يتمادى الظالمون في غيِّهم , ولايزال المُغرَّر بهم في سُكْرهم وعُميهم , ويتعالى الانقلابيون في كِبريائهم , يسمعون الآيات , فيجعلون أصابعهم في آذانهم ويستغشون ثيابهم
عند ذلك تكون السنن الخارقة على إثر السنن الجارية لتُعزِّزها , تتنزل لتُكْمل نصر الله تعالى , ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله
وسيتضح جليا في المقال التالي بإذن الله تعالى
إمام ومدير المركز الإسلامي - أمريكا