خميس النقيب

 

الفساد  الاستبداد ، جمهورية القمع ، جمهورية الخوف ، الجمهورية الهشة  ، اوصاف للمحروسة ( الوطن الغالي )  في الاشهر القليلة الماضية ...!!  ولو شيء من العقل والحكمة لكان المسار الصحيـح ـ حتي لو كان جديد  ـ  هو سيد الموقف ،  ولما احتجنا لكل هذه الاوصاف المقيتة  ..!!  لكن الذي ادي لكل ما سبق هو وباء الغباء  الذي اجتاح معظم الساسة دون هوادة أو دراسة  الا ما رحم ربي وعصم ..!! لذلك يضاف للاوصاف السابقة بل هو سيدهم  وقائدهم  وتاج رأسهم - للاسف -   جمهورية الغباء .!  كيف ؟!! من حظر تجوال الي الطوارئ  فالارهاب مرورا بالتظاهر  ناهيك عن  وقف القنوات ومصادرة الجرائد والمجلات  وازدياد اعداد المعتقلين و المعتقلات ووقف القطارات وحظر التوكتك  والدراجات   وغيره  من القوانين الاستثنائية التي لم و تزيد الوضع الا هشاشة ولن تزيد المجتمع الا انقساما واحتقانا ..!! علما بان الارهاب الاسود - خلصنا الله منه - لازال يهز ذيله ويخرج لسانه هناك علي الحدود واسألوا اتوبيس طابا الذي اذاعت اسرائيل فيدو  للحادث متزامنا مع الاعلان عنه في قناة يهودية كما جاء في المصريون 17 فبراير ..!!  وكل هذه  القوانين متعجلة مترجلة متبرجلة هشة  لا تسمن ولا تغني من جوع ..!! والدليل الاعتصامات اليومية للعمال وغيرهم لم تحل مشاكلهم ..!!  ولاندري من وراء هذه الترسانة من القوانين العجيبة والغريبة ..!!  التوكتك مثلا يقتات عليه مستورده وبائعه ومالكه وسائقه   (اربعة أسر)  ، رغم مساوئ وسلبيات البعض منها  التي نقر بها  لكن يجب ان يتوفر البديل لكي لاتزيد البطالة والبلطجة والهشاشة ..!! 

الغباء متاصل عند الطغاة  الذين يستمرؤن قتل الابرياء ، ففرعون  كان يذبح الابناء ويستحي النساء ، حدثه  عليه غباءه في جمع السحرة ليهزم بهم الحق متمثلا يومها  في موسي  - عليه السلام – أراد أن يُسكت كلمةَ الحق، ويُطفئ نورَ الشرع لكن انقلب السحر علي الساحر  ، وأمن السحرة بربِّ موسى "  إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى "( طه:73) أما مصير فرعون  " النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ " )( غافر: 46) ،  وبِطانتَه السيئة، التي شجَّعتْه على الفساد معه في نفس السياق  " يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ "( هود: 98) .

 حتي الملوك انفسهم يلفهم الغباء لفا .. كيف ؟  في قِصَّه الملِك  والغلام، كان الغلامُ ثابتا ذو نظرة عالية  ، وكان الملك غبيا ذو نظرة دونية : وكانتْ ثمرةُ الثبات  إيمانَ أهْل القرية وثباتَهم على الحقِّ ، حيث برزت قوةالإيمان، ضدَّ الظُّلم والطغيان ..!!  كيف ؟ في القصة الصحيحة  " بعد ثبات الراهب وجليس الملك علي دينهما رغم نشرهما بالمناشير  ، جِيءَ بِالْغُلَامِ فَقِيلَ لَهُ ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ فَأَبَى فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ اذْهَبُوا بِهِ إِلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا فَاصْعَدُوا بِهِ الْجَبَلَ فَإِذَا بَلَغْتُمْ ذُرْوَتَهُ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإِلَّا فَاطْرَحُوهُ فَذَهَبُوا بِهِ فَصَعِدُوا بِهِ الْجَبَلَ فَقَالَ اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ فَرَجَفَ بِهِمْ الْجَبَلُ فَسَقَطُوا وَجَاءَ يَمْشِي إِلَى الْمَلِكِ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ قَالَ كَفَانِيهِمُ اللَّهُ فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ اذْهَبُوا بِهِ فَاحْمِلُوهُ فِي قُرْقُورٍ وَتَوَسَّطُوا بِهِ الْبَحْرَ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإِلَّا فَاقْذِفُوهُ فَذَهَبُوا بِهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ فَانْكَفَأَتْ بِهِمْ السَّفِينَةُ فَغَرِقُوا.

