مهندس/ محمود ابراهيم صديق
لم اتوقف كثيرا عند قرار قائد الانقلاب من ترشحه للرئاسه وان كنت أتوقع ذلك القرار فليس من منقلب ان يسطو علي الحكم ويعطل القانون ويبيح القتل ويجرم المعارضه من أجل ان يصل غيره الي الحكم والسلطه . ولكن الامر لا يعدو كونه خطوه علي طريقه امتلاك الدوله واعلان تبعيتها لدوله الضباط رسميا. فانا اراها نقطه الانقلاب التي سوف يتحول معها المجتمع الي مرحله اليقين والادراك الي المخطط الانقلابي و انها النقطه التي تصل بالثوار الي مرحله النضج في الحراك الثوري بأنهم علي ارضيه صلبه والتشبث بمرحله الحسم . فهي نقطه اللاعوده عند قائد الانقلاب و معها منتهي الطموح لاشباع رغباته وشهوته لحكم مصر . لن يقبل المصريون ان ينتظروا في مقاعد المشاهدين لسنوات طويله يتابعون فيها قرارات الجنرالات والعديد من الانقلابات المتواليه لصالح دوله العسكر ...فقط اعتبرها فصلا من مسرحيه هزليه يقف فيها مجموعه من الشخوص ليؤدوا ادوارا محدده في مصر الادوله و الاقانون والاحريات . من أجل مصلحه الفرد الاوحد ...عندما تتحول البلاد الي حاله من العبث و محضنا للتجارب التي ادت الي انهيار الدوله وفشلها . فقد سقطت الحكومه لفشلها في قمع الثوره الشعبيه و فشلت في سد جوع الفقراء واقناع الجماهير ان ما حدث ليس انقلابا عسكريا …وعليه لم القي بالا بتقرير ما يسمي بالمجلس القومي لحقوق الانسان الذي انضم الي قائمه العار التي تخدم اتجاها واحدا و جاء القرار في صوره تقرير من مباحث الامن الوطني علي أقل تعبير .. التقرير الهزلي الذي جاء مخالفا ببجاحه ووقاحه لا تحدث في دول الداخل الافريقي وفي اكثر دول العالم تخلفا و قمعا في الوقت الذي يصدر فيه تقرير عن 27 دوله عضو بالامم المتحده بيانا عن انتهاكات حقوق الانسان في مصر.....من جمله ما سبق علينا ان نتفهم ان المؤسسات باتت تخلو من رجل شريف.. اصبحنا اكثر قناعه الان بان تطهير المجتمع من المنافقين والافاقيين انما اصبح حلا لا رجعه فيه ..
حتي منطق اداره العزبه هم افشل من ان يلقبوا به . فلديهم كل الاليات والادوات الا ان جاهليه التفكير والتعامل مع المنطق وفهم طبيعه الشعب غائبه عن كل القرارات . فلم يعد لاجرائاتهم اي معني او قبولا لدي حلفائهم .فعندما يستخدمون القوه المفرطه تاتي التداعيات بعكس توقعاتهم .وعندما يلجأ الي الاساليب القانونيه في اداره عزبتهم تاتي ايضا بفشلا زريعا لانهم ابعد ما يعتقدون في ثوابت العدل والحق . فنراه كلما استعمل القضاء اتي علي صدع كبير في جدار الانقلاب . لو تقلد قائد العسكر فعلا منصب الرئيس ماذا سيفعل وهو في طريقه للمنصب أراق دماء الالاف بخلاف المعتقليين مع أنات الجرحي و دموع الايتام . هل ينتظر من هؤلاء ان يصفقوا في استقباله لحظه زياره قراهم ..الامر تعدي حدود المنطق .و الوطنيه تستوجب التوقف و الاستماع فمصر تخرج من نطاق الزمن مع رجال توقف عندهم الزمن عند العقليه التصادميه..فالقادم لا يبشر بخير ..
الصدمه كبيره عند ابناء الوطن في قادته و جنرالات جيشه . فمازالت صوره الفريق الشازلي تلف اركانه وتمتلك فؤاده ومازالت صوره النصر و تغنيات الشعب باهم بطولاته جزءا من حياته الا انه اصبح يواجه صدمه عنيفه عندما غادر رجال الجيش اماكنهم ومواقعهم علي حدوده واقتربوا من مأكله ومشربه وتجرأوا علي حرياته وخصوصياته وانتهكوا حرماته وقضوا علي قدسيه الجيش في قلوب ابنائه . قاده الجيش لا يدركون ان هذه الصدمه قد ترتد الي الخلف بقوه لانهم هم اخر ما كان يركن اليه الشعب في الشدائد . فاذا تحولوا الي صراع في الداخل و تركوا مهمتهم فلا تنتظر من الشعب ان يلتف معهم ...ايضا لا تستطيع ان تحمل الوهم الي الشعب بان الاستقرار في ان تكون انت حاكما وان حمايه الوطن من تدخل الخارج في شئونه تقتضي ان تكون انت رئيسه فهذه العقليه اندثرت مع الزمن في ظل تنامي الاحساس بالحريات و الحقوق ..فما يراه البسطاء هو ان استقرار الاوضاع علي ما هي عليه يعني استقرار معدلات السرقه والنهب فانت لا تستطيع تغفيل المجتمع او ان تختزل عقول ابنائه حتي وان استطعت ان تسوق رجال النخبه خلفك وان تصنع في داخلهم امعات يلهثون ورائك او يتمسحون في حذائك ...فعليك ان تفترض ان هناك رجلا واحدا في الوطن يتحلي بالفهم عليك ان تحترمه وتقدره ..
