د/ إبراهيم كامل
الحمد لله حمد الشاكرين الراضين بقضائه , الصابرين على بلائه , الواثقين في نصرته , الطامعين في رضائه ومحبته
والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيد البشر , وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كبيرا .
وبعد :
الخواطر تتزاحم أمام ذاكرتي وعيني , وتتدافع إلى قلمي , واحتار العبد الفقير ماذا يكتب ؟
لقد أيقَظَتْ فينا كلمات فخامة الرئيس الشرعي للبلاد والعباد خلايا الإيمان المخدرة في قلوبنا ,
أسرَعْتُ لفهم مابين سطور هذا الشعار الخالد ( سجنك بيحرر وطن )
وجدته شعارا لايقل في قوته ومرونته عن شعار أهل الحق " الإسلام هو الحل " ولنا وقفات ثلاث مع الكلمات الثلاث :
الوقفة الأولى : سجن الشرفاء تحرير من الاستعباد
ولنا وقفة مع نبي الله يوسف الصديق " عليه السلام "
لقد وجَدَتْها امرأة العزيز فرصة سائغة , عندما عذرها نسوة المدينة ( ماهذا بشرا إن هذا إلا ملَك كريم ) فقالت وبكل تهديد وقسوة : " ولئن لم يفعل ماءامره ليُسْجَنَنَّ وليكوناً من الصاغرين " ونسيت كل سنين الخير , الذي كان فيه يوسف " عليه السلام " مثالا خالصا للبنوة الصادقة . لكن الشهوات لاتعرف إلا نكران الجميل . وصدق الشيخ سيد قطب " رحمه الله " عندما يصف بشاعتها بقوله : " فهو الإصرار والتبجح والتهديد والإغراء الجديد في ظل التهديد ( الظلال ص1985 )
بل وانجرف النسوة في تيارها , وتسابقن أيتهن ستكون أوْفر حظا من امرأة العزيز - هكذا تكون حسابات أهل الشهوات .
يقول الشيخ الشهيد سيد قطب " رحمه الله " : " فهن جميعا كن مشتركات في الدعوة . سواء بالقول أم بالحركات واللفتات .... وإذا هو يستنجد بربه ,
فقال يوسف ( عليه السلام ) : " قال رب السجن أحب إلىَّ مما يدعونني إليه "
وهنا أتذكر يوم الانقلاب الأسود , عندما استعرضت أمريكا عضلاتها , ومعها أكابر مجرميها ( من المجلس العسكري في مصر , وبعض المتواطئين معها من أذناب حكام بعض الدول العربية – آآآآآآآآآآسف , أقصد العبرية ) , وفاوضت الرئيس الشريف " محمد مرسي " على شهوة الكرسي - أن يكون رئيسا فاقد الصلاحية " ذليلا " أو المعاناة في السجون , فاختار ماقاله يوسف الصديق " عليه السلام " .
والنتيجة النهائية : أن الله تبارك وتعالى حفظ يوسف " عليه السلام " بمشيئته وإرادته فاختار له المكان والزمان , ولايُسأل عن فعله لأنه البر الرحيم , ولولا السجن ماتعرف عليه حاكم مصر وملكها - الذي يعمل لديه عزيز مصر وزوجته - .
ولولا السجن , ماوصل خبر يوسف للملك , ولولا السجن ماأشرف الملك بنفسه على نتيجة التحقيقات في ملف يوسف , الذي كان معطلا في القضاء سنوات طويلة , في ظل حكومة انقلابية ضعيفة تحكمها امرأة .