وَجَاءَ يَمْشِي إِلَى الْمَلِكِ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ قَالَ كَفَانِيهِمُ اللَّهُ فَقَالَ لِلْمَلِكِ إِنَّكَ لَسْتَ بِقَاتِلِي حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ قَالَ وَمَا هُوَ قَالَ تَجْمَعُ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ وَتَصْلُبُنِي عَلَى جِذْعٍ ثُمَّ خُذْ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِي ثُمَّ ضَعْ السَّهْمَ فِي كَبِدِ الْقَوْسِ ثُمَّ قُلْ بِاسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْغُلَامِ ثُمَّ ارْمِنِي فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَتَلْتَنِي فَجَمَعَ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ وَصَلَبَهُ عَلَى جِذْعٍ ثُمَّ أَخَذَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ فِي كَبْدِ الْقَوْسِ ثُمَّ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْغُلَامِ ثُمَّ رَمَاهُ فَوَقَعَ السَّهْمُ فِي صُدْغِهِ فَوَضَعَ يَدَهُ فِي صُدْغِهِ فِي مَوْضِعِ السَّهْمِ فَمَاتَ فَقَالَ النَّاسُ آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ  فَأُتِيَ الْمَلِكُ فَقِيلَ لَهُ أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ قَدْ وَاللَّهِ نَزَلَ بِكَ حَذَرُكَ قَدْ آمَنَ النَّاسُ " ومع كل ذلك لم يتعلم وإنما بقي بغباءه "  فَأَمَرَ بِالْأُخْدُودِ بأَفْوَاهِ السِّكَكِ فَخُدَّتْ وَأَضْرَمَ النِّيرَانَ وَقَالَ مَنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ دِينِهِ فَأَقحْمُوهُ فِيهَا أَوْ قِيلَ لَهُ اقْتَحِمْ فَفَعَلُوا " وجاءت الاية الكبري لتطمئن اهل الحق ليثبتوا ويصبروا ويتواصوا دائما بالحق  " حَتَّى جَاءَتْ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا فَتَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا فَقَالَ لَهَا الْغُلَامُ يَا أُمَّهْ اصْبِرِي فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقّ "  

 
 
وللذين يستعذبون البطر والرياء والاستهزاء بالشرفاءويرقصون علي جثث الموتي ،   هذا ابو جهل  بعد ان نجت القافلة وقال له قومه منهم ابو سفيان هيا للعودة ولا داعي للقتال  فقد نجت القافلة الا ان غباءه  وعناده  حال  دون ذلك فخرج ومن معه  بهذه الطريقة العنجهية وصفت في القرآن  بطرا ورئاء فكان البطر والرياء والغباء  ( سببا في هلاكهم)   : لابد أن نرد بدر ننحر الجذور ونشرب الخمور ونسمع القيان وتسمع بنا العرب فلاتزال تهابنا أبد الدهر ...!!  فحمل بطرهم نهايتهم ، خمور وقيان ورقص  وما اشبه الليلة بالبارحة  ،  فكانت بدر مقبرة لهم وانتصر اهل الحق عليهم  " وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ "( آل عمران:123)

واهل الغباء خسروا بغباءهم  تأييد الشرفاء ،بعد أن  حاصروا المساجد ووقيدوا الائمة ومنعوا الصلوات  حيدوا الناس ضدهم   ، بعدما  قتلوا الركع السجود الصوامين القائمين  فكان غباءهم من جند الله ضدهم ، لعنهم القاصي والداني ، الغريب والقريب ، في الداخل والخارج ، ولازال عدم توفيق الله لهم يتنامي  حتي تخلي عنهم الحلفاء محليا واقليميا وخارجيا وبدأوا يتآكلون ..!!

