حازم سعيد :
أكتب هذه المقالة وجراحي تثقلني .. وآلامي تفجعني .. وفراق شهدائنا يوجع قلبي .. أيها الشهداء الأبرار .. إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا لفراقكم يا إخواني لمحزونون .. ولا نكتب أو نقول إلا ما يرضي ربنا .. إنا لله وإنا إليه راجعون ..
ثورة تاني من جديد
أثبت الثوار الأحرار اليوم 25 يناير 2014 تميزهم ونجاحهم وقدرتهم على استعادة ثورتهم بمجموعة من الشواهد والتصرفات : بتوحدهم وعدم الخوض في الخلافات ومجالاتها ، بتنوع أطيافهم واتجاهاتهم ، بصمودهم وثباتهم ضد الرصاص الحي ، بالإصرار على السلمية المفجعة للسيسي الخائن وأعوانه ، بتقديمهم للشهداء الواحد تلو الآخر ، بانتشارهم في كل أرجاء مصر ، بحشودهم الميلونية الهادرة التي ملأت كل الشوارع والميادين .
لقد استعاد الأحرار اليوم السبت 25 يناير 2014 رسمياً ثورتهم ، وأعلنوها مدوية بداية جادة وحقيقية لموجة جديدة من موجات ثورتنا التي لا محيص عنها ، والتي لا فكاك عن الاستمرار فيها .
لقد جرنا الظالمون إلى الخانة الصفرية ، نحن أو هم ، نكون أو لا نكون .. أما نحن فجموع الشعب المصري الحر الأبي وخاصة الشباب الذين يطمحون في مستقبل بناء ومثمر لبلدنا مصر ، وأما هم فمجموعة المستفيدين من السرقة واللصوصية والنهب المنظم لمصر ، ومعهم مجموعة العواجيز المكحكحين الذين عاشوا عمرهم كله عبيداً لعبد الناصر والسادات ومبارك ثم هم يصممون على أن تعيش الأجيال القادمة عبيداً كما عاشوا !
وهيهات ، فإن الشباب الذين هم وقود الثورة وعمادها ماضون مصممون يتسمون بمجموعة من الصفات لا يفقهها هؤلاء العبيد ، لا عودة لنا أيها العبيد من الشوارع والميادين إلا بإحدى الحسنيين رحيلكم ومحاكمتكم وإعدامكم ، أو الشهادة .. وكلاهما نحبه ونرضاه ، وما يختاره الله لنا منهما فهو الخير كله نرضى به ونتمناه .
السيسي ونظرية الشر المطلق
أما أول ما يلفت نظري ويجول بخاطري من المشهد فهو كم الشر الذي يتمتع به الخائن السيسي والذي أتخيل أنه به أقدر وأكثر شراً من إبليس ، وأن إبليس يتتلمذ عليه ، ولقد كنت عندما أشاهد أفلام السينما المصرية ويأتون بممثل من نوعية محمود المليجي أو فريد شوقي أو زكي رستم ويصورونه على أنه الشرير ، كنت أحدث نفسي أنها مبالغات ، وأنه لا يعقل أن يتمتع إنسان بهذا القدر من الشر .
وبعد أن سرت في هذا الطريق المبارك مع إخواني الإسلاميين ، كنت أقول أنه حتى أبو جهل كان به بعض الخير حين رفض أن يقتحم الكفار بيت النبوة ليلة الهجرة حتى لا يتحدث العرب أنه فزع بنات محمد صلى الله عليه وسلم ، وعندما اعتذر للسيدة أسماء بنت الصديق رضي الله عنها وعن أبيها ورجاها أن تكتمها عنه .
حتى أبو لهب خفف عنه بعض من عذاب جهنم بجارية عتقها حين بشر بمولد النبي صلى الله عليه وسلم ، وكنت أقول أن كل إنسان ينطوي على خير وشر يغلب أحدهما الآخر ولكن يبقى معه مسحة من الثاني ...
أحسب – وأكتب هذا بكل روية ومنطق وعقل وبعد عن العاطفة التي تجعلني أكره الشيطان السيسي – أقول أحسب أن السيسي يخرج عن هذه المعادلة ، ومن يتدبر حاله منذ الانقلاب وحتى الآن يعلم أنه لا يوجد فيه أي خير ، إنما هو الشر المطلق .
