حازم سعيد :
أصلاً ، الانقلاب لن يستمر ، فكيف تستمر الاعتقالات والقبضة الأمنية ... تلك هي أول نقطة بديهية في الموضوع ، وليس هذا تغييباً للعقول ، ولا إفراطاً في الأمل ، بل هو يقين كما نرى الشمس المشرقة ، هذه حقيقة واضحة أراها بعين البصيرة والفراسة ، وكما يتفاوت الناس في سرعة الفهم والإدراك ، فإنهم يتفاوتون كذلك في سرعة رؤية ملامح المستقبل من وراء الحجب ببشارات وعلامات واضحة .
واقعة مقتل اللواء فراج ومحاولة اتخاذها تكأة لاستمرار الحرب على الإرهاب ( المزعوم ) ، وزيادة القبضة الأمنية والاعتقالات اليومية والتي طالت - في سخف بالغ - تلاميذ المرحلة الثانوية والإعدادية ، يظن الطغاة الانقلابيون أنها سوف تقضي على ثورتنا ، وما يعلمون أن كل اعتقال وكل حماقة يرتكبونها ، ما هي إلا نذير بمرحلة تصعيد ثوري جديد ، وأن ثورتنا لن تخمد ولن تنطفئ بل هي في اتقاد كل يوم .
ويسألونك متى هو ؟
الآن أرى ملامح النصر القريب ، ومع كل تجبر وتكبر وجريمة يرتكبها الطغاة الجناة أعلم أنه النصر الموشك القريب ، والانقلابيون يرتكبون جرائم العصور السابقة كلها دفعة واحدة بتعجل وتهور ، بل ويزيدون ويطففون ، لقد كنا نعد جرائم عبد الناصر وتعذيبه الوحشي للمعتقلين بالسجون الحربية والذي كان يسفر في المرة عن ع شرة شهداء ، أما الآن فمذابح العسكر المتهورين تتجاوز الآلاف في المرة الواحدة .
تكميم الأفواه الذي كان يأتي بالتدريج على دفعات زمنية متباعدة وبقوانين وتشريعات ، الآن يصنعها الانقلابيون دفعة واحدة وفي أسرع من ثانية .
كذلك - إن شاء الله - نصر الله القريب الذي كان يأخذ مع نظرائهم سنوات ( هي قصيرة في عمر صناعة الأمم والشعوب ) سوف يأخذ أياماً ، وإن طال فستكون أسابيع أو شهور .
ماذا يفعل أعدائي بي ؟
ويبقى السؤال : هل تؤثر القبضة الأمنية والاعتقالات والتي طالت تلاميذ المدارس الإعدادية في سخفٍ بالغ ، وتغيير شديد في عقيدة الجيش المصري ، وإجرام للداخلية فاق كل التوقعات ، والذي وصل بالموضوع لاعتقال تلاميذ الإعدادي والثانوي ! هل تؤثر القبضة الأمنية والاعتقالات في معنويات الثوار ؟ أو تطفئ جذوة الثورة التي سرت في نفوس المصريين ؟
الإجابة تأتيك من هناك ، من بعيد قريب ، بعيد من حيث الزمن ، قريب لأنه داخل القلوب ، شيخ الإسلام ابن تيمية : ماذا يصنع أعدائي بي ؟ أنا جنتي وبستاني في صدري ، سجني خلوة ، قتلي شهادة ، إخراجي من بلدي سياحة .
ما ظنكم بمن تربوا على هذا المعني وسار عقيدة راسخة في قلوبهم ، نحن قلوب موصولة بالله سبحانه ، طالما فينا قلب يشكر ولسان يذكر فما قيمة ما يفعله بنا أعداؤنا ؟
أوليست غايتنا مرضاة ربنا سبحانه ؟ وربنا حاضر لا يغيب ، شاهد لا يغفل ، حي قيوم لا تأخذه سنة ولا نوم ، شديد العقاب ذي الطول ، أخذه أليم شديد ، فما الذي يضيرنا أو يؤرقنا ؟ لا شئ . نعم لا شئ .
لن تؤثر القبضة الأمنية أو الاعتقالات على ثورتنا قيد أنملة ، خاصة ونحن نرى هذه الأصفاد والأغلال والحديد جزء من الدنيا التي لا تساوي عند الله جناح بعوضة ، ولو شاء ربك ما فعلوه ، إنها حكمة الله التي اقتضت هذه المنحة المربية لأجيال سوف تعتاد المواجهة ، وتستطيع القيام بأعباء الخلافة الراشدة ، شاء الطغاة أم أبوا . وهو حلمه على الطغاة الذين يمهلهم ثم يمهلهم ثم يحلم عليهم ثم إذا شاء أخذهم أخذ عزيز مقتدر ولم يفلتهم . ( إن الله يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ) .
والأيام وتجارب العصور تدلك على هذا ، ما افترى الطغاة أو تجبروا يوماً ما إلا وانكسروا بعدها ، وكما بالمثل المصري العامي : بكرة الأيام تدور يا بدور .
سل الأيام والتاريخ عن فرعون موسى وكيف هلك ، وأبقى الله لنا جسده عبرة وعظة ، وسل الأيام والتاريخ عن أبي جهل وأبي لهب ، وسلهما عن أمثال هتلر وموسوليني ، وسلهما عن عبد الناصر والسادات ومبارك ، وسلهما عن كل هالك غابر ، سيجيبك التاريخ ، هلكوا وبقيت الفئة المؤمنة ، وبقي الثابتون الصامدون ، وبقي الإخوان .