 

الصورة الكاشفة للام " دهب "  التي ولدت حرية تحت الكلبشات  طارت عبر الفضائيات ، كشف ظالميها  في كل الدنيا وفضحتهم في كل العالم ومن ثم أُطلق سراحها ، لكنهم عادوا في السبوع وداهوا فرحتها من جديد وكلبشوا ضيوفها القريب والبعيد  ولم يجدوا هناك الا الشمع والغربال ...!!  

لك الله يا مصر ، بلد الألف مئذنة، ونبع الأزهر الشريف، كنانة الله في الأرض، دونتها الكتب، و حفظها التاريخ، ورددتها الأجيال، مصر التي خرجت  يوما ما جهابذة العلماء ، وعمالقة الأدباء ، وأفضل القراء... كانت مأوي الغرباء..و محضن الأشقاء ووطئي تراثها بعض الصحابة الإجلاء وثلة من الأنبياء العظماء...!!

 

أين هذا الغباء من الابداع ،  إبداع.. سيف الدين قطز ، إبداع الظاهر بيبرس  وإبداع السلطان عبد الحميد .. إبداع الخوارزمي وبن سينا .. إبداع بن الهيثم وبن النفيس.. إبداع بن خلدون والفخر الرازي..!! إبداع الغزالي و البنا وزويل غيرهم كثيرون ..!! لكن عندما تقتل الحرية  كم من مبدع عظيم ودعك يا مصر ولسان حاله يقول كما قال المهاجر من مكة إلي المدينة..(  انك لأحب بلاد الله إلي.. ولولا أن اهلك أخرجوني منك ما خرجت )  ..!! وكم من شريف عفيف غُيب.. ولسان حاله يقول (  السجن أحب إلي مما يدعونني إليه ) .. ورغم ذلك- يا بلادي الحبيبة- يتضاعف في القلب حبك ، ويعلو في الأفق صوتك ، وترتفع فوق الرؤوس والهامات قبل السواري والمؤسسات رايتك...!! فاستبدلي جلدك مع كل قطرة دم تسقط على ترابك ، واجعلي مقتك علي كل ظالم يمشي علي أرضك ..!! وحولي غضبك علي كل مستبد يطير في سماء..!!

 

إنَّ القوي بربه لا يَكيد المكائد، وإنما يُواجِه ويُناضل، ويتحدَّى وجهًا لوجه، وإنَّ الذي يَكيد ويتربَّصُ لخَصْمه؛ ليأتيَه من خلفه إنَّما هو الضعيف، وإنْ ظننتَ أنت فيه القوَّة، فكَيدُه خيرُ دليل على ضعْفِه ووهنِه، وأنَّه كلَّما ازداد كيدًاوغباء ، ازداد ضعفًا وانكسارا ، جمهورية الخوف ستتحرر حتما من الخوف ، وجمهورية الغباء  ستشفي باذن الله من هذا الوباء وتنطلق كما جاءت  في وحي السماء ..!! 

المستبِدِّون بغبائهم المتناهي  لا يَقْدرون على التحدِّي، ولا يستطيعون المواجهة، ولا يُطيقون الحوار، لذلك كلُّ مستبِدٍّ إلى زوال، وكلُّ ظالم إلى فناء، وكل باغي الي جُفاء ، و مثلَما دمر الغباء  فرعونُ ومَن معه ،  وقارون ومن شجعه ، وأبوجهل ومن نافقه ، ، سيزول – بإذن الله – كل متسلط  جبار   وتبقَى " كلمةُ الله هي العليا والله عزيز حكيم " ( التوبة : 40)

 

-------------------

[email protected]