محمد منصور
إن حاجة الاسلام إلى صاحب الفقه الذكي؛ ثابت الرأي، سني المأرب، مثل حاجته إلى صاحب النية الصالحة؛ و لن يفيده مخلص أحمق و لا عالم مفتون؛ لذا كان من ألوياتنا في هذا الظرف الحرج صفٌ رباني منضبط.
لأن المبادئ لا تعيش، و لا تصبح واقعا حياتيا؛ إلا إذا حملها رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه؛ و لأجل هذا كان الابتلاء لمن ادَّعى الإيمان: ( الم، أحسب الناس أن يُتركوا أن يقولوا آمنا و هم لا يفتنون، و لقد فتنا الذين من قبلهم؛ فليعلمن الله الذين صدقوا؛ و ليعلمن الكاذبين )1/3 العنكبوت.
و شاءت إرادة الله ان نرث رسالةً لها معالم، و طريقاً له بداية و نهاية، و نصراً له عوامل محددة، و أسباباً معروفة، و شاءت حكمته ـ سبحانه ـ أن تكون مهمتنا عين المهمة الكبرى التي أنيطت بالنبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ و التي كان من تبعاتها ما رواه عنه أنس بن مالك رضي الله عنه:
( لقد أُوذيتُ في الله " أي: بالفعل بعد التخويف بالقول "و ما يؤذى أحد " أي: مثلي " و أُخِفتُ في الله " أ ي هُددت و تُوعدت بالتعذيب و القتل " و ما يخاف أحد؛ و لقد أتت عليَّ ثلاثون من بين يوم و ليلة و ما لي و لبلال ما يأكله ذو كبد، إلا ما يُواري إبط بلال " أي: بقدر ما يحمل تحت إبطه ").
فلقد تحمل كل أنواع التكذيب و السخرية و الإيذاء؛ فوقف الموقف الكامل، و ما زاد عن أن قال: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ).
وإذا كان بعض من لم يرتق إلى فهم هذا المعنى السامي، يرون أن ما نقوم به هو عملية انتحار جماعي، فقديما قال الحجاج لإمرأة قتل جُلَّ أهلها: " والله لأعدنَّكم عدَّا ولأحصدنَّكم حصدا " .. فقالت: " أنت تحصد والله يزرع؛ فانظر أين قدرة المخلوق من قدرة الخالق".
من أجل ذلك؛ كلنا ثقة في الله، أن الواقع الذي نعيشه سيتغير وقد بدأ .. ولكن الله أجرى الكون على سنن جارية؛ ليعمل الناس وتعمر الدنيا، لكنه يتدخل بسنن خارقة ـ أحيانا ـ ليطمئن أتباعه أنه هو القاهر فوق عباده.
لكن البداية لابد أن تكون منا؛ كما قال على عزت بيجوفيتش: ( إن كل قوة في العالم تبدأ بصمود و مصابرة معنويين، و كل هزيمة في العالم إنما تبدأ بإخفاق معنوي كذلك ).
و قد عبر الإمام البنا عن نفس المعني قائلا:
( لا تيأسوا؛ فليس اليأس من أخلاق المسلمين، و حقائق اليوم أحلام الأمس، و أحلام اليوم حقائق الغد، و لازال في الوقت متسع، و لا زالت عناصر السلامة قوية عظيمة في نفوس شعوبكم المؤمنة؛ رغم طغيان مظاهر الفساد، و الضعيف لا يظل ضعيفا طول حياته، و القوي لا تدوم قوته أبد الآبدين؛ فاستعدوا، و اعملوا اليوم؛ فقد تعجزون عن العمل غدا).
( و سنسير بخطوات ثابته إلى تمام الشوط،؛ إلى الهدف الذي وضعه الله لنا، لا الذي وضعناه لأنفسنا، و قد أعددنا لذلك إيمانا لا يتزعزع، و عملا لا يتوقف، و ثقة بالله لا تضعف، و أرواحا أسعد أيامها يوم تلقى الله شهيدة في سبيله ).
ولأن ما وقع قلما يتغير إلا بالمجهود العنيف و الدأب المخيف، نقول بملء الفم لكل ظالم يتهددنا و يتوعدنا بالحصد: أنت تحصد والله يزرع؛ فانظر أين قدرة المخلوق من قدرة الخالق"
و لأجل هذا (مكمليييييييييييييييييين).