شيرين عرفة :
"ما هو أمور بطبعه, أمور بشكله, أمور بهيأته ...
هو وسيم في شياكته وسيم في هيأته وسيم في ابتسامته .. أنا لو بإيدي أسميه الوسيم عبدالفتاح السيسي .. الحمدلله ربنا حبانا بواحد نتشرف بيه أمام الكاميرات وأمام الناس .. حاجة تفرح .. وإذا كانوا حبوه نساء مصر فبصراحة هما معذورين .. فمين بص للسيسي الجميل وماحبوش .. أنا شخصياً أذوب عشقًا وحبا فيه "
على فكرة ليس هذا بكلام فتاة تصف خطيبها ...ولا زوجة تتغزل في زوجها ...
هذا كلام القمص ( بولس عويضة) ، راعي كنيسة الزهراءـ في مؤتمر حملة كمل جميلك ..واصفا وزير الدفاع ( عبد الفتاح السيسي )
وقبل أن يفهم أحد كلامه بشكل خاطئ ...أحب أؤكد أن ( القمص ) قصده شريف , وأن هذه هي النغمة السائدة الآن التي يتحدث بها الإعلام المصري ..بشقيه الحكومي والخاص , حتى أنها تبدو هي النغمة الرسمية للدولة المصرية , فرئيس الوزراء ( حازم الببلاوي ) في لقاء صحفي على هامش مؤتمر ( دافوس ) الإقتصادي الدولي , لقاء نقلته تليفزيونات وصحف عالمية .. قال نصا :
"من يطالبون السيسي بالترشح للرئاسة ليسوا من معسكرات القوات المسلحة، لكنهم من شرائح واسعة من أبناء الشعب المصري نفسه، خاصة النساء في المقام الأول الذين يضغطون لترشيح الفريق للرئاسة لأنه رجل وسيم".
وبعيدا عن ذلك التدني وهذا العهر في الطرح ..
فإن إصرار الإعلام المصري على ترويج صورة وهمية لا تمت للواقع بصلة ..تصف الفريق ( السيسي ) بالوسامة الطاغية ..إنما هي جزء من عملية خداع كبرى وضلالات رهيبة يتم زرعها في عقول المغيبيبن والجهلاء من الشعب المصري , ومن قبلها كانت تلك الفكرة السخيفة , التي حاولت آلة الإعلام أن تروج لها في عقول ( المخنثين ) بأن ( السيسي ) (دكر ) , وهذا ما تحتاجه مصر .
"السيسي دكر ونحتاجه الآن بشدة"...يقول مصطفي بكري
"مجرد ان باسم حسس بس على السيسي الدنيا اتقلبت لأن السيسي دكر و(وقف) مع الشعب".. ( عمرو أديب ) في برنامج القاهرة اليوم .
"إحنا بلدنا عايزة دكر وراجل وبطل ومش عاوزة عملاء "..أحمد موسي ( مذيع في قناة التحرير )
"السيسي دكر وثعلب سياسة ثقيل"..الشاعر (هشام الجخ)
"لو كله زي السيسي إحنا مكناش نخاف
دايما تفكيره مبتكر والناس كلها عشقاه
وصحيح دا راجل دكر والشعب كله وراه"
( جزء من أغنية لشعبان عبد الرحيم ) .
ولأن هذا ( الدكر ) الذي خلص مصر من حكم ( الإخوان المسلمين ) ضيع هيبة الدولة و(مرمغها ) في الطين , فوجدنا الدبابات في الشوارع تحاصر متظاهرين عزل وتتراجع أمام إصرارهم وهتافاتهم اللاتي لا يملكون سواها .
وقوات الأمن بمدرعاتها تجري وراء أطفال يحملون بلالين صفراء , وقوات المظلات بالجيش تشتبك مع بنات المدينة الجامعية بالأزهر الشريف , و يوميا تعلن الدولة عن محاربتها للإرهاب وسعيها للقضاء عليه , فيقف وزير داخليتها مستعرضا عضلاته ..متباهيا بقدرته على صد أي عدوان على أقسام الشرطة , وفرحان بالجرينوف الذي يمتلكه , مهددا الجميع : ( اللي عايز يجرب يقرب ) فيتم تفجير كبرى مديريات أمن مصر وهي ( مديرية أمن القاهرة ) لتصبح سمعة الداخلية والحكومة بكاملها في الطين ... وتنهدم صورة ( السيسي ) الدكر ..القوي ..الذي تحتاجه مصر لتشعر بالأمان .. حيث لم يجن المصريون منذ شاهدوه سوى الفزع والإرهاب ..
