إسماعيل حامد:

في لقاء تليفزيوني بالأمس صرح يحيى حامد وزير الاستثمار في حكومة هشام قنديل أن المعادلة الآن صفرية مع الانقلابيين .. وهذا الكلام يحتاج إلى شئ من التوضيح والتبسيط حتى لا يساء فهمه ..

فإن جملة المعادلة صفرية تعني أنه لا قاسم مشترك بين الانقلابيين والثوار في الميادين ..وتعني أنه لا منطقة وسط بين الانقلاب والشرعية .. وتعني أنه لا لقاء بين أيدى ملطخة بدماء الشهداء وبين ضحاياهم .. وتعني أنه لا تقابل بين قادة الانقلاب " جيش وشرطة وقضاء وإعلام ومال" وبين قادة التحالف الوطني .. وتعني أنه لا لقاء مع كل من فوض وساند وأيد ودعم الانقلاب في إراقة الدماء واستباحة الحرمات وهتك الأعراض .. وتعني أنه لا بد من زوال هؤلاء المجرمين عن المسرح السياسي وعودة الشرعية مهما طال الزمن .

 المعادلة صفرية بالضوابط الشرعية والسنن الكونية والعبرة التاريخية والرؤية الواقعية .. المعادلة صفرية بضوابط الشرع التي قالت للنبي " ولا تكن للخائنين خصيما" و التي أمرتنا " وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به " والتي تبيح لي منهج نوح عليه السلام  في التعامل مع قومه والتي جعلت النبي يعلن قائمة بمن يجب قتلهم ولو تعلقوا بأستار الكعبة ..  

المعادلة صفرية بالسنن الكونية التي أثبتت أن الثورة الإيرانية لم يكن لها نجاح إلا بالتخلص من أذيال نظام شاه إيران ودمرت كل رموز " سلالة بهلوي " .

وقد أعلنها الخميني في أول يوم بعد عودته من منفاه عن بقايا النظام "سوف أركل أسنانهم لقلعها" ولا للثورة الفرنسية أن تنجح إلا بالمحاكم الفورية التي أقامتها لبقايا النظام وكل المعارضين للثورة .

  المعادلة صفرية بالعبرة التاريخية .. والتي تفيدنا أنه لا مكان لقائد انقلاب في حل الأزمة بل هي المحاكمة .. والعبرة واضحة في التجربة الأوكرانية وكيف عاد النظام السابق هناك من جديد بعد مرور 5 سنوات على الثورة مما دفع الثورة للاشتعال من جديد .. والعبرة في ثورة يناير والتي أظهرت خطأ الثوار حينما سلموا أنفسهم لنظام مبارك ومجلسه العسكري بعد التنحي مباشرة وبالتالي فشلوا في تحقيق أهداف الثورة .. ولا يلدغ المؤمن من جحر مرتين .. فلا لقاء مع العسكر الذين خانوا الثورة والثوار ..

المعادلة صفرية بحكم الواقع لأننا قدمنا أكثر من 7 آلاف شهيد وأكثر من 20 ألف مصاب وأكثر من 23 ألف معتقل وعشرات الآلاف المطاردين من قبل قوات الأمن الغاشمة ولأن سقوط كل هذا العدد من الضحايا في الأحداث منذ الانقلاب يصعب الجلوس مع الانقلابيين سويا حول مائدة حوار لحل الأزمة .. ومادام الواقع يثبت أن الحل عسكريا أو أمنيا فالمعادلة صفرية نظراً لانتهاك حقوق الإنسان المستمر، وعدم وجود شيء يمكن أن يتم التفاوض حوله أصلا مع هؤلاء الانقلابيين.

ولكنها لا تعني على الإطلاق غلق الباب أمام أي مبادرات من هنا أو هناك .. مادامت هذه المبادرات لا تميل مع الانقلابيين وتعطيهم مسحة من الشرعية .. وما دامت مبادرات تحافظ على المطالب المشروعة للثوار " عودة الشرعية - محاكمة القتلة والمجرمين - استكمال ثورة يناير" .. ولا تعني رفض وجود لجنة حكماء تتوسط للخروج من الأزمة التي تعيشها البلاد .. ولا تعني إلغاء الحل السياسي السلمي التصالحي .. ما دام هناك حسن نية وحسن إنصاف للحق وأهله وتحرر من التبعية لهذا أو ذاك ..

المعادلة صفرية فلا لقاء مع القتلة والمجرمين والخائنين .. ولكن أيدينا ممتدة لكل ساعٍ للقصاص للشهداء وعودة الحق لأهله .. أيدينا ممتدة لكل باغٍ للخير لهذا الوطن والخروخ من دائرة التبعية .. أيدينا ممتدة لكل من أدرك بعد فوات الأوان خطأه حينما فوض وساند الانقلابيين عن جهل بالوقائع .. أيدينا ممتدة لكل القوى السياسية والثورية التي فهمت المؤامرة التي تحاك بالبلاد وأهلها من قبل الانقلابيين وداعميهم.. أيدينا ممتدة لكل من خرج من دائرة البطش والظلم وأعلن توبته عن تلك الدماء التي سالت .. أيدينا ممتدة لكل هؤلاء .. أما غيرهم فالمعادلة صفرية حتى الآن لأننا لا نقبل الضيم ولا نعطي الدنية من وطننا وشرعيتنا وديننا.. والله غالب على أمره ولكن اكثر الناس لا يعلمون .