خيانة عهد – كذب – نفاق – غل – سرقة – تمكين للفاسدين المفسدين – انتهاك حرمات – سفك دماء بالآلاف – إفساد الجيش – إفساد الشرطة – التسبب في جعل اآلاف المؤلفة من الجيش والشرطة بغاة ومجرمين وقطاع طرق وقتلة – تلون وتمثيل وخداع ..
هذا الأفاك الخائن بعد كل هذه الجرائم تراه ( سهتان – عواطف ) يمثل تمثيلاً مبهراً ، ويقوم بتأليف وتمثيل وإخراج فيلم هندي رائع يخدع به السذج من العبيد ، ولكنه لا ينطلي على الأخيار والثوار .. ولن يهدأ لنا بال ولن يرقأ لنا جفن أيها الأفاك الشرير إلا وأنت معلق على الخشب المسندة في الطرقات يقطع لحمك قطعة قطعة .. وإن غداً لموعدنا .. أليس الصبح بقريب .
الأصفار ( العبيد والفلول ) حين يحتفلون
من أعجب العجب هذه الاحتفاليات التي ينظمها اليوم الأصفار ( عبيد السيسي والفلول ) بثورة 25 يناير ، في مشهد عبثي شديد الهزلية ، حيث يحتفل من قامت الثورة ضدهم بالثورة .. وما هذا إلا ( تطليع ) لسان لنا ، وكأنهم يقولون لنا قضينا على ثورتكم ونخرج نحتفل بالقضاء عليها .. بئساً للأصفار الذين لا يفهمون شيئاً ، ولا يساوون في المعادلة إلا صفر ، ثم هم يخرجون ويصيحون بحقارة وغباوة احتفالاً لأسيادهم .. ما ذلك إلا عشقاً منهم للعبودية ..
وهم حقاً عبيد .. ووصلت العبودية منهم إلى أن يصنعوا تماثيل للسيسي ، هكذا يعودون بنا إلى الجاهلية على أصولها ليعودوا لنا بالسيسي التمثال والصنم ، فهم حقاً عبيد .
أيضاً من العجب حوادث التحرش الجنسي والسرقة والبلطجة والخناقات بالسنج التي شهدتها احتفالياتهم بالتحرير .
كذلك اعتقال الأطفال من المسيرات والمظاهرات المناهضة للانقلاب ، أي زمن هذا الذي يتفرعن فيه ضابط شرطة في الثلاثينات والأربعينات على طفل في الحادية عشر أو الثانية عشر ... أي هزل تاريخي هذا ؟! إنها المأساة بعينها .
الطريق من هنا
أما نحن الأحرار الصامدون الثائرون ، فطريقنا يبدأ من مرضاة الله سبحانه ، فالله غايتنا ، نسترضيه ونستهديه ونحمده ونرضى بقضائه ، ونذكره ، ونشكره ، ونعلم أن ما يقدره لنا هو الخير .
ثم نحن نصمد على الطريق ، ودربنا درب الأنبياء ، وما جاء أحد بمثل ما اتبعنا عليه نبينا صلى الله عليه وسلم إلا عودي وأخرجه قومه وانتهكوه ، فطريقنا طريق الأنبياء ، وسنظل مجاهدين صامدين ثابتين ، لا يضرنا اصطفاء شهيد منا فهو التكريم بعينه وهو الاجتباء .
ولا تضرنا الإصابات ولا الجراحات فهي وقود لنا في الطريق تزداد بها عزمتنا وتقوى بها إرادتنا .
أيها الأحرار الذين قدموا ملحمة صمود وبطولة اليوم 25 يناير 2014 ، هنيئاً لكم صمودكم وثباتكم المعجز والذي يحير كلاب الانقلاب من الخائن السيسي إلى الخائن محمد إبراهيم إلى أذنابهم من الجيش والشرطة .. وإن النصر لكم فاصمدوا .. والنصر صبر ساعة ..
ومن يضحك أخيراً .. يضحك كثيراً .. أيها الثائرون .. ستضحكون إن شاء الله ههنا في الدنيا ثم هناك عند المليك المقتدر .. وما ذلك على الله بعزيز .
--------------