لنجد صورة أخرى , صنعها الإعلام المضلل عنه وهو : ( السيسي ) الوسيم ..معشوق النساء .. من خلال الحديث المستمر والمتواصل عن وسامته الطاغية لإقناع الجماهير المغيبة بأكذوبة جديدة .
هي حلقة إذن من حلقات صناعة ( العجل المقدس ) , فالدولة الفاسدة و العفنة التي ثار عليها الملايين من المصريين في الخامس والعشرين من يناير 2011 م لم تسقط , ولكن فقط قطع رأسها , ويتم الآن محاولة تركيب رأس جديدة للجسد العجوز , ولأن التشوه يبدو جليا مع محاولات اللصق هذه ,
كما أن الشيخوخة والقبح تبدو فاضحة في قسمات وملامح هذه الدولة ...
تجتهد آلتها الإعلامية الخرقاء في تجميلها وتسويقها للناس ..من خلال المبالغة في وضع مساحيق التجميل , فمن ( السيسي ) الدكر إلى ( السيسي ) الوسيم , نشاهد حملة تضليل جبارة وكأنها جزء من تنويم مغناطيسي جمعي ..يستهدف صغار العقول ومحدودي الفكر والجهلاء .. حتى وصل الأمر بنا أن نشاهد فيديوهات لشباب يطوفون حول صورة السيسي الموضوعة في الأرض ويقبلونها وهم سجود , وصورة أخرى لنساء يرتدين ملابس وحقائب عليها صورة السيسي , وأخريات يتراقصن أمام لجان الإستفتاء على دستور الإنقلاب وهن يرفعن صور السيسي ويقبلنها ...
وفي الأخير ...نرى ما لا يمكن أن نتخيل حدوثه بعد ألف واربعمائة عام على شروق شمس الإسلام في مصر ....نشاهد تماثيل ( السيسي ) وهي تباع في ميدان التحرير أثناء الإحتفال بالثورة في الخامس والعشرين من يناير الماضي ,
و لم يبق لسحرة الفرعون سوى تنصيب ( السيسي ) إلها فعليا على عرش مصر ,
وللأسف .. سنجد حينها من يسجد له ويقدم له فروض الطاعة والولاء ..
ولا عجب في ذلك ..فها هم بنو إسرائيل الذين اعتادوا على رؤية أسيادهم من المصريين القدامى يعبدون العجل ( أبيس ) , ونشأوا هم في الذلة والمهانة ..حتى جبلت نفوسهم على العبودية , و تشوهت فطرتهم , و أغلقت عقولهم , فبعد أن شق الله لهم البحر , وشاهدوا عجائب قدرته , ورأو بأعينهم تسع معجزات بينات على أرض مصر , وأنقذهم الله من فرعون وجنوده , وأنجاهم من القتل والإهلاك والتعذيب , ما إن جفت أقدامهم من ماء البحر الذي رأوه فرقين كالطود العظيم , حتى عبدوا عجلا مجوفا صنعه أمام أعينهم ( السامري ) بعد أن جعل فيه فتحتين في مقدمته و مؤخرته , عند مرور الرياح منهما تخرج صوتا يشبه الخوار .
وكما نسف نبي الله ( موسى ) عليه السلام عجل بني إسرائيل , على كل حر من أحرار مصر أن يجتهد في نسف أكاذيب الإعلام المصري وتطهير وعي البسطاء من وهم ( العجل المقدس ) , فمعركتنا الحقيقية مع الإنقلاب تبدأ من تحرير العقول ..و الإرتقاء بالأنفس .
فالتاريخ يؤكد لنا دوما : أن أصحاب النفوس الذليلة و الفطرة الملتوية والعقول الصدئة ...إن لم يجدوا لهم صنما يعبدونه ...سيصنعوه ..
-----------