أنت تريد وأنا أريد والله فعال لما يريد
هكذا أراد الله ليوسف أن يُسجن , وأراد الله للملك أن تَقلِق مضجَعَه رؤيا تتكرر , وهكذا أراد الله لمن نجا من الصَّلْب أن يتذكر بعد بضع سنين , وهكذا أراد الله أن يخرج يوسف مُكَرَّما في احتفالية لم يُرَ مثلها إلى كرسي الحكم والتمكين , وحصحص الحق , واندحر الباطل بشهواته وفجوره , ونطقت امرأة العزيز – سيدة مصر الأولى – بعد أن طُرِدت من بلاط الحكم والسلطة والمُلْك , وعبَّرت عن فشلها الذريع , وانهيارها أمام الحق : " سبحان من أعز العبيد بطاعته وأذل الملوك بمعصيته "
الوقفة الثانية : سجن الشرفاء عودة للأمجاد
نعم : إنها عودة لمجد الآباء والأجداد الذين فضلوا الجوع والعطش على أن يكونوا تبعا وهملا .
الإسلام صنع أمة مستقلة , قوية في اقتصادها , في عملتها , في إدارتها , في وحدتها , والذي صنع كرامة الأمة آيتان وحديثان :
الآية الأولى : " فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون " ( الجمعة : 10 )
الآية الثانية : " وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله "
( المزمل : 20 )
الحديث الأول : " اليد العليا خير من اليد السفلى , وابدأ بمن تعول , وخير الصدقة عن ظهر غِنَى , ومن يستعفف يعفُّه الله , ومن يستغن يغنه الله " ( صحيح البخاري )
الحديث الثاني : " لأن يغدوا أحدكم فيحطب على ظهره , فيتصدق به , ويستغني عن الناس , خير له من أن يسأل رجلا أعطاه أومنعه ذلك " , وفي رواية " والله لأن يغدوا أحدكم فيحطب على ظهره فيبيعه ..." ( صحيح مسلم )
ولمَّا بدأت الأمة في أولى الخطوات الجادة نحو الاستقلالية , بعد رؤيتهم للحاكم المسلم الصادق مع نفسه وربه وأمته – ولانزكيه على الله – تفوقت عقولهم وأنتجوا , وأعانهم ربُّهم فأنزل عليهم غيثه ونتجت السنبلة الواحدة إحدى عشر ضعفا , وظهرت بوادر الخير والرغد في عام واحد , رغم تثبيط المثبطين , وقمع القامعين , وتكبيل المكبلين , وفساد القاضين , وقرصنة العسكر والإعلاميين .
الوقفة الثالثة : خطوات التحرير اكتملت وآتت أُكلها
لولا التألِّى على الله , لأقسمت بمشيئته اعتقادا لاتعليقا , ثقة لاشكا , أن طوق إحكام الحق قد ضاق جدا على رقبة الباطل , وانقطع عنهم النفس الصناعي الذي كان ممدودا لهم كالكابل الكهربائي من ملوك الفساد وأمرائهم من دول الخليج , بماكينات صهيونية أمريكية
ولن يشفع لهم أحد بعد ذلك , وسأُذَكر أحبابي وإخواني بقولي هذا عندما يفرح المؤمنون بنصر الله لهم , وفي القريب العاجل , والعاجل جدا , ولكن الله يريد منا أن نتأمل انهيارهم أما الأعين وبصورة سريعة جدا , حيث جعل الله بأسهم بينهم شديدا , وهذه أولى الخطوات التي تمت بإقالة الانقلابيين المجرمين الببلاويين , واعترافات الزوريين – نادر الفار المكار – بمشاهداتهم للأفلام , ولاأدري أفلام إلهام دستور , واللا خالد المسعور , وهذا ليس انحرافا أوجديدا عليهم , إنما الذي كان جديدا عليهم هو التَّزَيّ بزي الصالحين وليسوا منهم , ولن يُخدع المسلمون بعد ذلك , وسيعود فخامة الرئيس – إن شاء الله - في المائة يوم القادمة ونبدأ في العد التنازلي من اليوم , ( نفس المائة يوم الذي أنجز فيه وعده مع الأمة – النظافة , والرغيف , والأزمة ) والله ولي ذلك , وهو على مايشاء قدير .
---------------
إمام ومدير المركز الإسلامي بأمريكا