عندما ينحي الشعب ويصبح رقما لاوزن له في مفاهيم اداره العزبه عند قائد الانقلاب فانت بذلك تصنع نفوذا فاشيا في المجتمع و تستطيع ان تنشأ مجتمعا شاذا يفرح و يطرب لسفك الدماء وانتهاك الحرمات والتشفي في الخصوم السياسيين بان تغير مباديء وافكار الراي العام ولا تندهش من انك لا تجد انكارا لاحكام السجن لطلابنا وبناتنا في السجون لانه باختصار لم يعد وزنا في المعادله السياسيه ..فمجزره رابعه والنهضه تعتبر ابشع مجزره في تاريخ مصر الحديث و حدثت علي مرأي ومسمع من الجميع ومع ذلك فاعداد المصفقين لها اكبر من اعداد المستنكرين لها ..فلا تندهش من شعب بات يرقص علي الدماء .
غدا في عزبه قائد الانقلاب سوف يتحول المواطن مهما كانت درجته العلميه وقيمته في المجتمع الي مخبر او جاسوس منفذا لاراده النظام القمعي متاثرا بوهم الفاشيه في انه يقدم عملا جليلا لارضاء الفرعون و يصبح لك مواطن سيدا يتحكم فيه وفي ارادته في حين ان حقوقه تسحق وكرامته تهدر و نري ذلك الان في الوقت الذي يطالب فيه الاطباء بحياه كريمه و يطالب فيه البسطاء من سائقي النقل وغيرهم فقط بحق الحياه . لا يسمع لا لهذا ولا ذاك فهم من العدد الذي تؤدي محصلته الي الصفر ......يحدث هذا السلب للاراده والعقول تحت مباركه الاخرين و سعادتهم الغامره و عند هذا الوقت علينا ان نودع مصر والمصريين لان القادم لن يكون ثوره شرف وكرامه و لن يكون سلما اجتماعيا وانما سوف تتحول البلاد الي ثوره جياع تاكل الاخضر واليابس و ان لم نستفيق فسوف نودع مصر لعشرات السنيين .فلا تندهش الي الاحكام القاسيه ولا الحرب العدائيه من اجهزه الدوله علي الشرفاء. فانت امام حكومه تحكم نفسها ودوله لا اقول مغيب شعبها انما ابعد بشكل او باخر ..
معركه الاحرار كبيره وصعبه وحتما مكلفه فلا تخش ضياع جهدك ولا تحمل هم وصول فكرتك الي الناس اذا رفعت قيم الحق في مواجهتك للباطل فمن المحال ان يضيع جهدك سدي .ان الله عز وجل من سننه ان كل ما يبذله اصحاب الدعوات والافكار من مال ووقت او حياه ينتقل لكفه افكارهم ودعوتهم .فالدعوات تعيش بارواح من ماتوا في سبيلها و تغتني باموالهم وتتحرر بسجنهم هذا غير الاجر الجزيل عند الله في الاخره .لا تنظر لفارق القوه بينك وبين طرف الصراع ولا تهتم كيف سياتي النصر وعلي يد من ...ولا تنشغل كيف سيكون أثر عملك ان الغلام في قصه أصحاب الاخدود لما اختار ان يضحي بروحه في سبيل الله تعالي جعل الله تعالي أثر ذلك ان امن الناس كلهم ..ثم اختار الناس ان يضحوا بأرواحهم فاختاروا ان يتم حرقهم في النار فأين أثرهم في الدنيا وهم أخر من أمن ..ان الله قد أبي الا ان يجعل لهم أثرا فأنزل سوره البروج لتصل قصتهم الينا نبراسا نهتدي به .ان الله وعد من ينصره بالنصر ولذلك من المحال ان يبذل العبد خيرا ثم تكون العاقبه خسارا
قريبا بإذن الله
(( سيعلم اللذين ظلموا أي منقلب ينقلبون )) وعندها أيها الأنذال ستدوسكم النعال وتلعنكم الأجيال وستقذفكم شعوبكم إلى مزبلة التاريخ قائلين :
عليكم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين
---------------
كاتب وباحث سياسي
https://www.facebook.com/pages/Mahmoud-Ibrahim-Sadeeq/146054652269689?ref=stream