نظرة للأسباب المادية
والذي يصمم الأغبياء الانقلابيون على تغافله هو أن الثورة ليست ملكاً للإخوان ، وأن طوائف الشعب المصري كلها قد انخرطت فيها ، وأن أجيالاً شابة كثيرة كسرت حاجز الخوف منذ 25 يناير ، وهي أغلبية من يقود الحراك الثوري .
وأن الجيل الجديد لم يعد كما كانوا هم وكما تربوا ، على القهر والعبودية والذل ، إن الجيل الجديد يدرك قيمة الحرية ومعناها ، ويتعشق الجهاد من أجلها .
هذا الجيل الذي أشعل حراك ( المرحومة 25 يناير ) ، الآن يقود نضالاً جديداً ضد الانقلابيين الخائنين ، الذين هم مزيج من كارهي الإسلام مع فلول الوطني مع أغبياء حزب الزور والظلام .
طلاب الجامعات وتلاميذ الثانوي والإعدادي ، قدموا لنا نماذج فذة في يوم واحد فقط ، كان هو بداية العام الدراسي ، في مختلف مدارس وجامعات مصر ، ليروا الانقلابيين أنهم لن يستطيعوا أن يحكموا ، وأن عليهم أن يوجدوا لهم بلداً آخر ليحكموه ، فما عاد هذا زمان الافتئات على الشرعية ، لم يعد هذا عصر الانقلابات وسرقة الأوطان .
ولسوف يرى الانقلابيون تصعيداً ثورياً في الأيام القادمة يشل مفاصلهم ويقضي على انقلابهم ، ويسئولنك متى هو ؟ قل عسى أن يكون قريباً . وهو قريب إن شاء الله .
سبب مادي آخر هو الجانب الاقتصادي ، والتردي المذهل في الأوضاع المعيشية الذي تعاني منه البلاد ، والذي يعجز الانقلابيون عن التعامل معه ، ولا يمكن أبداً لأي كيان أن يقوم به ، والمساعدات الخليجية لن تدوم ، ولا يمكن أن تدوم خاصة مع الحماقات المتتالية التي يرتكبها الانقلابيون ، وآخرها تصريحات الطرطور عن الكويت والتي تهدد بتوقف دعم أحد أهم محاور تأييد الانقلاب ، وسوف توقفه .
إن الوضع الاقتصادي الذي خلفه لنا المخلوع في مصر يعجز أي أحد أو كيان عن علاجه ، ولقد كنا نمكث عشرات الساعات في وضع حلول للأوضاع ، وعندنا مناهج وأسس وتصور للحل ، وكنا نكد ونتعب ونرهق وأحياناً نشك في إمكانية الحل ، فما بالك بالعواجيز ( المهكعين ) الذين أتى بهم الخائن الفاشل السيسي من مقابر التاريخ ليقودوا بلداً منكوبة ويسيروا بها نحو المستقبل ، وهم من شاركوا في تخريبها من قبل وعجزوا عن أي حلول ، وهم بلا أجندة ولا رؤية ... هيهات هيهات .
عمر الأمن ما قوم دولة
إن الحلول الأمنية لم تعد تجدي في هذا الزمان ، الخسف والعسف يزيدان الفكرة ويشعلانها ويجعلانها تتقد ، القهر الأمني يولد ثارات عصبية وقبلية يتغافل عنها الأغبياء .
كل شهيد بطل ، وكل معتقل حسن السيرة وسط أهله وجيرانه ، يحيد من كان متعصباً ضد ثورتنا ، حيث يقول لنفسه : وهل فلان هذا إرهابي ؟ إنها بمثابة صدمة الإفاقة لأمثاله ، ويأتي لنا بالسلبي من الناس ، حيث يحدث ذاته : كيف لهذا الملاك أن يكون إرهابي ؟ كيف قتلوا هذا ، أو اعتقلوا ذاك .
أما المتعاطف فلا أحدثك .... إنها الثارات والغضبات والفورات ، عائلات وعشائر كاملة تنضم للثورة ، وتوصل رسالة قاطعة أن الانقلابيين إلى زوال ، خاصة مع تخبطهم وحماقتهم وفشلهم المتتالي .
كبسولات :
1. يبدو أن حزب النور ( أو حزب الزور والضرار ) يصر على أن يرتكب من الحماقات والنفاق والولاء للخونة والبراء من الصالحين ما يجعله جديراً بالكتابة الساخرة والنقد اللاذع تحذيراً من شر أدعياء التدين ، حاملي النصوص ( وليسوا بعلماء وفقهاء ) ، فرب حامل فقه ليس بفقيه ، وهكذا هم ، يحملون نصوصاً ويلوون أعناق الشريعة ليبرروا مواقفهم السياسية الفاشلة ، إنهم مجموعة من الانتهازيين حملوا نصوصاً من الشريعة يلوونها ليبرروا بها جهلهم وحماقتهم فسحقاً لهم . ( ولعل المقالة القادمة تتناول بعض حماقاتهم إن شاء الله ، ثم إن كان في العمر بقية وإن رزقنا الحرية لنكتب ) .
2. لماذا قتل الخائن السيسي اللواء فراج ؟!!! وهل يأتي الدور عليكم ؟ سؤال للمخابرات وجهابذة الشرطة وأمن الدولة ( أو الأمن الوطني ) الذين يقرؤون هذا المقال ، متى ستفكرون ؟
------------